القاهرة 12 سبتمبر 2020 (شينخوا) أثار الاتفاق البحريني الإسرائيلي على إقامة علاقات دبلوماسية شاملة بين البلدين، في خطوة هي الثانية لدولة عربية خلال أقل من شهر نحو التطبيع مع إسرائيل، ردود فعل في منطقة الشرق الأوسط تباينت بين الترحيب والرفض والصمت.
وأعلنت إسرائيل والبحرين أمس الجمعة التوصل إلى اتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين، وسط رفض واستنكار فلسطيني.
وعلى غرار ما جرى في الاتفاق بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، توسطت الولايات المتحدة، في التوصل إلى الاتفاق البحريني الإسرائيلي.
وجرى الاتفاق خلال اتصال هاتفي الجمعة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
--- أطراف مؤيدة: خطوة للسلام والأمن
وفي بيان مشترك، اعتبرت الولايات المتحدة والبحرين وإسرائيل أمس الجمعة أن هذه الخطوة "تاريخية تجاه تحقيق السلام في الشرق الأوسط".
ورحبت مصر والإمارات، اللتان تربطهما علاقات طيبة بالبحرين، بالاتفاق.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع العاهل البحريني، أمس إن التوافق بين البحرين وإسرائيل يفتح آفاق تحقيق السلام والاستقرار بالشرق الأوسط، كذلك التسوية الشاملة للقضية الفلسطينية، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وثمن السيسي خلال الاتصال "خطوة السلام التاريخية"، التي قامت بها البحرين.
وقال السيسي، في تغريدة على صفحته الرسمية في (تويتر) إنه "وإذ أثمن هذه الخطوة الهامة نحو إرساء الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط وبما يحقق التسوية العادلة والدائمة للقضية الفلسطينية، أتقدم بالشكر لكل القائمين على تنفيذ هذه الخطوة التاريخية".
كما رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة، أول دولة خليجية تقيم علاقات مع إسرائيل، بقرار البحرين.
وأعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية في بيان عن أملها في أن يكون لهذه الخطوة أثر إيجابي على مناخ السلام والتعاون إقليميا ودوليا.
وقالت إن قرار مملكة البحرين مباشرة العلاقات مع إسرائيل يعد خطوة مهمة لتعزيز الأمن والازدهار في المنطقة، مؤكدة أن هذه الخطوة من شأنها توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي والدبلوماسي.
وجاء الإعلان عن الاتفاق البحريني-الإسرائيلي بعد أقل من شهر من الإعلان عن اتفاق مماثل بين إسرائيل والإمارات.
وأعلنت الإمارات وإسرائيل التوصل إلى اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 13 أغسطس الماضي بوساطة أمريكية.
كما يأتي الاتفاق بين البحرين وإسرائيل بعد أيام من اعتراض وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع عقدوه الأربعاء عبر تقنية الفيديو كونفرانس، على مشروع قرار فلسطيني يدين الخروج عن مبادرة السلام العربية عبر الاتفاق الثلاثي الإماراتي الإسرائيلي الأمريكي.
وفي معرض تعليقه على الاتفاق البحريني الإسرائيلي، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في بيان إن "التغيير المطلوب والخطوة الأساسية" لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة "يجب أن يأتيا من إسرائيل".
وأوضح أن إسرائيل عليها أن "توقف إجراءاتها التي تقوض حل الدولتين وتنهي الاحتلال اللاشرعي للأراضي الفلسطينية وتلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
ورأى الوزير الأردني أن "أثر اتفاق تطبيع العلاقات البحرينية-الإسرائيلية، وكل اتفاقات السلام مع إسرائيل يعتمد على ما ستقوم به إسرائيل".
وباتت البحرين ثاني دولة خليجية ورابع دولة عربية بعد مصر والأردن والإمارات، تقيم علاقات مع إسرائيل أعوام 1979 و1994 و2020 على التوالي.
ومن المقرر أن توقع البحرين وإسرائيل اتفاقهما، بالتزامن مع توقيع اتفاقية السلام الإماراتية-الإسرائيلية في منتصف سبتمبر الجاري في واشنطن.
--- رفض تركي إيراني
أعربت القيادة الفلسطينية في بيان صحفي، أمس عن رفضها واستنكارها الشديدين للاتفاق البحريني الإسرائيلي، معتبرة إياه "خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية ودعما لتشريع جرائم الاحتلال البشعة ضد الشعب الفلسطيني".
