بكين 8 يوليو 2020 (شينخوا) دق تلميح لندن الأخير بالحد من مشاركة هواوي في تطوير شبكة الجيل الخامس في بريطانيا ناقوس الخطر من أن التعاون التجاري العادي لبريطانيا مع الدول الأخرى يواجه خطر التسييس تحت ضغوط واشنطن المهيمنة.
بادئ ذي بدء، إن تصنيف مزود معدات الاتصالات الصينية بأنه "بائع دولة عالي المخاطر" هو ببساطة خطأ. فهواوي هي شركة تكنولوجية مملوكة للقطاع الخاص تماما مثل منافستيها الرئيسيين في الجيل الخامس نوكيا وإريكسون.
وحتى الولايات المتحدة، المضطهد الأكثر شراسة للشركة، فشلت حتى الآن في تقديم أي دليل صلب على أن هواوي شكلت أي تهديد للأمن القومي. والأمر الأكثر سخافة أن جميع الاتهامات الأمريكية استندت إلى افتراضات بعض الساسة في واشنطن إن لم تكن من وحي خيالهم.
إن إغلاق الباب في وجه شركة هواوي والانضمام إلى واشنطن في "حرب التكنولوجيا الباردة" ضد الصين من شأنه أن يلحق الضرر بمصالح بريطانيا نفسها.
فهواوي، بتقنياتها المتطورة عالميا وقلة كلفتها نسبيا، قادرة على تقديم حلول فعالة من حيث التكلفة لمشغلي الاتصالات البريطانيين والعملاء العاديين.
وقد اُعتمدت بالفعل تقنيات هواوي على نطاق واسع في شبكات الجيل الخامس في جميع أنحاء بريطانيا، حيث تقوم الشركة الصينية الآن بتزويد معدات شبكات الاتصالات لجميع مزودي خدمات الهاتف المحمول والنطاق العريض الرئيسيين في البلاد. وبمجرد أن يضطر هؤلاء مقدمو الخدمة إلى استبدال معداتهم الحالية، لن تضطر بريطانيا إلى قضاء وقت أطول وإنفاق المزيد من المال فقط في بناء البنية التحتية الخاصة بها، ولكنها ستواجه أيضا إمكانية استبدالها مضطرة بجودة أقل.
وبالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأعمال التي تقوم بها في بريطانيا من الهواتف الذكية إلى شبكات الهاتف المحمول، استثمرت هواوي أيضا ملايين الجنيهات في البحث والتطوير في البلاد. كما تخطط لبناء مركز متطور في كامبريدج سيركز على البحث والتطوير وتصنيع الأجهزة والوحدات البصرية.
ويعني حظر الشركة الصينية أن بريطانيا ستتجرع خسائر غير ضرورية وبعيدة المدى في تطوير قدرات البحث العلمي في التقنيات المتقدمة.
في السنوات الأخيرة، تطور التعاون بين الصين وبريطانيا، لا سيما في قطاعي التجارة والتمويل. وفي فترة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تفخر بريطانيا بإمكانيات تعاون كبيرة في مختلف المجالات، ليس فقط مع الصين، ولكن أيضا مع بقية العالم. وفي حال اتخذت لندن منعطفا في سياستها إزاء هواوي، فسيؤثر مثل هذا القرار حتما وبشدة على تعاونها مع بكين.
علاوة على ذلك، سيبعث الحظر المحتمل للشركة الصينية برسالة إلى المستثمرين الأجانب الذين يقومون بأعمال تجارية أو لديهم اهتمام بالسوق البريطانية بأنهم قد يضطرون يوما ما إلى مواجهة نفس المصير الذي يواجه هواوي الآن. وهذا بالتأكيد لا يخدم صورة بريطانيا كوجهة استثمارية دولية جذابة.
وللأسف، إذا استسلم القادة البريطانيون في 10 داونينغ ستريت لضغوط واشنطن وحظروا هواوي، فسيثبت ذلك للعالم بأسره مرة أخرى أن واشنطن تستطيع أن تملي أجندتها على لندن، مما يؤدي إلى تآكل قدرة بريطانيا على اتخاذ قرارات من تلقاء نفسها.
لقد وعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ذات مرة مواطنيه بأنه سيجعل بريطانيا "أعظم دولة على وجه الأرض".
ومن المأمول أن تتخلى بريطانيا عن الإجراءات التمييزية ضد دول أو شركات معينة، وتتخذ خيارات مستقلة وعقلانية تخدم مصالحها الخاصة.
ولا شك أن خلق بيئة عمل منفتحة ونزيهة، بدلا من اتباع هراءات واشنطن بشكل أعمى، يمكن أن يساعد الزعيم البريطاني على الوفاء بوعده.