ذكرت منظمة الصحة العالمية مؤخرا أن حالة الطوارئ الصحة العامة جراء جائحة كوفيد -19 لا تزال بحاجة للاهتمام دولياً، ويُنصح بلدان العالم بالاستعداد للاستجابة في جميع الأوقات. وتشير نصائح منظمة الصحة العالمية إلى ذلك مرة أخرى في وقت يستمر فيه عدد الحالات الجديدة المؤكدة والوفيات الجديدة لكوفيد -19 حول العالم في الانخفاض، يجب أن تظل البلدان يقظة ومستعدة بالكامل لمكافحة الوباء.
ومع ذلك، فقد قامت بعض الدول الغربية بتشغيل وضع " الاسترخاء ". وفي العديد من الأماكن في الولايات المتحدة، تم إلغاء لوائح طلب ارتداء الأقنعة، وتخفيف إجراءات الوقاية والسيطرة في الأماكن المغلقة، وإغلاق نقاط مراقبة كوفيد -19. ورفعت المملكة المتحدة تدابير الوقاية من كوفيد -19 بالكامل، ولم تعد توفر اختبارًا جديدًا مجانيًا لكوفيد -19 لمعظم الناس. كما رفعت ألمانيا معظم تدابير الوقاية من كوفيد -19 مبدئيا. ورفعت سويسرا ودول أخرى جميع قيود الوقاية من الوباء ...
ما هو الوضع في هذه البلدان الآن بعد تشغيل وضع " الاسترخاء"؟ لا يوحي للمتفائل. وجد تقرير جديد كتبه خبراء الصحة العامة الأمريكيون أنه من بين الدول الثرية العشرين التي تم احتسابها، شهدت الولايات المتحدة أكبر انخفاض في متوسط العمر المتوقع على مدار العامين الماضيين. وشهدت الدول الغنية الـ 19 الأخرى ارتفاع متوسط العمر المتوقع في عام 2021 بعد انخفاض طفيف في عام 2020. وكانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي شهدت انخفاضًا لمدة عامين متتاليين. وقد أظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني في أبريل الجاري أنه تم تشخيص شخص 1 من بين كل 13 شخصًا في المملكة المتحدة، أي 20 مرة أعلى من المتوسط السابق.
في الواقع، لا يعرض نموذج "استرخاء" شعوب هذه البلدان لمخاطر الصحة والسلامة فحسب، بل له تأثير سلبي على عملية مكافحة الوباء العالمية أيضًا. وذكر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس مؤخرًا أنه مع انخفاض عدد اختبارات كوفيد -19 بشكل كبير، تأثرت قدرة منظمة الصحة العالمية على مراقبة الاتجاهات الوبائية.
في الوقت نفسه، أدت تقلبات الوضع الوبائي الناجم عن " الاسترخاء" في الدول الغربية إلى زيادة الضغط على الدول النامية لمكافحة الوباء. وقالت كاريسا إتيان، مديرة منظمة الصحة للبلدان الأمريكية، إن فجوة التطعيم ستعرض أمريكا اللاتينية للخطر عند حدوث الموجة الوبائية التالية. وقال ماتشيديسو مويتي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا مؤخراً، إن التقارير البحثية لمنظمة الصحة العالمية أثبتت أن أكثر من ثلثي سكان إفريقيا قد يكونون مصابين بفيروس كوفيد -19. ولا يزال الوباء ينتشر، وقد أظهرت سلالات متحولة أكثر فتكًا، لذلك، من الضروري أن تسرع البلدان الأفريقية في الترويج للتطعيم.
أظهرت الدراسات ذات الصلة أنه على الرغم من انخفاض معدل إماتة الحالة أثناء انتشار متحوّر أوميكرون، إلا أن إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن الأخير أعلى من مثيله في متغير دلتا خلال نفس الفترة. ولا يزال خطر متحوّر أوميكرون خطيراً، ويشكل تهديدًا خطيرًا لفئات معينة مثل المرضى المسنين والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة خطيرة. لذلك، لا يزال اختبار الحمض النووي في الوقت المناسب، وتدابير الوقاية والسيطرة الفعالة والتلقيح العادل هي الإجراءات التي يجب اتخاذها في الوقاية الحالية من الأوبئة العلمية العالمية. كما توصي لجنة الطوارئ التابعة للوائح الصحية الدولية بشأن كوفيد -19 بما يلي: يجب أن تستمر البلدان في تنفيذ تدابير الصحة العامة والاجتماعية القائمة على الأدلة والمخاطر، وأن تقف على أهبة الاستعداد لتكثيف التدابير بسرعة استجابة للتغيرات في الفيروس وقدرة مناعة السكان.
حالياً، استأنف عدد من البلدان بعض تدابير الوقاية من الأوبئة بسبب الارتفاع المفاجئ في الإصابات الجديدة: في 13 أبريل، مددت الحكومة الأمريكية حالة الطوارئ الصحية العامة لكوفيد -19، وأعلنت ألمانيا أنها ستلغي "الحجر الصحي الطوعي"، ومتابعة تنفيذ سياسة "الحجر الصحي الإلزامي" ... تعاني البلدان " المسترخية" من تردد متكرر في سياساتها المناهضة للأوبئة.
وفي مواجهة التأثيرات الناجمة عن وباء القرن على مستقبل البشرية ومصيرها، فإن دول العالم ليست على أكثر من 190 قاربًا صغيرًا، إنما على متن سفينة ذات مصير مشترك. ولا يمكن لجميع دول العالم الخروج من ضباب الأوبئة المتكررة والدخول فجر يوم جديد، إلا من خلال التبني المشترك للطرق العلمية والإيمان الراسخ بمكافحة الوباء.