بكين 20 فبراير 2016 / لاقى نشر الصين المزعوم نظاما دفاعيا في جزيرتها يونغشينغ الواقعة ببحر الصين الجنوبي، رد فعل مبالغ محموم من جانب الولايات المتحدة التي اتهمت الصين بعسكرة المنطقة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي يوم الخميس بعد أن أشارت صور للأقمار الصناعية التجارية الى نشر صواريخ "منذ وقت قريب جدا" في جزر يونغشينغ "لا نرى اي دليل على توقف محاولة عسكرة البحر، وهي لا تقوم بشيء لجعل الوضع اكثر استقرارا وامانا."
ولا يخفى على أحد أن الجزيرة التى تقيم بها حكومة بلدية مدينة سانشا بأقصى جنوب الصين، شهدت نشر إجراءات دفاعية لعقود. وفي الحقيقة انه امر يقع تماما داخل حدود حقوق الصين السيادية التي منحها لها القانون الدولي ولا ترتبط بأي نوع من عسكرة المنطقة.
واوضحت الصين تكرارا انها لا تعتزم عسكرة المنطقة. فبناؤها بالجزيرة يهدف بالاساس لأغراض الصيانة وتحسين الظروف المعيشية للأفراد المتمركزين هناك وتيسير حركة البضائع العامة في المنطقة.
ثم، لماذ تثير الولايات المتحدة هذا الضجيج؟ فقد بدا في السابق ان التحركات الدفاعية الذاتية في جزيرة يونغشينغ لاتثير اهتماما وصخبا كبيرا لدى الولايات المتحدة مقارنة بما شهدته الأيام الأخيرة.
ويبدو ان التغير نفسه مقصود ومثير للتساؤلات. فانتقاد الولايات الصين، بغض النظر عن الظروف، يبدو انه اداة تستخدمها الولايات المتحدة لاكتساب ثقل اكبر في المنطقة. وان الولايات المتحدة وليست الصين هى التي تفرض أكبر خطر للعسكرة.
فالولايات المتحدة ترسل بصورة متكررة سفنا حربية أو طائرات عسكرية لمياه بحر الصين الجنوبي لإجراء دوريات استطلاع للصين. واخترقت مدمرة صواريخ امريكية وقاذفة قنابل استراتيجية المياه والمجال الجوي القريب من جزر نانشا الصينية. وذلك فضلا عن التدريبات المشتركة بين الولايات المتحدة وحلفائها.
وخلق استعراض العضلات ذلك توترا متزايدا في البحر وأغرى حلفاء الولايات المتحدة على اتخاذ اجراءات اكثر استفزازية للضغط من اجل مطالبها الاقليمية غير المشروعة.
كما اعادت الولايات المتحدة، التي تمتلك شبكة عالمية من القواعد العسكرية، فتح قواعدها في الفلبين في خطوة فسرت على نطاق واسع بأنها مثيرة للتوترات في المنطقة.
وتتبع الولايات المتحدة معايير مزدوجة فيما يتعلق بعسكرة بحر الصين الجنوبي. فهي تربط آليا بين نشر منشآت دفاع صينية بالعسكرة بينما تتهرب انتقائيا من الفلبين وفيتنام اللتين عسكرتا جزرا صينية احتلتاها أو التدريبات ودوريات الحراسة الامريكية المشتركة.
وبسؤاله عما اذا كان ارسال سفن بحرية امريكية ضخمة او طائرات عسكرية للمنطقة بمثابة عسكرة خلال مؤتمر صحفي اخير، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تونر على ان الممارسة "هى بالأساس حرية ملاحة ".
وتبرر الولايات المتحدة، التي نصبت نفسها حارسة لحرية الملاحة، دوريات الحراسة البحرية والجوية التي تقوم بها بتلك الاغراض وتقول إنها ستواصل القيام بذلك. الا ان حرية الملاحة لا تعطي لدولة واحدة الحق في الوصول الحر للطائرات والسفن للمياه والمجال الجوي لدولة اخرى"، حسبما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية.
وبدلا من التشكك فى الصين بشأن "عسكرة" المنطقة، فإن على الولايات المتحدة التفكر مليا في سلوكها وسيكون وقف دوريات الحراسة والتدريبات العسكرية ودوريات الاستطلاع السبيل المستقيم لخدمة مصالحها الخاصة ومصالح الآخرين ايضا.
ولدى الصين وأصحاب المصالح الآخرين في بحر الصين الجنوبي القدرة على حل نزاعاتهم عبر الحوار والتفاوض. وعلى الولايات المتحدة، التي ليست طرفا معنيا بالقضية، الوفاء بالتزامها بعدم التحيز فى مطالب إقليمية متنافسة.