السويداء، سوريا 26 يوليو 2020 (شينخوا) يقضي السوري زياد ثابت، معظم وقته على سطح منزله يتفقد الخضروات التي زرعها منذ عدة أسابيع ويراقبها وهي تكبر يوما بعد آخر حتي يجني منها الثمر الذي انتظره بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي في ظل ارتفاع الأسعار في الأسواق.
والرجل الستيني، ذو اللحية البيضاء الكثيفة والشارب الذي يغطي شفته العلوية، مثله مثل معظم السوريين في هذه الايام، يشعر بوجود صعوبات اقتصادية خانقة تمر بها البلاد، والتي أثرت سلبا على سبل العيش خاصة مع فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية جديدة على البلاد مؤخرا.
ولم يستسلم ثابت الملقب بأبي طارق، والذي يعيش في مدينة السويداء جنوب سوريا، للظروف الاقتصادية الصعبة التي بدأت تتفاقم منذ العام الماضي، وراح يفكر بطريقة يتغلب بها على قسوة الأيام الى أن توصل إلى فكرة استخدام سطح منزله لزراعة الخضروات التي يحتاجها للاستهلاك بدلاً من شرائها من السوق.
وبدأ ثابت بتجهيز صناديق مصنوعة من الفلين الصناعي معبأة بالتراب الصالح للزراعة، وقام بزراعة شتول البندورة والخيار والباذنجان والبطيخ وغيرها في تلك الصناديق وراح يسقيها بعناية فائقة ومستمرة.
وقال ثابت، وهو يجلس وسط مشروعه الصغير على سطح منزله لوكالة أنباء ((شينخوا))، "أنا موظف متقاعد وراتبي قليل ومحدود ولا يكفي لشراء كل ما أحتاجه في ظل الأزمة والصعوبات الاقتصادية التي تعيشها سوريا".
وتابع الرجل "بدأنا نبحث عن وسائل جديدة تجعلنا نطعم منها أطفالنا، فكانت فكرة استثمار السطح بزراعة مفيدة تحقق لنا الاكتفاء الذاتي بالإضافة إلى راتبي المعاشي".
ومر عام منذ أن بدأ ثابت في زرع سطح مبنى شقته، والآن يقول إنه يستطيع أن يأكل مما يزرعه ولا يحتاج إلى الذهاب إلى السوق بعد الآن.
وقال " لقد أصبحت الزراعة ضرورة ملحة في هذه الأيام كما هو الحال في أي بلد ، فهي تحقق الاكتفاء الذاتي أو الأمن الغذائي.. من يأكل من مجهوده وأرضه لن يحتاج إلى أي شخص آخر ".
وبعد نجاح تجربة زراعة السطح، بدأ أبو طارق يفكر بالاستفادة من مساحة صغيرة بالقرب من منزله ، وهي أرض كانت مهملة وقام بتنظيفها من الزجاج والصخور وحرثها عدة مرات قبل الزراعة.
والآن، تملأ الخضروات هذه المساحة وباتت ساحة تلفت الانتباه بعد أن كانت مكبا للنفايات لسنوات عديدة.
وقال لـ ((شينخوا))، إنه شجع جيرانه على أن يحذو حذوه ويفعلوا الشيء نفسه في الأماكن المهملة من الأرض، مشيرا إلى أن المشروع لا يكلف الكثير من المال ويحتاج الى إرادة وعزيمة قوية.
وأضاف أن الناس يمكنهم تعلم أي شيء هذه الأيام من الإنترنت، وخاصة كيفية عمل المشاريع الزراعية والعناية بها.
وقال الرجل الذي يتمتع بهمة ونشاط، إن جيرانه شجعوه وأعجبوا بما فعله حيث بدأ بعضهم في المباني المجاورة في تقليد مشروعه بمساعدته ونصيحته.
وأكد أن وضعه أصبح أفضل بكثير بعد مشروع الزراعي، مشيراً إلى أن محاصيله كافية له ولجيرانه.
وإلى الجنوب من مدينة السويداء، في قرية "بكا" التي تبعد 30 كيلو مترا، قام رسلان عثمان، وهو مقاول، بزرع قطعة أرض بجوار منزله بمختلف الخضروات والفواكه.
ووجد الرجل الثلاثيني بالعمر، أن أفضل طريقة لتعديل وضعه الاقتصادي هو الاعتماد على خبرته في الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لعائلته.
ويعيش عثمان بالقرب من شقيقه وبقية أفراد الأسرة، مما يجعلهم جميعًا شركاء في هذا المشروع ويأكلون جميعًا من نفس المزروعات.
وقال عثمان لـ (شينخوا) "خلال العامين الماضيين بدأنا نشعر أن الأموال التي كنا نجنيها ليست كافية بالنسبة لنا كعائلة في هذا المنزل، لذا كانت الزراعة خيارًا جيدًا للغاية حيث شكلت رافدا مهما لنا في الوقت الحالي".
وعثمان في الأصل مزارع لكنه عمل كمقاول فيما بعد واستغرقت وظيفته الثانية وقته.
ومع ذلك، وبينما بدأ الوضع الاقتصادي يزداد سوءًا خلال الحرب التي استمرت أكثر من تسع سنوات ، تغيرت أولويته، وهو الآن يمنح وقته لزراعة أرض بالقرب من منزله وأخرى تمتلكها عائلته في القرية.
وقال عثمان "في خضم الأزمة الاقتصادية الحالية، تغيرت أولوياتي من كوني مقاولًا إلى مزارع، وقد شجعني هذا على التركيز أكثر على الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي أولا بالنسبة لنا حيث تعيش في المنزل أكثر من أسرة".
وأشار الى ان انتاجه من الخضروات انتقل لجيرانه أيضا.
وينتظر عثمان الان موسم قطاف الباذنجان ليصنع منه عدة أشياء كمؤنة للشتاء .