رام الله 3 فبراير 2016 / كشفت مسئولة فلسطينية أن الخسائر الاقتصادية للفلسطينيين بلغت أكثر من 5 مليارات شيكل (الدولار الأمريكي الواحد يساوي نحو 3.90 شيكل) منذ بداية أكتوبر الماضي أو ما يطلق عليه الفلسطينيون"هبة الأقصى".
وقالت وزيرة الاقتصاد في حكومة الوفاق الفلسطينية عبير عودة، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، إن "الهبة الجماهيرية أثرت على مجمل مكونات الاقتصاد الفلسطيني وخاصة على قطاعات الصناعة والسياحة والتجارية".
وأضافت عودة إن "القدرة الشرائية للمواطن الفلسطيني تراجعت، بالإضافة إلى تراجع إقبال الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل فلسطينيي في الوصول إلى السوق الفلسطينية، خاصة وأن مشترياتهم السنوية تزيد عن 1.5 مليار شيكل".
وتابعت "أن هذا إضافة إلى تكلفة الحصار المباشرة وغير المباشرة جراء الإغلاقات والحواجز التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على المحافظات الفلسطينية".
وأشارت عودة إلى أن هناك "تفاوتا في حجم الخسائر بين مدينة وأخرى حيث كانت الخليل، والقدس، وبيت لحم، ورام الله، ونابلس (في الضفة الغربية) هي الأكثر تضررا".
ومنذ الأول من أكتوبر الماضي اندلعت موجة توتر بين الفلسطينيين وإسرائيل أسفرت عن مقتل 166 فلسطينيا برصاص الجيش والشرطة الإسرائيلية، بحسب إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية، مقابل مقتل 31 إسرائيليا جراء عمليات طعن وإطلاق نار ودهس نفذها شبان فلسطينيون.
وكانت شرارة العنف الحالية بدأت أصلا بمواجهات شبه يومية بين مصلين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية منتصف سبتمبر الماضي احتجاجا منهم على دخول جماعات يهودية إلى المسجد الأقصى في شرق القدس يوميا.
ويعتبر الفلسطينيون أن موجة التوتر الحالية كما جاء على لسان الرئيس الفلسطيني محمود عباس "سببها الاحتلال والقمع والظلم والاعتداءات على الشعب الفلسطيني من قبل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين".
من جهة أخرى، تحدثت عودة عن منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 والتي يطالب الفلسطينيون بها ضمن أراضي دولتهم المستقبلية، مشيدة بقرار الاتحاد الأوروبي الأخير بتمييز منتجات المستوطنات عن باقي المنتجات الإسرائيلية القادمة إليه.
وقالت عودة، "إننا نؤكد على أهمية قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي بوضع علامات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، والذي نعتبره خطوة بالاتجاه الصحيح في نزع الشرعية عن منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأرض الفلسطينية داخل حدود عام 1967".
وأكد المجلس الوزاري الأوروبي الشهر الماضي، على التزامه والدول الأعضاء فيه بضمان استمرار التنفيذ الكامل والفعال لتشريعات الاتحاد الأوروبي الحالية والترتيبات الثنائية التي تنطبق على منتجات المستوطنات.
وجدد المجلس "التزامه بضمان - تماشيا مع القانون الدولي- أن تشير كل الاتفاقات المبرمة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بشكل لا لبس فيه وبشكل صريح إلى عدم انطباقها على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في العام 1967".
وعلى صعيد مكافحة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في السوق الفلسطينية قالت عودة، إن "الجهود مستمرة في ضبط وتنظيم السوق الفلسطينية في مختلف المجالات، وحظر ومكافحة منتجات المستوطنات الإسرائيلية وذلك تطبيقا لاحكام قانون حظر ومكافحة منتجات المستوطنات للعام 2010".
وأضافت إن "أغلب المنتجات والسلع التي ضبطت في الأسواق الفلسطينية خلال العام الماضي 2015، هي من منتجات الاحتلال الإسرائيلي، بواقع 477 طنا منها 135 طنا من منتجات المستوطنات، أي ما نسبته 63 في المائة، بينما لم تتجاوز كمية ما ضبط من المنتج المحلي 6 في المائة، فيما يتقاسم المنتج المستورد والمبلغ عنه النسبة المتبقية".
