بكين 27 سبتمبر 2022 (شينخوا) مدرّس للغة العربية ثم موظف في شركة ثم صاحب مطعم عربي.. بالعمل في هذه الوظائف، قضى المصري محمد إبراهيم عمر 20 عاما من عمره لمطاردة حلمه في الصين.
جاء إلى العاصمة الصينية بكين كشخص أعزب، وتعرّف هنا على زوجته الصينية، التي أنجب منها ثلاثة أطفال لطفاء يرى عمر أنهم "أطفال محظوظون يتمتعون بمستقبل مضمون"، نظرا للفرص والإمكانيات المتاحة أمامهم بفضل نموهم وعيشهم في الصين.
من مبتدأ الطريق إلى نجاح كبير، ومن العيش وحيدا إلى العيش في كنف عائلة.. ظل عمر يسير في طريقه لمطاردة حلمه في الصين، ذلك الطريق الذي حقق له الكثير على كافة الأصعدة.
مجيئه إلى الصين
بسبب سماعه عن الصين بشكل متكرر وإعجابه بثقافة الصين، أصبحت زيارة الصين حلما يراود ذهن عمر. إلا أنه لم يستطع تحقيق هذا الحلم إلا صدفة، حيث سمع عن فرصة عمل في الصين كمدرّس للغة العربية.
وبعد سماع هذا الخبر، تقدّم عمر بطلب على الفور ونجح في نهاية المطاف في الحصول على الوظيفة عام 2002. ومن هنا، تزاح الأستار عن قصته مع الصين التي يرى فيه بلده الثاني.
بعد العمل في بكين لنحو عقد من الزمن كمدرّس، ثم موظف في شركة متعددة الجنسيات، اختار عمر العيش والعمل في مدينة شنيانغ، مسقط رأس زوجته بشمال شرقي الصين، والتي فتح فيها مطعما عربيا خاصا به منذ عام 2014.
بداية صعبة
كل شيء في أوّله صعب. صرّح عمر بأنه واجه صعوبة كبيرة عند بداية فتح المطعم، وكان لا يعرف حتى أين يمكنه شراء مكونات الطعام، لكنه اضطلع بالمسؤولية عن ترتيب كل شيء داخل المطعم مع زوجته.
ووصف عمر فترة افتتاح المطعم بـ "الخاوي"، حيث كل شيء كان خاويا في البداية، وكان عدد الزبائن ضئيلا للغاية خلال الأشهر الثلاثة الأولى. ومع الصبر لفترة من الزمن، بدأ الأجانب يزورون مطعمه تدريجيا.
وعلى الرغم من شعوره بالسعادة عندما يأتي الزبائن الأجانب إلى مطعمه، إلا أنه كان يجر حسرةً عميقة نابعة من أمله في أن يقبل الصينيون على طعامه، وهو الهدف الذي لطالما لهث وراء تحقيقه.
التحول المفاجئ
لأجل جذب الصينيين، كان عمر يسأل زبائنه عن اقتراحاتهم لتحسين مذاق الأطباق، وجرّب أساليب جديدة لإعداد الأطباق لجعلها أكثر انسجاماً وتناسباً مع الذوق الصيني.
المثابرة تغلب الذكاء، والصبر يغلب الحظ. وقد ثابر عمر على العمل بمطعمه. وفي يوم من الأيام، أتت قناة لتسجيل حلقة عن مطعمه، وقدّرت طعامه، الأمر الذي شكل فرصة سانحة ذاع فيها صيت مطعم عمر لأول مرة بين مسامع الصينيين.
وحصل التحول المفاجئ لمطعمه منذ ذلك الوقت، حيث بدأ الناس تذوق طعامه، وبدؤوا واحداً تلو الآخر كتابة تعليقاتهم عليه، وأعطاه البعض أربعة نجوم، أو أربعة نجوم ونصف، أو خمسة نجوم عبر تطبيقات الهاتف النقال.
وتدريجيا، أصبح عمر معروفا لدى المحليين مثل مطعمه، فعند القدوم إلى مطعمه، يسأل بعض الزبائن عنه، والبعض الآخر يلتقط صوراً معه. أما الشخص الذي ترك انطباعا أعمق لديه، فهو شخص قال له: "أنا سعيد لتذوق طعامك، وسوف أعود مرة أخرى".
حياة مفعمة بالإمكانيات
على مدار الـ20 سنة الماضية في الصين، أحسّ عمر بالتطورات المتسارعة التي شهدتها البلاد في كافة المجالات، وفي مقدمتها التكنولوجيا، حيث قال إن الدفع هنا في الصين سريع جداً، ومعظم الناس الآن لا يحملون المحافظ عند خروجهم بفضل تقنية الدفع المحمول عن طريق "محفظة ويتشات" و"أليباي" وغيرهما.
وعند الحديث عن حياته في الصين، ذكر عمر أن العيش في الصين جعله يكتشف الكثير من التحديات الجديدة والإمكانيات في شخصيته، بعد تجربة العمل في وظائف ومجالات مختلفة، قائلا إن فتح المطعم الخاص به هو شيء لم يخطر بباله من قبل.
لقد جاء عمر إلى الصين كشخص أعزب، أما الآن فهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال، ويرى في ذلك أن الصين منحته فرصا للقيام بالكثير من الأشياء التي لم يتوقع حدوثها في حياته أبدا.
مستقبل مضمون
يشعر عمر بالسعادة والرضا رغم تنقّله بين البيت والمطعم وانشغاله كل يوم بصحبة أطفاله الثلاثة الذين دائماً ما يتواجدون في مطعمه، ويساعدون والدهم أحيانا في ترتيب الطاولات، واستقبال الزبائن.
ويرى عمر أن أطفاله لديهم فرص جيدة في المستقبل، وذلك ليس فقط لأنهم يدرسون في الصين ويستطيعون التحدث باللغة الصينية، بل لأنهم يعيشون أيضاً في الصين، البلد المليء بالفرص التي من شأنها إتاحة مستقبل مضمون لهم.
"أنا أحب هذا البلد، وأحب العيش هنا، أطفالي سعداء هنا أيضاً، سأبقى في الصين حتى يلتحق أطفالي بالجامعات"، هكذا، ختم عمر حديثه مع مراسل وكالة أنباء "شينخوا".