يتصاعد خطر احتدام الأعمال العدائية في سوريا وسط ازدياد حدة التوتر بين روسيا والولايات المتحدة بسبب فشل اتفاق هدنة كان من المتوقع أن يحسن الوضع في البلاد التي تعصف بها الحرب.
في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت موسكو وواشنطن إنهما توسطتا في اتفاق تاريخي لوقف إطلاق النار في عموم البلاد في سوريا، والذي كان يأمل كلا الجانبين بأن يؤدي إلى إقامة تعاون العسكري ما بين بلديهما لإنهاء إراقة الدماء المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.
ومع ذلك، فقد استؤنف تبادل إطلاق النار في الساعات الأولى بعد انتهاء الهدنة التي دامت أسبوعا في 19 سبتمبر، وسط قيام الجانبين بتبادل الاتهامات حول المسؤولية عن الفشل في تنفيذ الاتفاق.
وألقت موسكو باللوم على واشنطن لتوجيه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية ضد القوات الحكومية السورية، قائلة إن هذه الخطوة انتهكت الاتفاق الثنائي، في حين تصر واشنطن على أن تخضع موسكو للمساءلة حول تعرض قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة في سوريا للقصف، وهو اتهام نفاه الكرملين.
وقال فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة (روسيا في الشؤون العالمية)، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "روسيا والولايات المتحدة قد وصلتا إلى طريق مسدود حول تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، نظرا لتعقيداته ونقص الثقة بين المشاركين".
وقد تأججت حدة المشاحنة بين القوتين يوم الأربعاء، حينما هددت الولايات المتحدة بتعليق التعاون مع روسيا إذا ما استمرت القوات السورية المدعومة من موسكو بقصف المعارضة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي يوم الأربعاء إنه "إذا ما استمرت الحرب الأهلية في سوريا، فإن المتطرفين قد يقوموا بمهاجمة المصالح الروسية وربما حتى المدن الروسية".
من جهته، ردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بقولها "لا يمكننا اعتبار هذه التصريحات مثل أي شيء آخر، بل أنها أشبه ما تكون بالإيعازات".
واعتبرت وزارة الدفاع الروسية تحذيرات كيربي بأنها "اعتراف من الجانب الأمريكي بأن المعارضة التي يزعم بأنها تشارك في حرب أهلية في سوريا ما هي إلا مجموعة إرهابية دولية تسيطر عليها الولايات المتحدة".
وتجادل موسكو بأن الولايات المتحدة، التي تتولى مسؤولية الفصل بين ما يسمى المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين، قد فشلت في الوفاء بوعدها.
وأعرب لوكيانوف عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة نفسها لديها فكرة صغيرة إزاء من يمثل المعارضة المعتدلة في سوريا.
وقال إن "تسوية الصراعات المعقدة مثل الصراع السوري يحتاج إلى إعداد متعمق ومفصل جدا مع تعريفات صارمة لمسؤوليات المشاركين، ودرجة عالية من الثقة المتبادلة"، مضيفا أن "الثقة بين روسيا والولايات المتحدة ليست متدنية فحسب، بل معدومة عمليا".
وأشار إلى أن فوق ذلك كله، فإن الجانب الأمريكي منقسم بشكل جلي بين إدارة الخارجية والرئيس باراك أوباما، المستعدين لتحقيق بعض التقدم، وبين وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، التي ليس لديها أية نية للتعاون مع نظيرتها الروسية.
وإحدى الدلائل على ذلك إحجام واشنطن عن نشر نصوص الاتفاق الذي توصلت إليه مع موسكو.
وقال لوكيانوف إنه "باعتبار أن إدارة أوباما تعرضت لانتقادات حادة لما تردد عن تقديم تنازلات لموسكو، فإن الكشف عن أي اتفاق مع روسيا من شأنه أن يؤدي إلى موجة انتقادات أخرى من المعارضين".
وأضاف أنه في ظل الظروف الحالية، فإنه من المتوقع أن تندلع موجة جديدة من العدائية تجاه روسيا لزيادة وجودها في سوريا، وارتفاع الدعم الخارجي للمعارضة السورية، ومحاولة الجيش السوري تكثيف عملياته".
وخلص إلى أنه قد يحدث تغيير في الوضع فيما إذا حقق الجيش السوري "بعض الانتصارات العظيمة"، أو في حال استنفدت الأطراف الوسائل العسكرية وبدأت السعي لإجراء محادثات جديدة.