هذه هي اللحظة الحاسمة التي يحتاج فيها المجتمع الدولي إلى أكبر قدر ممكن من التضامن والتعاون لمحاربة وباء كورونا المستجد. لكن الأداء البغيض من قبل بعض السياسيين الغربيين يدل على أنهم مُصرّين على تسييس هذا الوباء. في الآونة الأخيرة تجاهلوا كل الحقائق وألقوا باللوم على منظمة الصحة العالمية لفشلهم في مكافحة الوباء حتى أنهم هددوا بتعليق دفع مساهماتهم لهذه المنظمة. لكن يمكن للناس أن يفهموا أن الأسباب الداخلية هي العوامل الرئيسية، وبغض النظر عن مدى إلقاء لومهم على منظمة الصحة العالمية، فلا يمكنهم إخفاء عللهم الهيكلية.
إن الدور القيادي الذي تلعبه منظمة الصحة العالمية في التعاون الدولي لمكافحة الوباء واضح للجميع، ومنذ تفشي المرض قامت هذه المنظمة بقيادة مديرها تيدروس بواجباتها بكل نشاط وحيوية ودعمت الموقف بشكل موضوعي وعلمي ونزيه. كما أنها لعبت دورا هاما في مساعدة البلدان لمواجهة الفيروس وتعزيز التعاون الدولي ضد تفشي هذا الوباء. كما أنها تدعم البلدان لبناء قدرات قوية على الإستجابة للتحديات التي تواجهها، وتتعاون مع الشركاء الدوليين لتوفير المعلومات الدقيقة حول تفشي الفيروس ومكافحة الجرائم المتعلقة بالمعلومات الخاطئة، وتسعى جاهدة لضمان تزويد العاملين في الخطوط الأولى في المجال الصحي بالمعدات الطبية اللازمة، كما أنها تجتهد لتدريب وتعبئة العاملين في المجال الصحي وتنسيق وتسريع البحث والتطوير فيما يتعلق بتفشي هذا الوباء. إن الجهود التي تبذلها هذه المنظمة هي بالضبط ما يحتاج إليها العالم على وجه السرعة، كما أن المجتمع الدولي يعترف ويشيد بكل الأدوار التي تقوم بها. وكما قال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يجب دعم منظمة الصحة العالمية، كما أن دعم عملها يعد أمرا أساسيا في الكفاح العالمي ضد وباء كورونا المستجد.
أثار بعض السياسيين في الدول الغربية ضجة كبيرة حول قضية حياد المنظمة، وألقوا باللوم عليها دون سبب، لكن وبكل بساطة فإن حججهم عارية تماما من الصحة أمام كل الحقائق. استنادا إلى مبادئ الإنصاف والموضوعية والحياد، فإن المنظمة تقدم الخدمات لجميع الناس وقد أصدرت 50 إرشادا تقنيا للعالم، وشحنت أكثر من مليوني قطعة من معدات اللوازم الطبية للحماية الشخصية إلى 133 دولة وعملت مع أكثر من 90 دولة لإيجاد طرق علاجية فعالة. إن مساعدة منظمة الصحة العالمية للأشخاص الأكثر احتياجا في العالم هي بالتحديد مظهر سامي من مظاهر الروح الإنسانية الدولية. وقال أسيس جحا أستاذ الصحة العامة بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة : ”إن فهم منظمة الصحة العالمية للبيانات شفاف للغاية وتعطي معلومات يومية وتدرك جيدا شدة المرض وخطورته وكيف يجب على المجتمع الدولي أن يستجيب له“. ويعتقد فود مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية أن المنظمة تقوم بعمل جيد تحت قيادة مديرها تيدروس. وصرح رئيس جنوب إفريقيا رامافوسا بأنه خلال هذه الأزمة الصحية العالمية العامة الغير مسبوقة وتحت القيادة الحكيمة لتيدروس: ”لا يمكن الإستهانة بالمهارات القيادية غير المعتادة التي أظهرتها منظمة الصحة العالمية“. يخبرنا الضمير البشري أن تلك الأفعال التي تنفصل عن الحقائق وتسيئ وتشوه منظمة الصحة العالمية كلها تشرير إلى فقدان العدالة وهذا ما يتعارض تماما مع الرأي العام للمجتمع الدولي.
بطبيعة الحال، لم يعد في قاموس بعض السياسيين الغربيين كلمة "العدالة"، إنهم لا يريدون تكثيف وتحسين إجراءات مكافحة فيروس كورونا المستجد بشكل علمي ومهني، إنهم فقط يبحثون عن كبش فداء ولعب دور المصباح السحري الذي ينير الرأي العام من أجل مصلحتهم السياسية الذاتية والإنغماس في القمار السياسي. بينما في واقع الحال يتساءل المزيد من الناس عن سبب رفض هؤلاء السياسيين استخدام وقتهم وطاقاتهم لإنقاذ المزيد من الأرواح البشرية.
تعتبر طوارئ الصحة العامة من التحديات العالمية، ولا يمكن لأي بلد أن يكون بمعزل عن الآخرين. إن الهدف الأصلي من إنشاء منظمة الصحة العالمية هو تحسين الحوكمة الصحية العالمية ومساعدة جميع البلدان على مواجهة تحديات أمن الصحة العامة. ومحاولة إضعاف دور المؤسسات المتعددة الأطراف مثل هذه المنظمة وتقويض نظام الحوكمة الصحية العالمي أمر غير مسؤول للغاية إذا تعلق الأمر بسلامة الأرواح البشرية والصحة البدنية. كما أن تقويض الوحدة والتعاون يمكن أن يعيق إجراءات مكافحة هذا الوباء، لأن هذه المسألة هي مسألة حياة أو موت ويجب على جميع الناس أن يكونوا متيقظين وفطنين.