وكانت السلطة الفلسطينية خصت منتجات المستوطنات الإسرائيلية في حملة أطلقتها للمقاطعة في الأول من نوفمبر من عام 2009، بهدف منع تدفق هذه السلع إلى السوق الفلسطينية من دون أن يشمل ذلك المنتجات الإسرائيلية بشكل عام.
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس حينها مرسوما رئاسيا بقوة القانون يقضي بمنع بيع منتجات المستوطنات وحظرها في المناطق الفلسطينية، الأمر الذي أثار حفيظة وغضب إسرائيل.
وبخصوص إجراءات الحكومة من أجل تحسين الاقتصاد الفلسطيني، قالت عودة إنها أطلقت (الإستراتيجية الوطنية للتصدير 2014- 2018)، وتم تشكيل مجلس فلسطيني للصادرات تقوده وزارة الاقتصاد الفلسطينية للعمل على تنفيذ هذه الإستراتيجية، لتمكين فلسطين من تنمية وزيادة حجم صادراتها.
وأشارت إلى أن "فلسطين تسعى إلى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بصفة مراقب كخطوة أولى للتعرف على آلية عمل المنظمة عن قرب، والاستفادة بشكل أكبر من المساعدات الفنية التي تقدمها المنظمة".
وأضافت عودة، أن "سعي فلسطين للانضمام إلى المنظمة كعضو مراقب يأتي أيضا للتحضير الجيد والتنسيق مع كافة البعثات التجارية في جنيف قبل الشروع في مفاوضات الانضمام كعضو كامل العضوية".
وأردفت "ندرك أن مفاوضات الانضمام هي التزام جاد، ونحن بحاجة لاكتساب الخبرة حول متطلبات ذلك بشكل أكبر وبصورة أوضح من خلال المشاركة في اجتماعات منظمة التجارة العالمية بصفة مراقب".
وأوضحت عودة، أن الحكومة الفلسطينية "تهدف من انضمام فلسطين لمنظمة التجارة العالمية إلى دمج فلسطين بالنظام التجاري العالمي متعدد الأطراف، الأمر الذي يساعد على زيادة حجم الصادرات من خلال فتح أسواق جديدة، وزيادة الاستثمارات وبالتالي النمو الاقتصادي".
وكانت فلسطين، بحسب عودة، أرسلت في عامي 2009 و2010 على التوالي طلبين لانضمام فلسطين بشكل رسمي لمنظمة التجارة العالمية، مشيرة إلى أن هناك توجها لإعادة تفعيل الطلب هذا العام.
وقالت إنه "بالإضافة إلى الإجراءات التي اتبعتها السلطة الفلسطينية بغية تحقيق الجاهزية الفلسطينية للانضمام لمنظمة التجارة فقد تم تشكيل الفريقين الوطني والفني الفلسطينيين الخاصين بالمنظمة، وإنشاء مركز المعلومات عن منظمة التجارة العالمية في وزارة الاقتصاد الفلسطينية".
وأضافت عودة، إن الحكومة "عملت على إعادة بلورة وصياغة مجموعة من التشريعات بهدف معرفة مدى مواءمتها مع قوانين المنظمة، وهي تحاول بشتى الوسائل توفير الدعم الخاص بالمساعدات الفنية التي تحتاجها فلسطين من أجل الاندماج في المنظومة العالمية، من خلال مشاريع وبرامج مقدمة لتحسين المناخ الاستثماري".
وأردفت أنه "تم تبني خطة طريق للانضمام للمنظمة بما يشمل خطة حشد وتأييد، وقد قمنا بإجراء مشاورات مع مجموعة من الدول بما يشمل الولايات المتحدة، وتركيا، والبرازيل، وروسيا، وجنوب افريقيا، واندونيسيا، وباكستان، ومجموعة الدول العربية والإسلامية على هامش المؤتمر الوزاري العاشر في نيروبي وكانت الردود إيجابية".
وتابعت عودة، أن وزارة الاقتصاد والبعثة الفلسطينية في جنيف كانت أجرت في السابق مشاورات مختلفة مع مختلف الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، كما أن البعثات الدبلوماسية الفلسطينية تقوم بالاجتماع مع المسئولين عن التجارة في الدول المضيفة لهم لإعلامهم بطلب فلسطين للحصول على صفة المراقب في منظمة التجارة العالمية.
