بكين 19 يوليو 2016 / يعد التحكيم في نزاع بحر الصين الجنوبي الذى طالبت به الحكومة الفلبينية السابقة من جانب واحد فى الحقيقة احتفالا بين المحكمين الخبثاء الذين يخفون دوافعهم الانانية تحت ستار حكم القانون.
فى عام 2013 قدمت ادارة اكوينو الثالث قضية للتحكيم حول نزاع بحر الصين الجنوبى مع الصين، حيث ادى ذلك الى تكوين محكمة تحكيمية خاصة مكونة من خمسة اعضاء.
وبذلك، انتهكت الفلبين اتفاقا قائما مع الصين لتسوية نزاعاتهما عن طريق المفاوضات الثنائية. كما انتهكت حقوق الصين فى تقرير وسائلها الخاصة بتسوية النزاعات كدولة طرف فى اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار.
وفى يوم الثلاثاء الماضي أصدرت المحكمة ما يسمى بالحكم النهائى حيث انكرت الحقوق التاريخية الطويلة القائمة للصين فى بحر الصين الجنوبي.
وقالت الحكومة الصينية فى كتاب ابيض ان المحكمة ليست لها أية سلطة قضائية على هذه القضية، وان الحكم الذى صدر عنها باطل وليس له قوة ملزمة.
وأضافت "السيادة الاقليمية للصين وكذا الحقوق البحرية والمصالح فى بحر الصين الجنوبي لن تتأثر تحت أي ظرف بهذه الاحكام. وان الصين لن تقبل او تعترف بتلك الاحكام. وان الصين تعارض ولن تقبل مطلقا الادعاءات او الافعال التى ترتكز على تلك الاحكام."
محكمة منحازة
ان معظم اعضاء المحكمة الخاصة تم اختيارهم من قبل شونجي ياناي رئيس المحكمة الدولية لقانون البحار آنذاك والسفير الياباني السابق لدى الولايات المتحدة.
كان ياناي قدم تقريرا الى رئيس الوزراء شينزو ابى يدعو الى رفع الحظر على قدرة اليابان على إرسال جيشها الى الخارج فى دور قتالي، ما يتعارض مع دستور اليابان.
كما ان تشكيل ياناي لمحكمة التحكيم جاء منحرفا، حيث اختار فى بادئ الأمر القاضي كريس بينتو من سريلانكا وزوجته فلبينية.
وحل محله بعد ذلك القاضي توماس ايه مينساه الغاني الذى تابع دراسات طويلة فى بريطانيا والولايات المتحدة.
بيد ان مواقف بعض اعضاء المحكمة فى القضايا السابقة تثير التساؤل حيث انهم وضعوا سابقة وهي توسيع السلطة القضائية للمحكمة وفقا لإرادتهم وتجاهل قضايا السيادة.
اما القاضي روديجر وولفروم، الذى اختارته مانيلا فى قضية التحكيم فى قضية بحر الصين الجنوبي، شارك فى قضية تحكيم حول نزاع ارخبيل تشاجوس بين بريطانيا وموروشيوس من ديسمبر 2010 إلى مارس 2015. وكانت موريشيوس من اختارته.
وذكرت بريطانيا ان محكمة التحكيم في تلك القضية ليست لها سلطة قضائية حيث انها مست قضايا سيادة. الا ان وولفروم مع المحكمين الآخرين رفضوا نداء بريطانيا.
وعندما قاضت هولندا روسيا بعد قيام بحرية الاخيرة باحتجاز طاقم سفينة هولندية فى المياه الواقعة قبالة الساحل الروسي فى عام 2013، أكدت موسكو على ان المحكمة ليست لها سلطة قضائية فى الموضوع ورفضت المشاركة فى جلسات الاستماع.
كما ان وولفروم الذى لم يكن محكما فى القضية الروسية نشر رأيه مع قاض آخر وانتقدا بشدة موقف روسيا.
ويقول خبراء فى القانون الدولي ان المحكم الذى سبق أن تجاهل السيادة فى احكام سابقة من الممكن ان يكرر ذلك.
ويعرف شونجي ياناي ذلك جيدا. ويعرف ايضا انه يستطيع بسهولة تشكيل محكمة منحازة ضد الصين عن طريق اختيار بعض المحكمين الذين يميلون الى تجاهل القضايا السيادية.
وبالطبع فإن المحكمين المنحازين ليسوا كافين. وان دور الولايات المتحدة كرجل شرطة عالمي كان اساسيا.
وتظهر الادلة ان الولايات المتحدة كانت تحرض وتتلاعب بالفلبين للتصرف من خلال ما يسمى بالجبهة القانونية.
وأشار الخبراء إلى انه دون تخطيط دقيق للولايات المتحدة، فإن الفلبين وحدها لن تكون قادرة على رفع قضية التحكيم.
وظهر الفريق القانوني الأمريكي ليس فقط أمام المحكمة الخاصة، ولكنه تولى أيضا مسئولية صياغة الوثيقة القانونية المكونة من عدة آلاف من الصفحات.
الا ان أهم ميزة للفريق القانوني هي الاتصال الذى لا ينفصل عن المحكمة.
يذكر ان المحامي الأمريكي برنارد اوكسمان الذى مثل الفلبين فى التحكيم عمل فى السابق مع شونجي فى العديد من المناسبات.
كما كان لاوكسمان علاقات مع الحكومة الامريكية، حيث كان يعمل مساعدا للمستشار القانوني لشؤون المحيطات والبيئة والشؤون العلمية لوزارة الخارجية الامريكية من عام 1968 الى عام 1977.
كما كان اوكسمان يشغل منصب نائب رئيس وفد الولايات المتحدة فى مؤتمر الامم المتحدة الثالث لقانون البحار. وهذا رغم حقيقة ان الولايات المتحدة لم تنضم بعد إلى اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار.
وأشار الخبراء إلى حقيقة ان التواصل المعقد الذى لا ينفصل بين المحكمين والحكومتين اليابانية والأمريكية فضلا عن الفلبين شكلت شبكة ضخمة من المصالح السياسية سحقت العدالة عن طريق انتهاك القانون والنظام الدوليين.