القاهرة 2 يناير 2020 (شينخوا) اعتبرت جامعة الدول العربية اليوم (الخميس)، أن تمرير البرلمان التركي مشروع قانون يسمح بإرسال قوات عسكرية لليبيا "يعد إذكاء للصراع هناك"، وذلك في وقت حذرت فيه مصر أنقرة من مغبة التدخل العسكري في ليبيا، مؤكدة أنها"لن تقف مكتوفة الأيدي".
ومرر البرلمان التركي خلال جلسة طارئة اليوم مشروع قانون يفوض الحكومة بنشر قوات في ليبيا لعام واحد، بأغلبية 325 صوتا مقابل 184.
وحظي مشروع القانون بدعم أحزاب العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية، والسعادة.
وذكرت الجامعة العربية، في بيان، ان قرار البرلمان التركي "يتجاهل ما تضمنه القرار العربي الصادر عن مجلس الجامعة العربية أول أمس الثلاثاء من التشديد على رفض، وضرورة منع، التدخلات الخارجية التي قد ينتج عنها تسهيل انتقال العناصر الإرهابية والقوات المقاتلة لليبيا، بما يسهم في استمرار حالة عدم الاستقرار والمواجهات العسكرية في ليبيا، ويهدد أمن دول الجوار الليبي".
وأضافت أن "القرار التركي يتضمن مخالفة نص وروح الاتفاق السياسي الليبي والقرارات الدولية ذات الصلة، على نحو يسمح بالتدخلات العسكرية الخارجية، وبما يسهم في تصعيد وإطالة أمد الصراع في ليبيا والمنطقة".
وأكدت أن "التسوية السياسية تظل هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا".
بدوره، عبر رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي عن رفضه التام لقرار البرلمان التركي، واعتبره "انتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن الدولي التي نصت على حظر توريد الأسلحة ليبيا".
وحذر السلمي، في بيان، من أن التدخل العسكري التركي في ليبيا يعمق الصراع بين الأطراف هناك، ويعد تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لإلزام تركيا بقرارات مجلس الأمن، ووقف تدخلها العسكري في ليبيا، ومنع تسهيل نقل المقاتلين الأجانب للأخيرة.
وشدد على أن حل الأزمة الليبية لن يتحقق بالتدخل العسكري الخارجي دعما لطرف على حساب آخر، بل بحوار سياسي شامل بين كافة أبناء الشعب الليبي.
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية المصرية بشدة قرار البرلمان التركي، واعتبرته في بيان على صفحتها الرسمية في ((فيسبوك)) انتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن حول ليبيا.
وحذرت من "مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته"، وأوضحت أن "مثل هذا التدخل سيؤثر سلباً على استقرار منطقة البحر المتوسط".
وانتقدت "الدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية وقيامها بنقل عناصر متطرفة من سوريا إلى ليبيا"، وأكدت "وحدة الموقف العربي الرافض لأي تدخل خارجي في ليبيا"، مشيرة إلى قرار مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الثلاثاء الماضي.
وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالا هاتفيا مع مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين، بحثا خلاله قرار البرلمان التركي، حسب المتحدث باسم الخارجية أحمد حافظ.
كما أجرى شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في السعودية واليونان وقبرص، إلى جانب وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية حول نفس الأمر.
وشهدت المباحثات الهاتفية توافقا حول خطورة هذا التطور على الأمن القومي العربي والأمن الإقليمي وأمن البحر المتوسط، وفقا للمتحدث المصري.
بينما أكد البرلمان المصري في بيان أن "مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التصرفات الرعناء غير المسئولة" من قبل تركيا.
وأشار إلى أن "مصر ستدافع عن أمنها القومي وما يمس مصالحها الحيوية ومصالح أشقائها، وستتخذ كافة الإجراءات الواجبة اللازمة لمواجهة هذه التهديدات والتصرفات غير المقبولة".
وبالتزامن مع صدور قرار البرلمان التركي، عقد مجلس الأمن القومي المصري برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا، تم خلاله استعراض التطورات الراهنة المتصلة بالأزمة الليبية والتهديدات الناشئة عن التدخل العسكري الخارجي في ليبيا.
ووفقا للمتحدث الرئاسي بسام راضي، فقد تم خلال الاجتماع "تحديد مجموعة من الإجراءات على مختلف الأصعدة للتصدي لأي تهديد للأمن القومي المصري".
واعتبر المحلل السياسي مختار غباشي، أن "ما تفعله تركيا حاليا بمثابة تهديد للضغط على المشير خليفة حفتر (قائد الجيش الوطني الليبي) لوقف هجومه على طرابلس".
وقال غباشي، وهو نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "إذا أوقف حفتر الهجوم اتوقع ألا ترسل تركيا قواتها إلى ليبيا".
وأردف أن تركيا لو أرسلت قوات إلى ليبيا فسوف تكون بهدف حماية رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج والدفاع عن طرابلس من خلال توفير مساعدات لوجستية، دون أن يكون لهذه القوات دور فعال في القتال.
وتابع أن موقف مصر إزاء قرار البرلمان التركي "شديد اللهجة"، قبل أن يستدرك "لكن هل يتطور الأمر إلى تدخل مصري صريح في ليبيا أتصور لا".
ووقعت أنقرة أخيرا مع حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة السراج على مذكرتي تفاهم، الأولى حول التعاون الأمني، والثانية حول الحدود البحرية، وهو أمر أعلنت كل من مصر واليونان وقبرص عدم الاعتداد به، في ظل خلافات بين الدول الثلاث من جانب وتركيا من جانب آخر حول التنقيب عن البترول والغاز في البحر المتوسط.
ولاحقا، أعلنت تركيا اعتزامها إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة السراج، بموجب الاتفاق، قبل أن يمرر البرلمان التركي مشروع قانون بهذا الشأن اليوم.
وتعاني ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 من فوضى أمنية وصراع على السلطة.
وتوجد حكومتان في هذا البلد الغني بالنفط، إحداهما في العاصمة طرابلس، وهي حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج وتحظى باعتراف دولي، والأخرى في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان و"الجيش الوطني"، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وتشن قوات "الجيش الوطني" منذ الرابع من أبريل الماضي هجوما للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق، وتخوض معارك ضد قوات تابعة للأخيرة.
لكن وتيرة المعارك تصاعدت مع إعلان حفتر في 12 ديسمبر الماضي بدء "المعركة الحاسمة" والتقدم نحو "قلب طرابلس".