تقع منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم في وسط الأراضي الأوراسية ، لتجاور ثماني دول هي روسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وباكستان ومنغوليا والهند وأفغانستان. وقد كانت المنطقة عبر التاريخ ممرا مهما لطريق الحرير القديم.
أما اليوم؛ فإنها تحتل موقعا استراتيجيا هاما في بناء "الحزام والطريق" الذي سيتيح لهذه المنطقة الواسعة مزيدا من الفرص لتنشيط تجارتها وخاصة تنمية صناعة الخدمات اللوجستية فيها.
ففي نهاية شهر مارس من عام 2015، أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ، ووزارة الخارجية، ووزارة التجارة الصينية، ملف ((الرؤية والتحرك لدفع التشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين))، حيث وصف منطقة شينجيانغ بأنها "منطقة مفتاحية" على الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، كما أشار إلى أهمية "توظيف ميزة شينجيانغ الجغرافية الفريدة ودورها كنافذة هامة للانفتاح على الدول الواقعة في غرب الصين من أجل تعميق التبادل والتعاون مع دول آسيا الوسطى وجنوبي آسيا وغربي آسيا وتشكيل مركز هام للمواصلات والتجارة واللوجستيات والثقافة والعلوم والتعليم في الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وجعلها منطقة محورية للحزام".
وحول هذا قال خبير إيراني في ندوة استراتيجية تنمية الخدمات اللوجستية الحديثة بمنطقة شينجيانغ والتي انعقدت في 23 سبتمبر الجاري في مدينة كورلا، قال: "تلعب الخدمات اللوجستية دورا حاسما في تنمية التجارة، إذ يمكن القول إن الازدهار الاقتصادي الصيني لا يستغني عن اهتمام الصين البالغ ببناء الطرق وتطوير المواصلات."
لقد أقامت منطقة شينجيانغ آلية مواصلات وطرق متصلة بكازاخستان وطاجكستان، كما سيّرت قطارات الشحن من مدينة أورومتشي إلى كازاخستان وتركيا وجورجيا. وبفضل ذلك، أصبحت مدة توصيل البضائع من المناطق الداخلية في الصين إلى أوروبا 16 يوما فقط ، ما وفر أكثر من نصف المسافة التي يقطعها الشحن البحري. كما تم تسيير 107 خطوط دولية بين منطقة شينجيانغ والدول المجاورة، ما شكل 43 بالمائة من إجمالي خطوط الطرق الدولية الصينية. ففي عام 2009، بلغ إجمالي واردات وصادرات شينجيانغ 13.828 مليار دولار أمريكي، وازداد الرقم إلى 27.669 مليار دولار أمريكي في عام 2014، حيث تضاعف مقارنة مع ما كان عليه قبل خمس سنوات، ما يدل على أن المنطقة أصبحت أبرز ممر لبناء "الحزام والطريق" ومنطقة محورية فيه، كما أن من المتوقع أن تستمر متطلبات النقل في التزايد مستقبلا .
تقع مدينة كورلا في وسط منطقة شينجيانغ. ونظرا لموقعها المحوري في المواصلات، فإنها تعتبر نافذة لبناء "الحزام والطريق"، وهذا ما أكد عليه لي مينغ يوان، رئيس مجلس إدارة مجموعة يوان جينغ المحدودة حيث قال:" تبني كورلا حاليا مجمعا دوليا للخدمات اللوجستية تبلغ مساحته مليون ومئة ألف متر مربع، ومن المتوقع اكتمال بنائه بعد 10 سنوات، حيث يتكون من 5 مناطق تشمل مناطق تجارة السلع المخزنة، واللوجستيات الدولية، والمخازن الرئيسية للشركات الدولية، والتجارة الإلكترونية ، ولوجستيات سلاسل التبريد للمنتجات الزراعية، وذلك في مسعى لتخفيض التكاليف بهدف استقطاب السلع المخزنة من كل بقاع العالم.
وأشار الخبراء في الندوة إلى أن بناء المجمع الدولي للخدمات اللوجستية في كورلا سيساهم في توظيف ميزتها في قطاع النقل واللوجستيات الموجهة ل"الحزام الاقتصادي لطريق الحرير".
من جانبه قال تشاو شي جون، الباحث في مجلس أبحاث العصرنة التابع لأكاديمية العلوم الصينية، قال إن المجمع يربط بين "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري"، ما يجذب السلع المخزنة من شرقي الصين ووسطها إلى كورلا لإيصال ونقل البضائع إلى أراضي أوراسيا عن طريق ميناء جوادر في الساحل الباكستاني الجنوبي الغربي.
بدوره أضاف هي جون وي، مندوب وزارة الزراعة الصينية، ان شينجيانغ منطقة زراعية ، ولذلك فإن من شأن وجود مجمع خاص أن يسهم في بناء سلاسل التبريد ويقلل من خسارة المنتجات الزراعية عند نقلها، الأمر الذي يدفع عملية تحويل شينجيانغ من منطقة زراعية إلى منطقة تجارية.
من ناحية أخرى، أشار هي دينغ تساي، نائب رئيس اتحاد اللوجستيات والمشتريات الصيني إلى أن الميزة الجغرافية لا تساوي الميزة الاقتصادية ، الأمر الذي يفرض على كورلا القيام بتحليل جدي للحاجات اللوجستية بما فيها حاجات السكان وحاجات الصناعات وحاجات نقل السلع.
أما جيانغ شياو فاي، المستشارة البارزة في بنك التنمية الآسيوي فقد قالت إن بناء "الحزام والطريق" يجلب مزيدا من الفرص إلى منطقة شينجيانغ، وبالخصوص إلى مدينة كورلا، إلا أن عليها في ذات الوقت الاهتمام برفع المستوى اللوجستي وتحسين منشآت المواصلات والنقل الأساسية وإعداد الأكفياء وتوظيف الكفاءات من الخارج.