وقال البيان إن القيادة الفلسطينية تنظر بخطورة بالغة لهذه الخطوة "إذ أنها تشكل نسفا لمبادرة السلام العربية وقرارات القمم العربية والإسلامية وللشرعية الدولية".
ومبادرة السلام العربية تم إطلاقها عام 2002 بعد أن بادرت إلى صياغتها السعودية وتبنتها جامعة الدول العربية، وتنص على إقامة علاقات تطبيع مع إسرائيل بعد انسحابها من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
وفي دعم للموقف الفلسطيني الرافض، أدانت وزارة الخارجية التركية بشدة في بيان الاتفاق، وأعربت عن قلقها.
واعتبرت أن قرار البحرين يأتي منافيا لمبادرة السلام العربية، والتعهدات التي اتخذت ضمن منظمة التعاون الإسلامي.
وقالت الخارجية التركية إن الاتفاق سيكون بمثابة ضربة ضد الجهود المبذولة للدفاع عن القضية الفلسطينية، معتبرة أن هذه الخطوة "ستشجع على مواصلة إسرائيل ممارساتها غير المشروعة ضد فلسطين، ومحاولاتها لترسيخ الاحتلال في الأراضي الفلسطينية".
ووصفت الخارجية الإيرانية في بيان اليوم الإجراء البحريني بـ"المخزي"، معتبرة أنه يضحي بمبادئ القضية الفلسطينية وعقود من جهاد الشعب الفلسطيني وما تحمله من مصائب وآلام فداء للانتخابات الأمريكية.
وقالت إن البحرين ترتكب خطأ كبيرا بالتشبث بكيان الاحتلال وبالتضحية بمبادئ الشعب الفلسطيني من أجل الانتخابات الداخلية الأمريكية.
وحذرت الخارجية الإيرانية من أي نوع من المساس لأمن منطقة الخليج من قبل إسرائيل، مؤكدة أن حكومة البحرين وباقي الحكومات المطبعة مع إسرائيل ستتحمل عواقب أي إجراء يحدث في هذا المجال.
وبالمثل، قال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، في تغريدة على (تويتر) إنه "لا تطبيع إلا بإعادة الحقوق لأهلها وفقا لمبادرة السلام العربية".
ورغم أهمية هذه الخطوة البحرينية الإسرائيلية وتأثيراتها المحتملة، التزمت دول بالمنطقة، وأبرزها السعودية الصمت حيالها.
وكان أول رد فعل سعودي على إعلان اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل قد صدر بعد أسبوع من الإعلان عن الاتفاق، إذ أكدت المملكة التزامها بالسلام على أساس مبادرات السلام العربية.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني هايكو ماس ببرلين في 19 أغسطس الماضي "إن المملكة العربية السعودية تؤكد التزامها بالسلام خياراً استراتيجياً واستناده على مبادرات السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية".
--- أمر غير مفاجئ
وقال خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية سعيد عكاشة، إن الاتفاق بين إسرائيل والبحرين "أمر غير مفاجئ" حتى قبل أن إعلان الإمارات إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مشيرا إلى استضافة البحرين جزء من المناقشات حول "صفقة القرن".
وكانت البحرين قد استضافت في 25 يونيو 2019، ورشة عمل تحت عنوان "الازدهار من أجل السلام"، رعتها الولايات المتحدة لعرض رؤيتها الاقتصادية لخطة السلام لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي المعروفة باسم "صفقة القرن".
وقال عكاشة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الاتفاق البحريني الإسرائيلي يرجع إلى التغيرات الجيوسياسية بالمنطقة، والأخطار التي بدأت تظهر بالمنطقة منذ نحو 5 سنوات، والتي جعلت الأمن القومي لمعظم دول الخليج العربية مهدد من إيران أو تركيا".
كما أرجع الخطوة إلى تخلص كثير من الدول العربية من ربط الأمن الوطني للدولة من فكرة الأمن القومي العربي، الذي أصبح "مصطلحا تاريخيا"، على حد قوله.
ورأى عكاشة أن هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في تنشيط عملية السلام بالشرق الأوسط عبر إقناع الجانب الإسرائيلي بعدم وجود عدائيات ضده في محيطه العربي، وقدرة الإسرائيليين والفلسطينيين على التعايش سويا.