بغداد 2 مايو 2020 (شينخوا) شن مسلحو تنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية (داعش) عدة هجمات متزامنة استهدفت مواقع لقوات حشد العشائر (مقاتلين سنة ضمن قوات الحشد الشعبي) والشرطة الاتحادية بمناطق متفرقة جنوب مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال بغداد، أسفرت عن مقتل 18 من أفراد القوات الأمنية، فيما اعتبر محللون أن هذه الهجمات هي محاولة من التنظيم لتأكيد وجوده وانعكاس للخلافات السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال العقيد محمد خليل البازي من قيادة شرطة صلاح الدين لوكالة أنباء (شينخوا) إن مسلحي (داعش) هاجموا في وقت مبكر من صباح اليوم، موقعا لقوات حشد العشائر بالقرب من منطقة دجلة (20 كم) جنوب تكريت.
وأضاف أن الهجوم الذي وقع أثناء انشغال المقاتلين باعداد وجبة السحور، أسفر عن مقتل 11 من أفراد حشد العشائر، فيما قتل أحد أفراد حشد العشائر بهجوم منفصل قرب مدينة بلد (90 كلم) جنو تكريت.
وتابع البازي، أن مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم (داعش) هاجمت في وقت مبكر من صباح اليوم موقعا لقوات الشرطة الاتحادية في قرية تل الذهب (95 كلم) جنوب مدينة تكريت، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة.
وأشار إلى أن مسلحي (داعش) هاجموا موقعا لقوات الشرطة الاتحادية في منطقة مطيبيجة (30 كلم) شرق مدينة سامراء (40 كلم) جنوب تكريت، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة وإصابة واحد بجروح، فيما فر المهاجمون إلى جهة مجهولة.
ولفت البازي إلى أن تعزيزات كبيرة من القوات الامنية مدعومة بالطيران المروحي للجيش العراقي وطيران القوة الجوية بدأت عملية تفتيش لتعقب المسلحين في المناطق التي شهدت هجمات لمسلحي (داعش)، مبينا أن جميع المناطق التي شهدت هجمات هذا اليوم هي ذات طبيعة جغرافية معقدة من حيث وجود الغطاء النباتي الكثيف والمسطحات المائية والاودية.
وأرجع، العميد خضير محمود العزواي من قيادة شرطة صلاح الدين أسباب، هذه الهجمات إلى وجود حالة من التهاون واللامبالاة في صفوف بعض قطعات القوات الامنية وعدم اخذها الاستعدادات الكافية لمواجهة هجمات التنظيم المتطرف.
وأضاف أن السبب الاخر هو ضعف الجهد الاستخباري وندرة المعلومات التي يتبادلها العراق مع قوات التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، مما أثر بشكل واضح في عدم تمكن الجانب العراقي من كشف تلك الهجمات ومحاولة وأدها قبل انطلاقها.
وأوضح العزاوي أن المعلومات الاستخبارية المتوفرة لدى قوات الأمن العراقية تشير إلى أن عناصر التنظيم بدأوا منذ مدة بإعادة هيكلة عناصرهم وتوزيعهم على المناطق النائية لمحافظات الوسط والشمال ومن ثم العمل عبر خلايا نائمة لشن هجمات على طريقة أضرب وأهرب التي ينفذها رجال العصابات في كل مكان من العالم.
وأشار إلى أن التنظيم الإرهابي المسلح وجد ملاذات شبه أمنه عند الحدود الإدارية لمحافظة صلاح الدين مع المحافظات الأخرى لاسيما وان محافظة صلاح الدين ترتبط بحدود إدارية مع سبع محافظات منها اربع ساخنة وهي الانبار ونينوى وديالى وكركوك.
وشدد على أن قلة العمليات الاستباقية لضرب الاوكار التي يتخذها عناصر داعش في تلك المناطق ملاذات لهم، أعطى عناصر التنظيم فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم في المناطق التي يتواجدون فيها وهي جبل مكحول والخانوكة والحدود الإدارية مع محافظة أربيل في الشمال وجبال حمرين ومنطقة الزركة وزغيتون وصولا إلى مطيبيجة وديالى والحدود الطويلة مع محافظة الانبار في الغرب ونينوى في الشمال وصولا إلى الحدود السورية والتي باتت تشكل العمق السوقي لعناصر داعش.
واعتبر العزاوي، أن (داعش) يهدف من وراء شن مثل هذه الهجمات إلى اثبات انه موجود على الارض ويستطيع تنفيذ الهجمات في الوقت الذي يحدده في محاولة لرفع الروح المعنوية لمقاتليه، لافتا إلى أن التنظيم فقد اهم عوامل وجوده وهي الحاضنة الشعبية ولم تعد لديه القدرة على تجنيد المزيد من المقاتلين، كما انه لم يستطيع السيطرة على منطقة معينة ولذلك عاد استخدم أسلوب حرب العصابات وشن هجمات متفرقة هنا وهناك.
من جانبه، وصف المحلل الساسي مروان ناجي الجبارة ما حصل من هجمات دامية، بأنه مأساة وكارثة يمكن ان تتكرر سواء في صلاح الدين أو في المحافظات الأخرى بسبب انشغال المسؤولين بالتجاذبات السياسية، فيما بينهم لتقاسم المناصب والمكاسب في بغداد في ضوء المباحثات الجارية لتشكيل حكومة ينتظر منها ان تتخذ قرارات مهمة في سبيل إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها.
وأضاف، أن التنظيم بدأ يستغل هذا الظرف لاسيما مع ضعف التنسيق العراقي الأمريكي نتيجة للصراعات الإقليمية وعدم قدرة القوى الاستخبارية العراقية العديدة على إيصال المعلومات وتجميعها عن حركة التنظيم وفك خططه لمهاجمة القوات العراقية، فضلا عن أن ضعف التنسيق وتعدد مراكز القيادة والسيطرة أدى إلى تفكك المجهود العام وتناثره في بقاع متعددة أدت بالنتيجة إلى اضعاف موقف القوات الأمنية بشكل عام.
واستنكر مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة الهجمات، وقال في بيان له إن "العملية التي نفذتها زمرة الارهاب الاجرامية، انما تمثل محاولة يائسة لاستثمار حالة التناحر السياسي التي تعرقل تشكيل الحكومة للقيام بواجبها الوطني في حماية أمن المواطنين وملاحقة الارهاب على امتداد الوطن، وهي محاولات تتطلب المزيد من المسؤولية في تعاطي القوى السياسية المختلفة مع ملف تشكيل الحكومة بعيدا عن روح الاستئثار والتحاصص التي تثبت انها لاتؤسس للاستقرار السياسي والامني الناجز".
من جانبه، استنكر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الهجوم وقال في بيان صدر عن مكتبه، إن "الخروقات الإرهابية المتكررة تتطلب وقفة جادة لمراجعة الخطط الأمنية، ولاسيما في المناطق المحررة؛ للقضاء على بقايا خلايا داعش الإرهابي"، داعيا إلى "عدم التراخي والتهاون بهذا الملف، والحفاظ على النصر القائم".
وكان نجاح الشمري، وزير الدفاع العراقي، قد أكد مطلع الشهر الماضي، وجود زيادة في العمليات الارهابية وعمليات التسلل من قبل التنظيم المتطرف أخيرا، مطالبا بضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك مع وضع التقييم الكامل لكافة الحوادث في قواطع العمليات.
يشار إلى أن العديد من المناطق العراقية ما زالت تشهد هجمات ينفذها مسلحو تنظيم (داعش) بين الحين والأخر، على الرغم من أن حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي السابق قد أعلن في العام 2017 عن تحرير جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم المتطرف.