دمشق 29 يناير 2016 / أكد محللون سياسيون في سوريا يوم الجمعة أن الضغوط الدولية أجبرت وفد المعارضة السورية في الخارج على المشاركة في مؤتمر جنيف 3 الذي من المقرر أن ينطلق يوم الجمعة في جنيف برعاية دولية، بالرغم من الشروط التي وضعتها قبل المشاركة في هذا المؤتمر بهدف إفشاله وعرقلته.
واعتبر المحللون السياسيون أن الولايات المتحدة الأمريكية مارست ضغوطا كبيرة على تلك المعارضة بهدف حفظ ماء وجهها أمام المجتمع الدولي، مشيرين إلى أن مشاركتها كانت "خطوة صحيحة إذا كانت كما تدعي الحرص على إنهاء الأزمة سياسيا وإيجاد حل ملائم يوقف دوامة العنف والقتل".
وقبل بدء المفاوضات اعتبرت الأمم المتحدة أن مؤتمر جنيف 3 "قد يكون الفرصة الأخيرة للسلام"، غير أن المعارضة السورية، التي تضم عدة فصائل تنتمي لأكثر من تنظيم سياسي، وضعت عددا من الشروط المسبقة، منها وقف إطلاق النار والقصف وإدخال المساعدات الإنسانية دون شروط إلى المناطق المحاصرة.
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية قد أنهت اجتماعاتها في المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء الماضي، وفشلت في التوصل إلى قرار نهائي بشأن ما إذا كانت ستشارك في محادثات السلام السورية في جنيف أم لا، وقالوا إنهم سيواصلون انتظار استجابة الأمم المتحدة لمطالبهم.
وطالبت المعارضة بوقف العمليات العسكرية للجيش السوري على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، واعتماد البيان الصادر عن اجتماع جنيف عام 2012، والذي يدعو لانتقال سياسي في سوريا، واستناد المفاوضات القادمة على أسس قرار الأمم المتحدة رقم 2118 الصادر عن عام 2013 والذي يدعو إلى تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كامل الصلاحيات التنفيذية، والتي يمكن أن تشمل أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى، ويتم تشكيلها على أساس الموافقة المتبادلة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء الماضي إنه ينبغي أن تشارك المعارضة السورية في محادثات السلام المقرر أن تبدأ يوم الجمعة في جنيف "دون شروط مسبقة".
وفي مؤتمر صحفي، دعا مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية المعارضة السورية إلى اغتنام "فرصة تاريخية" بالذهاب إلى جنيف واقتراح السبل العملية لتنفيذ وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية وغيرها من التدابير لبناء الثقة.
وقال المحلل السياسي السوري عماد فارس في تصريحات لمكتب وكالة أنباء (( شينخوا)) بدمشق إن الساعات الأخيرة حملت في طياتها الكثير من المفاجآت، وأعطت زخما لمؤتمر جنيف 3 الذي من المقرر أن يكون بداية حقيقية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية "، مؤكدا أن بعض الدول الإقليمية عملت على عرقلة انعقاد المؤتمر، إلا أن ضغوط الولايات المتحدة كانت حاضرة بقوة لاسيما وأنها اتفقت مع روسيا على إنجاح هذا المؤتمر وعقده في موعده.
وأضاف المحلل السياسي السوري أن الوفد الحكومي التزم ووصل إلى جنيف في الوقت المحدد كبادرة منه لحسن النوايا لإيجاد سياسي للأزمة ، مؤكدا أن المعارضة السورية "إذا كانت حريصة على الشعب السوري عليها أن تشارك فعلا لإنقاذ سوريا من دوامة العنف والقتل".
وبدوره قال النائب في البرلمان السوري شريف شحاده في تصريحات لوكالة (( شينخوا)) إن "الأطراف الدولية روسيا وأمريكا اتفقت على حضور المؤتمر دون شروط مسبقة"، مشيرا إلى أن تركيا تصر على عدم مشاركة الأكراد في المؤتمر، وهذا يدل على أنها تعرقل عقده.
وأضاف النائب السوري الموالي للحكومة السورية أن "الكل يعلم أنه لا عودة إلى الوراء" ، مؤكدا أن المعطيات الدولية تشير إلى أن المؤتمر سيعقد سواء حضرت المعارضة أم لم تحضر.
وبدوره قال أحمد الشعراوي، وهو أستاذ جامعي سوري لـ(( شينخوا)) يوم الجمعة إن "الانقسام بين جماعات المعارضة لا يزال قائما حتى هذه اللحظة "، مشيرا إلى أن هذا يعد مؤشرا على أن المعارضة لن تذهب إلى المؤتمر للتفاوض على حل للأزمة السورية، ولكن للحصول على مكاسب سياسية".
وأضاف شعراوي أن "المعارضة هي التي تضع العراقيل أمام انعقاد المؤتمر، بسبب التقدم الذي يحرزه الجيش على الأرض ، وخاصة في ريف اللاذقية الشمالي وحلب (شمالا) وكذلك في درعا (جنوبا)".
وشدد على أن الروس والأمريكيين يعملون بجد لتذليل العقبات أمام انعقاد المؤتمر في موعده، وهذا ما حصل في الساعات الأخيرة.
ومن جانبها قالت صحيفة ((الوطن)) السورية يوم الجمعة إن "كل المساعي الاقليمية لمنع إرسال وفد الرياض الى جنيف أثبتت عدم جدواها أمام ضغوط أمريكية على الهيئة لإرسال وفدها، الأمر الذي تحقق في ساعة متأخرة من اليوم ، بعدما أكد رئيس وفد معارضة الرياض أسعد الزعبي في تصريحات تلفزيونية، أن وفد الرياض بكامل الأسماء التي تم الإفصاح عنها سيشارك في مفاوضات جنيف، متوقعاً وصول الوفد إلى العاصمة السويسرية.
وتوجه الوفد الحكومي فور وصوله إلى مقر إقامته في المدينة السويسرية التي قررت استضافة أعضاء الوفد البالغ عددهم 15، إضافة إلى مندوب سوريا الدائم في مقر الأمم المتحدة السفير حسام الدين آلا.
ويفترض أن تجرى المفاوضات بين وفدين، أحدهما يمثل الحكومة والآخر يمثل المعارضة، على ألا يتبادل أعضاء الوفدين الكلام، بل سيتحدثان عبر وسيط عينته الأمم المتحدة. وفي السياق، أعلن الرئيس المشترك لـ"مجلس سوريا الديموقراطية" هيثم مناع، أنه أرسل إلى "الأمم المتّحدة" قائمة تضم 15 اسماً لابد أن تشارك في محادثات جنيف.
من جهة أخرى، تدعم الولايات المتحدة بقوة "حزب الاتحاد الديموقراطي" منذ ظهور تهديد تنظيم "داعش". حيث تعتبر الإدارة الأمريكية أن الحزب هو الفاعل الأقوى في المنطقة القريبة من منطقة سيطرة "داعش"، لذلك ترغب في أن يصبح الحزب أكثر فعالية، وأن يحتل مكانها في مسقبل سوريا.