وكشفت أن وفدا فلسطينيا سيقوم بزيارة جنيف من أجل الاجتماع أيضا مع مجموعة من البعثات إلى منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك البلدان الكبرى في منظمة التجارة العالمية والدول الأخرى التي لها علاقات ودية تجاه فلسطين.
لكن عودة قالت، إن "صعوبة دخولنا إلى الأسواق الخارجية، وتسويق منتجاتنا، والسيطرة الإسرائيلية على المناطق المسماة (ج) (الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية) وما يفرضه الاحتلال من قيود على حرية تنقل الأفراد والبضائع يشكل عقبة تجاه إقامة علاقات تجارية مع فلسطين".
يذكر أن هناك 163 دولة لها عضوية كاملة في منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى 21 دولة لها صفة عضو مراقب، وأن أكثر من 90 في المائة من التجارة العالمية تمر من خلال الأعضاء داخل المنظمة.
وبخصوص المناطق الصناعية التي أنشأتها السلطة الفلسطينية على أراضيها منذ نشأتها عام 1994، قالت عودة "قطعنا شوطا كبيرا في تطوير المناطق الصناعية، واليوم فإن حجم الاستثمارات للشركات المستثمرة في المدن الصناعية الثلاث في بيت لحم، وأريحا بالضفة الغربية، وغزة بلغت حوالي 100 مليون دولار موزعة على عدد من القطاعات الصناعية والزراعية.
أما بخصوص مشروع منطقة جنين الصناعية في الضفة الغربية المنوي إقامته، توقعت عودة "أن يتم إنجاز أعمال البنية التحتية لها خلال العامين القادمين".
ولفتت إلى أن المناطق الصناعية الفلسطينية "وفرت حوالي 3 آلاف فرصة عمل مباشرة"، مشيرة إلى أنه "من المتوقع أن يرتفع حجم العمالة التشغيلية في هذه المدن ليصل إلى 5 آلاف فرصة عمل مباشرة و15 ألف فرصة عمل غير مباشرة".
وذكرت عودة، أن الحكومة الفلسطينية "تعكف حاليا ومن خلال الهيئة العامة للمدن الصناعية على التخطيط لإنشاء مناطق صناعية أخرى في الخليل وقلقيلية، إضافة إلى العمل على إنشاء مدينة صناعية تكنولوجية في طولكرم بالضفة الغربية".
وأشارت إلى أنه سيتم في تلك المدينة "إنشاء حاضنات تكنولوجية وصناعية للمشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم، ومراكز للأبحاث والتطوير والتدريب، إضافة إلى رعاية ومساعدة الخريجين الجدد والمبادرين للبدء بمشاريعهم وتطويرها لتكون منافسة وصديقة للبيئة".
وفي ختام حديثها، أشادت عودة بالتبادل التجاري بين فلسطين والصين، مشيرة إلى أن حجم الاستيراد من الصين إلى السوق الفلسطينية في تصاعد كبير حيث وصل في العام 2012 حوالي 197 مليونا و342 ألف دولار أمريكي، وارتفع في العام 2013 إلى حوالي 236 مليونا و601 ألف دولار، أما في العام 2014 فقد وصل إلى حوالي 281 مليونا و810 الاف دولار.
وأوضحت أن أهم الواردات الفلسطينية من الصين تتركز على الأثاث، والآلات، والألبسة، والأحذية، والتحف والهدايا وغير ذلك.
وفي المقابل، ذكرت عودة أن الصادرات الفلسطينية إلى السوق الصينية "ما تزال محدودة جدا وبالكاد تصل إلى 100 ألف دولار أمريكي سنويا إذا ما استثنينا حجم صادراتنا من الحجر والرخام".
وقالت عودة "من هنا ولزيادة حجم صادراتنا إلى الأسواق الصينية فإننا نقوم بمشاورات حثيثة لتفعيل اتفاقيات التعاون المشترك مع الصين وزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين كون الصين من الدول الصديقة والمساندة لدولة فلسطين تاريخيا".