بكين 3 سبتمبر 2020 (شينخوا) يصادف هذا العام الذكرى الـ75 لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، بعد أن انتهت الحرب الباردة قبل نحو ثلاثة عقود.
ومن كل من الحرب الساخنة الأكثر دموية في تاريخ البشرية، والمواجهة الأيديولوجية التي كانت تقسم العالم إلى معسكرين متنافسين، يحتاج المجتمع البشري أن يتعلم درسا آخر بالغ الأهمية، وهو ضرورة الاعتزاز بالسلام، ووجوب رفض العدوان.
ولكن، يبدو أنه بدلا من الالتفات إلى تلك الدروس المأساوية من التاريخ، أصبح بعض السياسيين في واشنطن، ومن خلال استغلال وضع الولايات المتحدة كقوة عظمى، العدو اللدود للسلام والاستقرار العالميين.
لقد ظل أولئك المروجون للعبة المحصلة الصفرية في واشنطن يحرضون بتهور على الكراهية والمواجهة في جميع أنحاء العالم. وعلى مدار سنين، ظلوا يختلقون ويروجون كافة أنواع ما يسمى بنظريات "التهديد الصيني"، وقاموا بتكثيف مثل هذه الأعمال الخبيثة خلال فترة التفشي المستعر لوباء كوفيد-19.
ومن أجل تحويل الغضب العام الناجم عن استجابة البيت الأبيض الفاشلة تجاه الوباء، وجعله لمصالحهم السياسية الخاصة، تسابق أولئك السياسيون لاستغلال كل فرصة ممكنة لنشر مجموعة من نظريات المؤامرة، وإثارة الهستيريا المعادية للصين ومشاعر كره الأجانب داخل وخارج الولايات المتحدة.
وبهدف احتواء التنمية في الصين، ظل أولئك الصقور المعادون للصين في واشنطن، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، منهمكين في خنق شركات التكنولوجيا الصينية. وظلوا أيضا يجولون حول العالم ويضغطون على الدول للاختيار بين جانبين: إما واشنطن أو بكين، في محاولة لإثارة الصراع الأيديولوجي وإثارة شبح الحرب الباردة.
أولئك السياسيون الأمريكيون هم أيضا ممارسون جامحون للتنمر على المسرح العالمي، ويزرعون باستمرار الفوضى وعدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم تقريبا.
منذ بداية الألفية الجديدة، قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان والعراق بحجة مكافحة الإرهاب، وتدخلت عسكريا في ليبيا وسوريا تحت ذريعة الإنسانية، ما أدى إلى كوارث إنسانية جحيمية واحدة تلو الأخرى.
وبعد أن تولت الإدارة الأمريكية الحالية السلطة، أصبحت مهووسة بشكل متزايد بتكتيك "الضغط الأقصى" الذي تنتهجه ضد طهران وبيونغ يانغ وكاراكاس، مخاطرة بدفع تلك المناطق إلى هاوية الحروب الدموية. وخلال الأشهر الأخيرة، فاقمت التوتر كثيرا في بحر الصين الجنوبي من خلال إرسال البوارج الحربية والطائرات المقاتلة إلى المنطقة بشكل متكرر.
وظل أولئك السياسيون الأمريكيون يعملون أيضا على تقويض النظام العالمي الحالي الذي ساعدت الولايات المتحدة في بنائه في حقبة ما بعد الحرب، منتهكين القانون الدولي والأعراف المعترف بها على نطاق واسع في العلاقات الدولية، ومقوّضين أسس التعاون متعدد الأطراف.
وفي عالم تكون فيه التحديات العالمية بحاجة إلى حلول متعددة الأطراف، فهم يديرون ظهورهم بوجه المجتمع الدولي.
وتحت أنظارهم، أضحت الولايات المتحدة أكثر حماسة للتلويح بالعصا الغليظة للتعريفات الجمركية ضد جميع شركائها التجاريين الرئيسيين تقريبا، وقد تجاهلت مسؤوليتها كدولة رئيسية، للسيطرة على التسلح وكبح الانتشار النووي، من خلال الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ومعاهدة القوى (أو الصواريخ) النووية متوسطة المدى.
وفي وقت تشتد فيه الحاجة إلى التضامن العالمي لتحقيق النصر في المعركة ضد الوباء المعدي المهلك، دأبت الولايات المتحدة على توليد الحمائية. وقد منعت أو حوّلت طلبات الإمدادات الطبية من الدول الأخرى، وزادت من حدة النزعة القومية للقاحات، وقررت الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ولم تعمل إلا على نشر بذور عدم الثقة والانقسام في المجتمع الدولي وجعل هذه المعركة العالمية الشاقة أكثر صعوبة.
إن الحرب العالمية الثانية التي شملت 61 دولة، يبلغ عدد سكانها 1.7 مليار نسمة، قد خلّفت أكثر من 100 مليون قتيل أو جريح، بينما خلال عقود الحرب الباردة، خيّم السباق على التفوق العالمي على العالم بأسره في ظل الانقسام الأيديولوجي وسباق التسلح والتوترات الجيوسياسية. تلك السنوات التي سادتها الفوضى والمجازر، لا يمكن أبدا السماح بتكرارها بأي شكل من الأشكال.
وقبيل ذكرى اليوم العالمي للسلام لهذا العام، والذي حمل شعار "لنشكل السلام معا"، تعهدت الأمم المتحدة بـ"نحن لسنا أعداء لبعضنا البعض. بل عدونا المشترك هو فيروس لا يكلّ، يهدد صحتنا وأمننا وطرق حياتنا".
ينبغي على واشنطن أن تعمل بجد لكبح جماح جشعها المتضخم للهيمنة العالمية، والوفاء بمسؤوليتها العالمية باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم، والمساعدة في تعزيز السلام الدائم. إنها الطريقة الوحيدة لخدمة المصالح المشتركة للبشرية جمعاء.