بكين 13 مايو 2016 / لا يعني موقف الصين بشأن عدم المشاركة فى التحكيم الإجباري من جانب الفلبين بخصوص النزاعات فى بحر الصين الجنوبي وعدم قبول نتائجه ان الصين تخالف القانون الدولي، بل يعني ان الصين تدافع عن القانون الدولي.
وتعد خطوة الفلبين بشأن عملية التحكيم فى يناير 2013 تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار انتهاكا للقانون الدولي، حيث لا تتوافق هذه المبادرة مع الشروط المسبقة المنصوص عليها فى الاتفاقية.
كما ان حل النزاعات الدولية بطريقة سليمة مبدأ هام فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ومقارنة بالاجراءات الأخرى مثل التفاوض والتشاور، فإن التحكيم الإجباري يأتي كطريقة ثانوية وتكميلية. ويتعين تطبيقه موافقة 4 شروط مسبقة على الأقل.
أولا، النقطة الاساسية فى موضوع التحكيم هي النزاعات الاقليمية التي تسببت فيها الفلبين من خلال احتلالها غير القانوني لبعض الجزر والحيود البحرية فى جزر نانشا الصينية منذ السبعينيات والنزاعات بشأن ترسيم الحدود البحرية وتطور القانون الجديد الخاص بالبحار.
ولأن قضية النزاعات الاقليمية خارج نطاق الاتفاقية، لذلك لا تستطيع الفلبين أن تقوم بتفعيل تحكيم إجباري من جانب واحد فى اطار هذه الاتفاقية، وفى الوقت نفسه ليس لهيئة التحكيم فى لاهاي الحق القضائي فى الفصل فى القضية.
إن ما يفصل فى النزاعات الاقليمية هو ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العام وليس اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
ثانيا، فيما يخص ترسيم الحدود البحرية، أصدرت الصين إعلانا فى عام 2006 انه بالتوافق مع المادة 298 من الاتفاقية، يستثنى النزاعات الخاصة بترسيم الحدود البحرية والحقوق التاريخية والانشطة العسكرية من رفع الدعاوى الاجبارية.
ويعني إعلان الصين لهذا الاستثناء الاختياري أنها لن تقبل الآلية الاجبارية للجزء ال15 من الاتفاقية فى التعامل مع قضايا الادعاءات البحرية او ترسيم الحدود البحرية.
وفى ذات السياق، أصدرت أكثر من 30 دولة بيانات مماثلة. وتمثل الاعلانات الصادرة عن الصين والدول الأخرى جزءا مكملا للاتفاقية ويتعين احترامها.
ثالثا، الزمت الصين والفلبين انفسهما فى العديد من المرات بحل النزاعات بينهما من خلال المفاوضات الثنائية والتشاور. ولهذا، فإن ما التزمت به الفلبين لا يتماشى مع التحكيم الاجباري على الاطلاق ولا يجعل هناك أي قاعدة أو أساس لتشكيل المحكمة.
وشهدت الفترة من عام 1995 إلى 2011 ما لا يقل عن ستة بيانات مشتركة بين البلدين تؤكد بشكل متكرر على اعتبار التفاوض وسيلة لحل النزاعات فيما بينهما. كما انعكس التفاهم المتبادل أيضا فى إعلان سلوك الأطراف فى بحر الصين الجنوبي الذى وقعت عليه الصين والفلبين ودول أخرى عام 2002. ويؤكد الاعلان على أن المفاوضات يجب أن تجرى من خلال الدول المعنية بالأمر بشكل مباشر.
رابعا، لم يتم الوفاء بالمتطلبات الاساسية للبدء فى الإجراء الاجباري.
ووفقا للمواد 280 و281 و282 و283 من الاتفاقية، هناك عدد من الشروط المسبقة اللازمة لاجراء التحكيم الاجباري، وهى أن تكون الأولوية لطرق حل النزاع التى اختارها طرفا النزاع ويتعين اللجوء إلى تلك الطرق واستنفادها، وإذا ما نشأ نزاع حول تفسير وتطبيق طرق حل النزاع، على الأطراف المتنازعة أن تلجأ إلى تبادل وجهات النظر.
وبالنظر إلى حقيقة أن الصين والفلبين اختارتا بوضوح طرق وإجراءات حل النزاعات فيما بينهما، وبالنظر إلى أن الفلبين لم تفٍ أبدا بالتزامها فى إجراء محادثات جادة أو تبادل كامل لوجهات النظر مع الصين، فإن الفلبين بهذا الشكل تكون قد انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وأساءت استخدام الاجراءات المنصوص عليها فى الاتفاقية.
وعلاوة على ذلك، فإن المحكمة فى لاهاي اتخذت موقفا منحازا لصالح الفلبين وفقدت أساس الحياد والعدالة.
إن إجراء التسوية الإجبارية المنصوص عليه فى اتفاقية البحار لا ينطبق على الخلافات بين الصين والفلبين على الاطلاق. كما ان محكمة لاهاي ليس لها حق الفصل القضائي فى المسألة. وبهذا، فإن تفعيل التحكيم الإجباري من جانب الفلبين وممارسة محكمة لاهاي حق الفصل فى القضية إنما هما سوء استخدام متعمد للاتفاقية والسلطة وهما إجراءان غير قانونيين من البداية.
من الواضح أن تلك القضية التى تثيرها الفلبين ليست، وبكل بساطة، قضية قانونية وإنما هي استفزاز سياسي تحت عباءة القانون الدولي بدافع من بعض القوى الغربية. تعتزم الفلبين استخدام التحكيم لانكار سيادة الصين فى بحر الصين الجنوبى والسعي لدعم احتلالها غير القانوني لأجزاء من جزر نانشا الصينية.
وكما هى دائماً، تعارض الصين بشدة قضية التحكيم، ولن تشارك فى عملية التحكيم ولن تقبل نتيجتها. وستظل الصين ملتزمة بحل النزاعات بشكل سلمي من خلال المفاوضات والمشاورات.