رام الله/غزة 26 فبراير 2016 / حمل الفلسطينيون إسرائيل مسؤولية "اغتيال" قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت طالبت بتسليمه وعثر اليوم (الجمعة) عليه مقتولا في العاصمة البلغارية صوفيا.
وعلى أثر الإعلان عن مقتل عمر نايف وهو معتقل سابق لدى إسرائيل قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات الحادثة التي وصفها "بالجريمة النكراء" وأدانها بأشد العبارات.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، إن الرئاسة ستتابع هذا الموضوع مع السلطات البلغارية والجهات ذات العلاقة للكشف عن ملابسات الحادث.
يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها، أن النايف عثر عليه في حديقة السفارة الفلسطينية في بلغاريا مصابا بجروح بالغة في الجزء العلوي من الجسم وتم استدعاء الإسعاف، لكنه فارق الحياة.
وتظاهر المئات من أنصار الجبهة الشعبية في مناطق مختلفة من قطاع غزة وهم يرفعون رايات الجبهة، وصور النايف، إلى جانب لافتات مكتوبة تحمل إسرائيل المسؤولية عن "عملية اغتياله".
وقال القيادي في الجبهة جميل مزهر لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "الاحتلال الإسرائيلي باغتياله النايف يمارس دورا فوق القانون ويلاحق ويطارد الفلسطيني أينما كان وأنه يمارس البلطجة والقرصنة لاقتحام سفارة فلسطين في بلغاريا".
وحمل مزهر بلغاريا، "المسؤولية كون أن عملية الاغتيال جرت على أراضيها"، مشيرا إلى أن السفارة الفلسطينية كذلك "تتحمل المسؤولية بعدم توفير الحماية كون السفارة مكان سيادة فلسطينية".
وقال أحمد النايف شقيق القتيل من رام الله بالضفة الغربية ل((شينخوا))، إن مجهولين "اغتالوا ابنهم داخل مقر السفارة الفلسطينية في بلغاريا حيث كان يعتصم فيها طلبا للحماية من تسليمه للسلطات الإسرائيلية".
وأضاف النايف، أنه "تم العثور على شقيقه مقتولا داخل السفارة فجر اليوم حيث لجأ إليها قبل حوالي شهرين في أعقاب مطالبة إسرائيل لبلغاريا بتسليمه لها كونه أسيرا هرب من الأسر قبل أن ينتهي الحكم الصادر بحقه".
وطالبت عائلة النايف وزارة الخارجية الفلسطينية، بالإجابة عن تساؤلاتها حول طريقة وصول مرتكبي اغتيال ابنهم في السفارة الفلسطينية.
بدوره اعتبر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية عيسى قراقع في بيان صحفي تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، أن ما جرى "جريمة حرب وقرصنة دولية تقوم بها إسرائيل في ملاحقة المناضلين الفلسطينيين وفي مقدمتهم الأسرى المحررين".
وطالب قراقع "بتشكيل لجنة تحقيق دولية في هذه الجريمة، وأن تقوم الحكومة البلغارية بملاحقة مرتكبي هذه الجريمة النكراء ومحاسبتهم وفقا للقوانين الدولية".
وأوضح قراقع، أن الرئاسة الفلسطينية وعبر وزارة الخارجية والسفارة في بلغاريا، شكلت فريقا قانونيا للدفاع عن النايف بعد مطالبة إسرائيل بتسليمه، ولجوئه إلى السفارة الفلسطينية في بلغاريا.
والنايف من مواليد مدينة جنين في الضفة الغربية كان اعتقل في نوفمبر عام 1986 وحكم عليه بالسجن المؤبد وأفرج عنه في مايو عام 1990 بسبب حالته الصحية ونقل إلى إحدى المستشفيات الفلسطينية ومن هناك تمكن من الهرب ومغادرة البلاد.
وبعدها استقر النايف في بلغاريا وتزوج من إمرأة بلغارية أنجب منها ثلاثة أبناء.
وفي منتصف ديسمبر الماضي سلمت النيابة العسكرية الإسرائيلية رسالة إلى وزارة العدل البلغارية بواسطة سفارتها في أسرائيل تطالب فيها بتسيلم النايف المقيم على أراضيها إلى إسرائيل باعتباره هاربا من العدالة ومحكوم بالسجن المؤبد.
وعلى الفور طالبت النيابة البلغارية بوضع النايف في الحجز لمدة 72 ساعة إلى حين اتخاذ القرار بالمحكمة السريعة لتقرير الاستجابة للطلب أم رفضه، ولكن النايف لم يسلم نفسه ولجأ إلى مقر السفارة الفلسطينية.
وحملت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل المسؤولية عن "اغتيال" النايف.
وطالب الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري في بيان صحفي، "باستقالة وزير الخارجية الفلسطيني (رياض المالكي)، وإقالة السفير الفلسطيني في بلغاريا (احمد المذبوح) وتقديمه للمحاكمة على أثر الحادثة نظرا لأن الجريمة ارتكبت داخل مقر السفارة وهو ما يعكس حالة الفساد الذي ينخر في السفارات الفلسطينية بالخارج".
ودعا أبو زهري السلطة الفلسطينية، إلى "التعامل مع هذه الجريمة الكبيرة بمسؤولية عالية وعدم الالتفاف عليها عبر تشكيل لجان شكلية وما شابه".
كما حملت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إسرائيل وأجهزتها الأمنية المسؤولية عن "اغتيال" النايف.
وقال الناطق باسم الحركة داود شهاب في بيان صحفي "إن من أعطى الأوامر باغتيال المناضل عمر النايف هو ذاته رأس الإرهاب الذي يقتل شبابنا وأطفالنا ويعطي التعليمات بإطلاق الرصاص الحي عليهم وهم جرحى أو معتقلون ملقون على الأرض".
وأضاف شهاب أن "هذه الجريمة تفتح الباب لأسئلة مشروعة عما يحدث في سفاراتنا في أوروبا وغيرها وماذا يفعل السفراء والموظفون ورجال الأمن فيها وعن تقاعس كل هؤلاء في توفير الحماية الكافية للنايف".
في المقابل نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية عن وزارة الخارجية الإسرائيلية قولها، أنه "على الرغم من أن إسرائيل قد طلبت تسليم النايف، إلا أنها علمت من وفاته في وسائل الإعلام، وتقوم حاليا بدراسة المعلومات".
وقالت مصادر إسرائيلية لذات الصحيفة، إن "اتهام الفلسطينيين للموساد الإسرائيلي بأنه يقف وراء مقتل النايف لا أساس له من الصحة، فإسرائيل لن تجرؤ على التورط في اغتياله بعد تقديم طلب رسمي للسلطات البلغارية لتسليمه".
وسبق أن اتهم الفلسطينيون مرارا إسرائيل باغتيال قيادات ونشطاء في الفصائل الفلسطينية آخرهم القيادي في حركة حماس محمود المبحوح الذي عثر عليه مقتولا في أحد فنادق مدينة دبي الإماراتية.