بكين 9 يوليو 2020 (شينخوا) تشهد الشراكة الإستراتيجية الصينية-العربية أسس نمو أعمق ومستقبل تعاون أكثر أشراقا خاصة بعد التضامن والتعاون الوثيقين من الجانبين في مكافحة الوباء الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) منذ بداية العام الجاري.
وفي الأيام الأخيرة، اختتم الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني-العربي الذي عقد بالفيديو، وأصدر الجانبان الصيني والعربي خلال الاجتماع ثلاث وثائق مهمة، تضمنت بيانا مشتركا للتضامن في مكافحة وباء كوفيد-19 بين الصين والدول العربية و"إعلان عمان" وبرنامجا تنفيذيا لمنتدى التعاون الصيني-العربي بين عامي 2020 و2022.
وتوصل الجانبان من قبل عقد الاجتماع إلى اتفاق آراء بشأن مواصلة التعاون والتضامن في مكافحة الوباء وتعميق الشراكة الإستراتيجية الصينية-العربية وبناء مجتمع المستقبل المشترك بين الجانبين.
-- عمل مبدع لعقد الاجتماع في موعده المحدد عبر الفيديو
أشار وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص الأسبق إلى الشرق الأوسط خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء شينخوا مؤخرا، إلى أن إجراء الصين والدول العربية مشاورات وتبادلات عبر الفيديو على خلفية تفشي الوباء هو عمل مبدع لمسيرة التبادلات الصينية العربية يتميز بأهمية بالغة في مراجعة ثمار التعاون الثنائي السابق وتخطيط التعاون المقبل.
ورأى وو أن العلاقات الصينية العربية يمكن أن تصمد أمام اختبار العاصفة، وخاصة مع مواجهة تحديات تفشي وباء كوفيد-19، حيث يقوم الجانبان الصيني العربي بالتآزر والتضامن بشكل وثيق ليتقاسما خبرات وسبل مكافحة الجائحة ويوفرا الدعم والمساعدة لبعضهما البعض في مجالات الإمداد والصحة والثقافة وغيرها، الأمر الذي يعكس الأواصر الودية العميقة بين الجانبين ويساهم في توطيد أساس علاقة الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية وتعزيز الصداقة الشعبية وتوسيع آفاق التعاون الثنائي.
وذكر دينغ لونغ، باحث في دراسات الانفتاح الوطني ومدير مركز أبحاث الخليج بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية، أن المنتدى جرى في موعده المحدد وسط تفشي وباء كوفيد-19 على مستوى العالم ولاسيما أن عدة دول عربية تواجه أوضاعا خطيرة في مكافحة الوباء، وهو ما يدل على الصداقة المتينة بين الصين والدول العربية والرغبة القوية بين الجانبين لمواجهة الصعوبات المتواجدة والتغلب عليها.
وقال دينغ إن "الدعم المتبادل بين الصين والدول العربية بعد تفشي الوباء يضيف محتويات جديدة للشراكة الإستراتيجية بين الصين والدول العربية، وهو ما طور بناء مجتمع المستقبل المشترك الصيني-العربي من مفهوم نظري إلى التطبيق الفعلي".
-- التطبيق الفعلي لبناء مجتمع المستقبل المشترك الصيني-العربي
إلى جانب الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني-العربي، وخلال أقل من نصف الشهر الماضي، عقد الاجتماع الاستثنائي لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية واجتماع افتراضي بين علماء مؤسسات فكرية وغيرها من الفعاليات الثنائية المهمة على مختلف المستويات بين الجانبين الصيني والعربي.
تشهد العلاقات بين الجانبين مزيدا من "التقارب الوثيق" على الرغم من اجتياح الوباء، كما يدخل بناء مجتمع المستقبل المشترك الصيني-العربي التطبيق الفعلي والحقيقي.
وقال عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، المفوض العام للعلاقات العربية وجمهورية الصين الشعبية، قال لمراسل وكالة أنباء شينخوا إن فيروس كورونا الجديد لا يعرف حدودا، وإنه من المستحيل لأي دولة في العالم مواجهة تحدي وباء الفيروس والسيطرة عليه وحدها، إلا أن الوحدة بين جميع دول العالم تعد الطريقة الوحيدة للتغلب على الوباء كما هي السياسة التي يعتمدها الحزب الشيوعي الصيني.
وذكر زكي أنه خلال المعركة ضد الوباء، قام الحزب الشيوعي الصيني بحشد العاملين الطبيين والمعدات الطبية والمستشفيات المحلية بشكل كامل لتنفيذ سلسلة من الإجراءات الهامة والمنسجمة مع توصيات منظمة الصحة العالمية، كما قدمت الصين بنشاط مساعدات للكثير من البلدان التي تعرضت لتفشي الوباء، الأمر الذي كرس مفهوم "التعايش السلمي والفوز المشترك".
-- إمكانات كبيرة في التعاون الثنائي المقبل خاصة بعد الوباء
وعن تجارب التعاون الصيني-العربي في مكافحة الوباء، قال وو سي كه إن هذه التجارب ألهمت التعاون المستقبلي بين الجانبين، وهناك إمكانات كبيرة في التعاون الثنائي في مجالات جديدة، بما فيها الصحة العامة والطب والابتكار العلمي والتكنولوجي والاقتصاد الرقمي للتجارة الإلكترونية، ما يدعم خدمة المصالح المشتركة لكلا الطرفين.
وقال وو إن وباء كوفيد-19 والانكماش الاقتصادي العالمي الناجم عنه، جلبا العديد من الصعوبات والتحديات على صعيد التعاون الصيني العربي، ولكنهما لم يوقفا المشروعات الكبرى والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين خلال الوباء، بل ظل الجانبان يتغلبان على الصعوبات ليواصلا التقدم، وهو ما يدل تماما على التكامل القوي والمنفعة المتبادلة الكبيرة للتعاون الثنائي بين الصين والدول العربية، إضافة إلى إرادة الطرفين القوية للتعاون أيضا.
وناقش الاجتماع المقام في 6 يوليو تقوية الحوكمة والتعاون الدوليين بين الجانبين وحفز بناء مبادرة "الحزام والطريق". وأشار دينغ لونغ إلى أن تفشي الوباء لن يعوق خطوات التعاون والمنافع المتبادلة بين الصين والدول العربية، أما البرنامج التنفيذي في غضون الأعوام الثلاثة المقبلة، فإنه يقدم جدول زمن وخريطة طريقة لتطبيق التعاون الفعلي بين الجانبين في كافة المجالات.
واقترح دينغ أن تواصل الصين تقديم مواد مكافحة الوباء والتقنيات المتعلقة إلى الدول العربية، ومشاركة التجارب والخبرات مع الجانب العربي بشأن كيفية استئناف العمل والإنتاج وضمان معيشة الشعب الأساسية والتوظيف وغيرها، علاوة على توفير دعم ضمن قدرتها لمساعدة شركائها العرب على مواجهة التراجع الاقتصادي الناتج عن الوباء.