عدن، اليمن 24 ديسمبر 2019 (شينخوا) يرقد المواطن (محمد عقلان فارع، 40 عاما) في مستشفى خاص في مدينة تعز اليمنية، منذ تسعة أشهر بعد أن انفجر به لغم أرضي تسبب له بإعاقة دائمة.
وكان فارع (أب لتسعة أطفال)، يسير في طريق فرعي في منطقة "الأقروض" بمديرية المسراخ في ريف تعز، عندما أنفجر به لغم أرضي تسبب بإعاقتة جسديا وأفقد أسرته عائلها الوحيد.
ويخضع فارع حاليا للعلاج في مستشفى خاص في تعز، وساقه الأيمن مبتورا، ويعاني من جراح بالغة في ساقه الأيسر، بحسب الإرشادات الطبية فان فارع، بحاجة لرجل صناعي وزراعة جلد للفخذ الأيسر والساق، في مركز متخصص خارج البلاد، لكن فارع رجل معوز ولا يجد ما يمكنه من السفر لتلقي العلاج أو شراء رجل صناعي.
مثل فارع مئات المدنيين ممن يعانون من جراحهم وإعاقات دائمة نتيجة الألغام الأرضية التي زرعت بشكل كبير في هذه المحافظة ذات الكثافة السكانية.
وبحسب التقييمات والمسوحات الميدانية الرسمية فإن محافظة تعز هي أكثر محافظة ملوثة بالألغام في اليمن، وتعز هي أكثر محافظة ذات كثافة سكانية في اليمن.
يقول العقيد عارف القحطاني، المدير التنفيذي للبرنامج الوطني لنزع الألغام في تعز، إن المحافظة هي أكثر محافظة يمنية ملوثة بالألغام التي زرعها الحوثيون في نطاق واسع.
وأوضح القحطاني لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن تعز تعتبر أكثر المحافظات اليمنية ملوثة بالألغام الفردية والألغام المضادة للأليات ومخلفات الحرب من مقذوفات غير منفجرة وصواريخ وقنابل وعبوات ناسفة.
وأضاف "زرع الحوثيون الألغام على نطاق واسع في 18 مديرية من المحافظة من أصل 23 مديرية".
وبحسب القحطاني، فإن الحوثيين خالفوا بهذا نص اتفاق أوتاوا الذي وقعت عليه اليمن، والذي يمنع استخدام ونقل وخزن وزراعة الألغام.
وتابع : " الألغام المضادة للأليات والتي تنفجر على وزن 140 كيلوجراما، حولها الحوثيون إلى ألغام فردية لتنفجر على وزن خمسة كيلوجرامات، باستخدام صحيفة الضغط الكهربائية.
كما استخدم الحوثيون تقنيات حديثة من الألغام، ذات الشظايا القطرية والشظايا الموجهة وأخرى تعمل بالمتحسسات الضوئية والكهربائية الحرارية حسب القحطاني.
ولفت إلى أن الحوثيين زرعوا الألغام في المديريات الساحلية (مديريات تشرف على مضيق باب المندب الممر المائي الدولي، وميناء المخا) غربي المحافظة وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للملاحة الدولية والسكان في مناطق الساحل.
وتقع مديريات المخا وذباب وموزع والوازعية على سواحل البحر الأحمر غرب محافظة تعز.
ومضى قائلا :" تم زراعة الألغام في المدارس والطرقات وأماكن التجمعات السكانية للمدنيين ما تسبب بخسائر بشرية ومادية".
وأكد المسؤول اليمني، أن الألغام في محافظة تعز تسببت منذ 2015، وحتى اليوم، بمقتل وإصابة 1729 مدنيا منهم 484 قتيلا، توزعوا بين 162 طفلا و 117 من النساء و 205 قتلى من الرجال.
وأضاف " كما تعرض 1245 مدنيا لإصابات وتشوهات وإعاقات، منهم 287 طفلا و193 امرأة و 765 رجلا".
وتابع إلى جانب ما خلفته الألغام من خسائر بشرية، تسببت بموجة نزوح كبيرة للسكان، وتسببت كذلك في إعاقة المشاريع الإقتصادية والزراعية والصناعية في المحافظة.
ولفت القحطاني إلى أن البرنامج الوطني لنزع الألغام في تعز يعمل في ثلاث مسارات رئيسية هي فرق التطهير ونزع الألغام وفرق التوعية المجتمعية بمخاطر الألغام وفرق مساعدة ضحايا الألغام.
وواصل قائلا: "برنامج التوعية بمخاطر الألغام ومخلفات الحرب يهدف إلى نشر الوعي المجتمعي لغرض تقليل الضحايا في صفوف المدنيين وتغيير السلوك الخاطئ واتباع السلوك الأمن أثناء مصادفة الأجسام الغريبة".
وأشار المسؤول القحطاني إلى أن الألغام تمثل كارثة كبيرة في اليمن عموما وتعز خصوصا، وتزيد من المعاناة وتتسبب شبه يوميا بسقوط ضحايا مدنيين.
من جانبه، قال الخبير اليمني في نزع الألغام باسم العريقي، أن محافظة تعز من أكثر المناطق ملوثة بالألغام ، وأن ست فرق هندسية تعمل في مناطق متعددة من المحافظة على عملية النزع والتطهير.
وأوضح العريقي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن ست فرق هندسية تعمل في كل من مديريتي موزع والوازعية على الساحل غربي تعز، وفي مديرية جبل حبشي ومديرية صبر الموادم في ريف المحافظة وفي منطقة المظفر غرب مدينة تعز ومنطقة صالة شرقي المدينة.
وأضاف " تم نزع عشرات الألاف من الألغام من مناطق عدة في المحافظة".
وتابع : "زرع الحوثيون الألغام والعبوات بكثافة، فمثلا مدرسة عقبة (حكومية) في منطقة ثعبات شرق مدينة تعز، تم نزع نحو 40 لغما أرضيا وعبوتين ناسفتين منها".
وأشار الخبير العريقي إلى أن الفرق تمكنت من تطهير عدة مناطق خاصة تلك التي لها علاقة بالحياة اليومية للناس، مثل الطرق والمدارس والمباني وتم تسليمها للسلطة المحلية.
وتشير التقديرات الرسمية الحكومية إلى أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون لغم أرضي في مناطق واسعة من اليمن منذ أواخر العام 2014.
وتشهد اليمن نزاعا دمويا بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي منذ نهاية 2014، عندما استكمل الحوثيون سيطرتهم على مناطق واسعة في أقصى الشمال اليمني ثم اجتياحهم للعاصمة صنعاء.