النبطية، جنوب لبنان 12 أبريل 2022 (شينخوا) مع ساعات الصباح الأولى يجر الرجل الستيني علاء قدور عربة بدائية الصنع قاصدا مكبات النفايات في محيط مدينة النبطية بجنوب لبنان ليعمل ساعات طوال في التفتيش عن المواد الصلبة المصنوعة من التنك والبلاستيك والكرتون لجمعها كسبا للرزق في ظل التردي المعيشي الذي طال فئة كبيرة من المجتمع اللبناني.
وقال قدور، الذي يعاني من شلل نصفي في قدمه اليسرى لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه لا يجد أفضل من مكبات النفايات مصدرا لتأمين لقمة العيش من عرق الجبين في بلد يشهد أزمات اقتصادية حادة انعكست سلبا على كافة المجالات الحياتية.
وأضاف "في ظل هذه الأوضاع المعيشية الخانقة وارتفاع أسعار كافة الحاجيات توجهت إلى النفايات المرمية انبش فيها عن ما يمكن تسويقه بعدما اقفلت البطالة فرص العمل في وجهنا".
وليس قدور وحده الذي لجأ إلى جمع المواد الصلبة بل سبقه اليها كثيرون من مختلف الأعمار وجدوا في مكبات النفايات وجوانب الطرقات بابا لرزقهم.
وأوضح قدور أن هذه المواد مطلوبة بقوة ولا تعرف الكساد وهناك الكثير من التجار الذين يشترونها نقدا بالدولار الأمريكي مما أدى إلى تزايد سريع لأعداد العاملين فيها.
من جهته، وبينما كان يجمع وأولاده الثلاثة عند ضفاف نهر الليطاني بجنوب لبنان عبوات وأكياس بلاستيكية، اكد الأربعيني سالم أبو الهيجا لـ((شينخوا)) أن "جمع المواد الصلبة مهنة مستحدثة مربحة، لا يلزمها سوى همة عالية وقفازات وكمامات واكياس تجميع متوسطة الحجم".
وأضاف "ما شجع الكثيرون على هذه المهنة سهولة تصريف المواد وارتفاع أسعارها مما حفز عاطلون عن العمل إلى نبش مكبات ومستوعبات النفايات لجمع مايجدون من مواد صلبة قابلة للتدوير".
وقال "بات مشهد مجموعات من الفتيان من لبنانيين ونازحين سوريين يحملون أكياسا متعددة الأحجام على ظهورهم ويجوبون يوميا الطرقات الفرعية والرئيسة وأماكن تجمع المتنزهين في الأحراج وعند ضفاف الأنهر بحثاً عما هو مرمي من معادن ومواد بلاستيكية وكرتون وإطارات مطاطية".
من جهته، قال الشاب جمال عواد (23 عاما) لـ((شينخوا)) إن العمل في جمع المواد الصلبة من حاويات النفايات وأكياس القمامة يؤمن مردودا يتراوح بين 5 و7 دولارات أمريكية يوميا".
وأضاف "جمع المواد الصلبة هو مهنة من لا مهنة له كما يمكن أن يكون من فرص العمل النادرة المتوفرة في ظل اقفال عدد كبير من المصالح والمؤسسات نتيجة الأزمة الاقتصادية".
وأوضح جلال خلف الذي يمتلك مستودعا لتخزين المواد الصلبة في مدينة النبطية أن "أسعار شراء المواد من جامعيها تتبدل بين فترة وأخرى بحسب السوق العالمي وفي هذه الفترة نشتري كيلوغرام الحديد بنصف دولار وكيلو النحاس بـ 4 دولارات وكيلو البلاستيك بدولار ونصف والألومنيوم بدولار وعشرة سنتات".
وقال حسين قصيباني أحد كبار تجار المواد الصلبة في بلدة الدوير بجنوب لبنان إن الأزمة المعيشة التي يرزح تحت وطأتها لبنان حولت جانبا من النفايات إلى مصدر رزق للبعض.
وأضاف "انتعاش ظاهرة جمع المواد الصلبة جاء نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية في الصناعة المحلية بنسبة 5 اضعاف خلال أقل من عام اذ بلغ ثمن طن الكرتون 145 دولارا أمريكيا وطن النايلون الشفاف 230 دولارا فيما تجاوز طن البلاستيك الـ200 دولار".
وقال "حوالي 30 % من هذه المواد يعاد تدويرها في مصانع لبنانية لتستخدم مجددا في الكثير من الانتاج الصناعي المحلي أما الباقي فيتم تصديره إلى تركيا ومصر، ليؤمن للبنان حوالي 100 مليون دولار أمريكي كعائدات تصدير سنوية".
وأدت أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة في لبنان إلى انهيار عملته الوطنية وتجاوز معدل الفقر نسبة 82 % مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع نقص في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.