تحليل إخباري: البرازيل تواجه شكوكا سياسية بعد إقصاء روسيف مؤقتا عن منصبها

برازيليا 13 مايو 2016 / تضرب الشكوك السياسية أركان البرازيل حاليا بعد ان قرر مجلس الشيوخ أمس الخميس تعليق عمل الرئيسة ديلما روسيف لمدة 180 يوما على خلفية الجدل المثار بشأن التلاعب المالي في عامي 2014 و2015.

وأعطى المجلس اشارة البدء لمحاكمتها بأغلبية 55 مقابل 22 نائبا في الساعات الأولى من صباح أمس بعد أكثر من 20 ساعة من النقاش المحموم وقال كل نائب إنه يتصرف من أجل المصلحة العامة وأن القانون في صفه.

الحزب الحاكم يعاني من نكسة

ترتبت على تصويت الخميس الإطاحة بروسيف من منصبها لفترة مؤقتة لحين تقديم مجلس الشيوخ القضية للمحاكمة النهائية التي ستجرى في غضون 180 يوما. وسيتولى نائبها ميشال تامر زمام السلطة خلال تلك الفترة.

وبالنظر لحقيقة أن المعارضة تمكنت من جمع ثلثي الأصوات في التصويت الأول, وهو ما يزيد على عدد الأصوات المطلوبة لاتهام الرئيسة تمهيدا لعزلها في المحاكمة النهائية, فإن موقف الحكومة ضعيف.

وقال يوجنيو بوتشي الأستاذ بجامعة ساوباولو إن نتيجة التصويت تعني ان حزب العمال الحاكم تعرض لنكسة شديدة وان المعارضة سيطرت على مجلس الشيوخ وهو ما سيسرع من وتيرة عملية إدانة روسيف ومن غير المرجح ان تعود لمنصبها.

لم تكن المعارضة هي من دمرت حكومة حزب العمال وانما الحكومة نفسها, حسبما قال بوتشي الذي أضاف أن الحزب فشل في تعديل سياسته الصناعية وتعزيز الضرائب وإصلاح المعاشات ما أدى لمرور البرازيل بأزمة اقتصادية.

ومن ناحية أخرى, فبعد حكم الحزب للبرازيل لأكثر من عشر سنوات, ضَعُف وعي الحزب بخدمة المواطنين تدريجيا وتم التحقيق مع بعض اعضائه الاساسيين بل وحبسوا بتهم الفساد ما تسبب بتآكل شعبية الحزب لدرجة كبيرة بين المواطنين، حسبما قال بوتشي.

معركة لم تنته بعد

يقول محللون إنه حتى اذا تمت الإطاحة بروسيف, فلن يكون طريق خليفتها تامر خاليا من الأشواك.

فقد أمر قاضي المحكمة العليا ماركو أورليو ميللو في 5 ابريل الماضي مجلس النواب بالبرلمان بتشكيل لجنة خاصة للنظر فى محاكمة تامر.

وبحسب ما قاله النائب بمجلس الشيوخ راندولف رودرجيز, فإذا اتهمت روسيف بسبب مزاعم بتلاعبها المالي في عامي 2014 و2015, فإن نائبها وقتئذ كان متورطا ايضا وينبغي اتهامه كذلك.

وتنفي روسيف, من جانبها, الاتهامات الموجهة اليها. وتعهدت الجمعة الماضية بالكفاح "لآخر لحظة" بعد أن أوصت لجنة خاصة في مجلس الشيوخ ببدء محاكمتها.

وقالت الرئيسة في كلمة ألقتها بقصر بلانالتو الرئاسي "اننى دليل حى على تدبير انقلاب على كل الانجازات التي تحققت على مدار ال13 عاما الماضية".

وقال ليندبريك فارياس عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الحاكم إن توقيف روسيف ليس سوى هزيمة بإحدى جولات المعركة وإن الحزب سيواصل الكفاح من أجل عدم إدانة روسيف في نهاية المطاف.

وقال همبرتو كوستا عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الحاكم إن حزبه سيبدأ معركة شاملة في الكونجرس والشوارع وسيلجأ للتشريع اذا لزم الامر.

تعافي الاقتصاد.. أكبر التحديات

من أكبر التحديات التي تنتظر الزعيم المستقبلي مشكلات تتعلق بكيفية تحقيق الاستقرار السياسي وإعادة الحيوية للاقتصاد الراكد والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

فقد أظهرت بيانات رسمية أن إجمالي الناتج المحلي للبرازيل تقلص بنسبة 3.8 بالمئة العام الماضي بسبب انخفاض اسعار السلع الاستهلاكية ما شكل أسوأ اداء في ال25 عاما الماضية. واذا واصل اجمالي الناتج المحلي انخفاضه هذا العام, ستكون اول مرة يعاني فيها الاقتصاد من ركود لعامين متتالين منذ عام 1930.

ومن المتوقع أن تشهد البرازيل انخفاضا في اجمالي ناتجها المحلي بنسبة 3.77 بالمئة ومعدل تضخم بنسبة 7.14 بالمئة ومعدل بطالة بنسبة 9 بالمئة في 2016، ما دفع بعض الخبراء للتنبؤ بأن الركود الاقتصادي سيستمر حتى عام 2018.

وقال القائم بأعمال الرئيس تامر إنه سيمنح الاولوية بعد توليه المنصب لضمان تجديد النمو الاقتصادي ورفع التصنيف الائتماني للبرازيل واستعادة ثقة السوق المالية الدولية في بلاده. كما قال إنه سيواصل تنفيذ البرامج الاجتماعية للحزب الحاكم.

وبالإضافة لذلك, قال تامر إن حكومته تتطلع لتخفيض الوظائف الحكومية غير الضرورية وسيسعى لخصخصة الشركات التي تديرها الدولة.

إلا أن تعليقا نشرته مجلة ابوكا الاسبوعية قال إن عقبات ستواجه تامر في طريق إصلاحه نظام المعاشات وسياسة العمل.