بكين 8 يوليو 2020 (شينخوا) أبلغت واشنطن رسميا الأمين العام للأمم المتحدة بانسحابها من منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء، وهي خطوة غير مسؤولة لن تلحق الضرر بمكافحة الجائحة في أمريكا فحسب، بل ستعيق أيضا الحملة الجماعية العالمية للتغلب على الفيروس القاتل.
بالنظر إلى سجلات مسار الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالانسحاب من المعاهدات أو الهيئات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فليس من المستغرب أن نرى فعلا أنانيا ومتمردا آخر من هذا القبيل.
وفي الوقت الذي اقترب فيه عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 في العالم من 11.8 مليون، مع عدم وجود لقاح في الأفق، اختارت الولايات المتحدة شل عمل منظمة الصحة العالمية الدولية التي لم تكن قيادتها أكثر أهمية وضرورية مما هو عليه الآن.
ووصف ريتشارد هورتون، رئيس تحرير مجلة ((لانسيت)) الطبية، الانسحاب الأمريكي بأنه "عمل مجنون ومرعب على حد سواء في آن واحد"، مضيفا أن "الحكومة الأمريكية أصبحت مارقة في وقت من أوقات الطوارئ الإنسانية".
لقد أثبت انسحاب واشنطن من منظمة الصحة العالمية أن الإدارة الأمريكية الحالية هاربة من هذه المعركة الشاقة ضد ممرض مميت، وأنها خائنة للبشرية نفسها.
فالأمر لا يتطلب معرفة علم الصواريخ للوقوف على الدافع السياسي المحض وراء تحرك واشنطن تجاه منظمة الصحة العالمية في موسم الانتخابات. فصانعو القرار في البيت الأبيض يتوهمون الاعتقاد بأن الاتخاذ من منظمة الصحة العالمية كبش فداء سيساعد على تغطية استجاباتهم الفاشلة لتفشي الفيروس.
للأسف، إن الانفصال عن منظمة الصحة العالمية لن يساعد الولايات المتحدة في السيطرة على الجائحة المستفحلة أو تخفيف معاناة الشعب الأمريكي، حيث تجاوز عدد حالات الإصابة المؤكدة بكوفيد-19 في البلاد رقما مروعا وهو 3 ملايين، فيما تجاوز عدد حالات وفاة 131 ألفا.
وحذر السيناتور روبرت مينينديز، كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية الأمريكية، من أن "هذا لن يحمي حياة أو مصالح الأمريكيين - فهو يترك الأمريكيين مرضى وأمريكا وحدها".
وحثت الجمعية الطبية الأمريكية، وهي أكبر مجموعة أطباء في البلاد، البيت الأبيض "بأشد العبارات الممكنة" على العدول عن القرار، محذرة من أن إلغاء عضوية الولايات المتحدة يمكن أن يعطل التجارب السريرية للقاحات.
إن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في العالم، وعلى هذا النحو ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها الواجبة، خاصة خلال الأزمات العالمية غير المسبوقة.
فبدلا من إلقاء اللوم، ينبغي على إدارة البيت الأبيض الحالية أن تفعل أولا المزيد لاحتواء الوضع الوبائي الذي يبدو خارجا عن السيطرة في بلدها.
وبدلا من السعي بصورة محضة إلى تحقيق مكاسب سياسية من أجل الانتخابات القادمة، يتعين على الحكومة الأمريكية مقاومة الإغراء الخطير لتخفيف القيود قبل الأوان، وممارسة الحكمة في تحقيق التوازن بين استعادة الاقتصاد والسيطرة على انتشار الفيروس.
وبدلا من التخلي عن واجباته الدولية، ينبغي على البيت الأبيض أن ينضم إلى بقية العالم في دعم التعاون متعدد الأطراف بقيادة منظمة الصحة العالمية في مجموعة واسعة من القطاعات بدءا من وقف انتقال العدوى عبر الحدود وصولا إلى تبادل المعلومات والقيام بأعمال البحث والتطوير المتعلقة باللقاحات.
تحتاج واشنطن، التي تسعى إلى مكافحة الجائحة بمفردها، إلى معرفة أن العامل الممرض، إذا لم يُهزم بشكل سريع وكامل، لن يترك أحدا سليما. والخيار الأفضل والوحيد المتبقي للجميع هو العمل معا.