بقلم/ لي بانغ يو، باحث في معهد الصين المعاصرة بجامعة شنجن
يبدو أن سنغافورة تلعب دورا " غير ودي" في الاونة الاخيرة. حيث أن انتقاد سنغافورة للصين بعد التوافق الذي توصل اليه وزير الخارجية الصينية مع سلطنة بروناي وكمبوديا ولاوس على ابع نقاط في ابريل هذا العام، خطوة قد تؤثر على العلاقات بين الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا. وأصدرت سنغافورة بيانا منفردا ذي موقف انحيازي بعد اجتماع وزراء خارجية آسيان في شهر يونيو من هذا العام. كما أصدرت سنغافورة بيانا بقبول واضح لنتائج التحكيم في قضية بحر الصين الجنوبي في يوليو هذا العام. وفي اغسطس، دعا لي هسين لونغ رئيس وزراء حكومة سنغافورة خلال زيارته لأمريكا، الدول المعنية عن ضرورة الاحترام لنتائج التحكيم حول بحر الصين الجنوبي. وقام لي هسين لونغ مؤخرا بزيارة اليابان استغرقت اربع ايام، تحدثت الكثير من وسائل الاعلام اليابانية عن مناقشة الطرفين خطة شاملة لبناء خط للسكك الحديدية عالية بين سنغافورة وماليزيا، وقضية بحر الصين الجنوبي ، في حين أن هذه المواضيع ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصالح الوطنية للصين.
باتت مواقف سنغافورة غريبة ومثيرة للاهتمام حقا بشأن قضية بحر الصين الجنوبي في الوقت الذي تعمل الفلبين وفيتنام وغيرها من الدول المعنية ذات الصلة تبريد تاثير قضية التحكيم حول بحر الصين الجنوبي. وشهدت التجارة بين الصين وسنغافورة في السنوات الأخيرة توسعا سريعا وأصبحت التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين الاكبر في مجموعة دول الاعضاء في آسيان، وفي عام 2013، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لسنغافورة ايضا . فما هو الهدف من المواقف الغريبة التي تريد سنغافورة ترويجها بشأن قضية بحر الصين الجنوبي؟
وقال لي يوانلي ، رئيس مركز دراسات السنغافورة بجامعة شنجن ، لمراسل صحيفة الشعب اليومية ، أن السبب وراء المواقف الغريبة لسنغافورة، يعود أولا، الى التفكير في المصلحة الوطنية، حيث تنظر سنغافورة الى المجتمع الدولي بنظرة السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة وأن الاخيرة تأكل الربيان ، وأن سنغافورة أصغر الربيان.وفي ظل هذه الفكرة، فإن سنغافورة تريد ان تحافظ على بقائها على قيد الحياة، من الضرورة أن تجد "سمكة كبيرة" لحمايتها، وتعتبر الولايات المتحدة أمثل سمكة كبيرة بالنسبة الى سنغافورة. من ناحية، تعتبر الولايات المتحدة الامريكية القوة الاولى في العالم اليوم. ومن ناحية اخرى، تاريخ التبادلات بين البلدين طويل نوعا ما، حيث يصادف هذا العام الذكرى الخمسين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، والنظام السياسي والاقتصادي وغيرها من الانظمة الاخرى في سنغافورة قريب نسبيا الى الولايات المتحدة الامريكية، لذلك، فإنه بالنسبة لسنغافورة التقارب من امريكا اكثر راحة. كما يساهم موقف سنغافورة في قضية بحر الصين الجنوبي في دفع استراتيجية أمريكية "اعادة التوازن الاستراتيجي في آسيا والمحيط الهادئ"، ومن ثم يكسب الحماية الامريكية.
بالرغم من أن سنغافورة هي دولة صغيرة قائمة على المغتربيين الصينيين، لكن دائما ما تعتبر نفسها متعددة الاعراق، لانها تقع بين اندونيسيا وماليزيا أكبر بلدين اسلاميين، ينبغي ايلاء الاهتمام الى الاعراق المتعددة. وأن السعي للتعاون بين دول جنوب شرق آسيا للمحافظة على وحدتها، ويكون دورها اكبر في الشؤون الاقليمية هو مبدأ من مبادئ السياسة الخارجية لسنغافورة باعتبارها عضو مهم في الرابطة. وان اتخاذ سنغافورة موقف العدو للصين في قضية بحر الصين الجنوبي يهدف تقوية وضعها وعدم تهميشها داخل رابطة دول جنوب شرق آسيا ، والحفاظ على بقائها.
ثانيا، اهتمام سنغافورة باظهار مواقفها في الشؤون الدولية. وقد أعلن ذلك رئيس وزراء سنغافورة لي كوان يو في وقت مبكر من التسعينيات، حين دعا الى ضرورة اظهار سنغافورة مواقفها وإلا سوف تفقد مكانتها الدولية. وبالنسبة لقضية بحر الصين الجنوبي، تسعى سنغافورة الى أن تكون القائد الفعلي لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، لتجسيد مكانة سنغافورة الدولية.
أن سلسلة التصريحات التي اعلنت عنها سنغافورة بشأن قضية بحر الصين الجنوبي ستضر بالعلاقات بين الصين وسنغافورة، ولكن ينبغي استعراض فترة قريبة من تاريخ العلاقات بين البلدين، الصين أكبر شريك تجاري لسنغافورة منذ عام 2013، كما أن سنغافورة اكبر شريك تجاري للصين داخل رابطة امم جنوب شرق آسيا. كما أن سنغافورة تلعب دورا هاما في دفع استراتيجية " الحزام والطريق". وعلاوة على ذلك، التعاون الاقتصادي بين البلدين في المنطقة، له علاقة وثيقة بالمفاوضات حول المركز الاقليمي للتخطيط التربوي. وأن الاقتصاد من أولويات السياسة الخارجية لسنغافورة، والعلاقات الاقتصادية والتجارية الوثيقة بين الصين وسنغافورة ، قد تحافظ نسبيا على عدم تدهور العلاقات بين البلدين. كما تنتهج سنغافورة دائما استراتيجية " توازن القوى" ، مما يجعلها تدعو الى الحفاظ على الوضع المتوازن الاستراتيجي بين امريكا والصين واليابان والهند في أسيا والمحيط الهادئ. وسنغافورة لن تنضم الى حلفاء القوى الكبرى، وينبغي علينا النظر في كيفية التوازن بين الدول الكبرى.