منح الرئيس الصيني شي جين بينغ وسام الشرف لتشونغ نانشان، وتشانغ بولي، وتشانغ دينغيو، وتشين وي، يوم 8 سبتمبر الجاري في قاعة الشعب الكبرى. وقد جاء هذا التكريم عرفانا وشكرا للعلماء والاطباء على المساهمات البارزة التي قدموها باسم الوطن في مكافحة الإلتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد(كوفيد-19). وفي نفس الوقت، ، كان أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة يظهر على الجانب الأخر من المحيط الأطلسي بوجهه التعب، يدحض بلا حولة ولا قوة نظريات المؤامرة في البث التلفزيوني المباشر لشبكة فوكس، موضحًا للجمهور أنه لا يوجد "خيار سياسي" للقاح كوفيد -19. وفي هذا اليوم، بلغ عدد الحالات المؤكدة للإصابة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة أكثر من 6.5 مليون حالة، ويقترب عدد القتلى من 200000، بزيادة قدرها 24000 حالة في ذلك اليوم.
يعتبر الوضع على جانبي المحيط مختلف تمامًا. من جانب، احترام العلم ومنح العلماء أسمى شرف. حيث تتمسك الصين بالروح العلمية والموقف العلمي، وتتبع القوانين العلمية في جميع مراحل عملية صنع القرار والأمر، وعلاج المرضى، والبحث التقني، والحوكمة الاجتماعية في مواجهة الأمراض المعدية الجديدة غير المعروفة سابقًا. ويعلم الجميع ، من الأطفال في رياض الأطفال، الى البالغين، دور وضرورة غسل اليدين وارتداء الكمامات، لأن احترام العلوم والمعارف قائم في الصين منذ فترة طويلة.
ومن جانب المحيط الآخر، تسود مناهضة الفكر، وتصنيف الحس العام الأساسي للوقاية من الأوبئة على أنها نظرية المؤامرة. وسمي الشريط المعدني المستخدم للتثبيت الكمامة الهوائية بـ 5G لمراقبة الجمهور. وتدعو المحطة التلفزيونية " الكهنة" لإستخدام ما يسمى بـ " أوراكل"في البرنامج لإخراج أزمة كوفيد -19. وكان إلقاء القبض على بيل جيتس (#ArrestBillGates) على تويتر عملية بحث ساخنة، فقط لأنه كان يشتبه في قيامه بتثبيت جهاز تعقب في لقاح ضد كوفيد -19.
وفي مواجهة أخطر وباء في العالم منذ قرن، يقف جميع العلماء في جميع أنحاء العالم تقريبًا إلى جانب العلم والضمير، فقد حللوا بسرعة الخريطة الجينية لفيروس كورونا الجديد، واستثمروا في أبحاث اللقاحات لأول مرة، واستخدموا فرصًا مختلفة لنشر الفطرة السليمة للوقاية من الوباء، ويرفضون التورط في المؤامرات السياسية القذرة لبعض السياسيين الغربيين. ولكن يبدو أن هذا هو "الخطيئة الأصلية" لبعض العلماء. حيث يتلقى ريتشارد هورتون، رئيس تحرير المجلة الطبية الأكثر موثوقية في العالم "The Lancet" ، انتقادا من قبل الرأي العام الغربي لأنه كان يقدر جهود الصين في مكافحة الوباء خلال المقابلات الصحفية، على رغم من بذله جهودا كثيرا لدعاية البشرية جمعاء إلى أخذ كوفيد-19 على محمل الجد من خلال قنوات مختلفة منذ ظهور كوفيد-19.
والأسوأ من هورتون هو أن فاوتشي، الذي كان يعتبر بطلاً قومياً في إدارتي بوش وأوباما، قد هُدد بطرده بسبب بضع كلمات من المعارف العلمية. وبدأ تهميش فاوتشي تدريجياً من قبل البيت الأبيض، بتحريض من السياسيين الجمهوريين، لم تتوقف الهجمات على فاوتشي على وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية أبدًا، بل وطالبوا اخراجه من الولايات المتحدة.
وعلّق مستخدم الانترنت الصيني ذلك بشكل دقيق وموضوعي: دراسة الطب لا يمكن أن تنقذ الولايات المتحدة. واذا وقفنا على عتبة التاريخ، فسنجد المشهد غريبا مثيرا للتفكير: قبل أكثر من مائة عام، أشار أصحاب المثل العليا إلى أن أصل جهل الصينيين يكمن في عدم وجود ركيزتين أساسيتين للحضارة الحديثة: الديمقراطية والعلوم، لذلك، بذلوا جهودا كبيرا لإدخال الديمقراطية والعلوم الى الصين.
الآن، بعد أكثر من مائة عام، وفي مواجهة كوفيد-19، قام بعض السياسيين في بعض البلدان الغربية بطرد الديمقراطية والعلوم من أراضي دولهم. وليس لدينا أي نية للفرح بمأساة الولايات المتحدة، ولن نكون هكذا أبدًا، لأن كل من يقف على أرض الصين يعرف أن البشرية هي مجتمع مصير مشترك. وفي مواجهة الأزمات الكبرى، لا يمكن لأي بلد أن ينجو من أزمة كبيرة بمفرده، وأنما الوحدة والتعاون هما الطريق الصحيح في العالم. ونريد أن ننصح بعض السياسيين الأمريكيين بوضع حساباتهم السياسية الشخصية جانبًا، والاعتزاز بحياة الشعب، والعودة إلى المسار الصحيح لاحترام العلم واحترام العلماء.