صورة التقطت في الـ27 من فبراير 2019 لطلبة لبنانيين وهم يتعلمون اللغة الصينية بمعهد كونفوشيوس في جامعة القديس يوسف بالعاصمة اللبنانية بيروت. فتزايد حجم العلاقات التجارية بين لبنان والصين شجع المزيد من اللبنانيين على التعرف على الثقافة والتقاليد الصينية. وصار لدى الطلبة اللبنانيين شغف معرفي إلى تعلم الصينية. |
بكين 25 ديسمبر 2019 (شينخوا)"هل كل صيني يجيد الكونغ- فو؟"، شعرت المدرسة الصينية وانغ يي سو في معهد كونفوشيوس بجامعة القديس يوسف اللبنانية بمدى أهمية عملها عندما طرح طلابها اللبنانيون هذا السؤال. وتقول إنه "منذ تلك اللحظة، أدركت أن واجبي لا يقتصر على تعليم اللغة الصينية فقط، بل المساهمة بنقل الثقافة الصينية وتعميق فهمها أيضا".
رغم التباعد الجغرافي بين الثقافتين الصينية والعربية، فقد باتت معاهد كونفوشيوس تلعب دورا واسعا في التبادلات الثقافية والشعبية بين الصين والعالم العربي والتقريب بينهما.
ويُعتبر معهد كونفوشيوس بجامعة القديس يوسف اللبنانية أول معهد كونفوشيوس في العالم العربي، حيث يعود تاريخ إنشائه إلى عام 2007.
في البداية، أحست وانغ يي سو بمدى الصعوبة التي يواجهها طلابها في تعلم اللغة الصينية، لذا فضلت إتباع أسلوب أكثر يسرا وسهولة، وفي نفس الوقت يكون غنيا ومكثفا، فلجأت إلى تبسيط المواد التعليمية عبر تقديمها ضمن قالب إلقاء قصصي، ما جذب الطلاب وجعلهم أكثر تركيزا وفهما ومتابعة. تقول وانغ "لقد غيرت أسلوب التعليم بما يجعل المواد مفهومة أكثر".
منذ عام 2017، تولت تشو تينغ تينغ منصب مديرة معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس المصرية. ومن بين الأمور التي لاحظتها تشو الاختلاف في عادات التحية. إذ قالت "المصريون يفضلون استخدام العديد من الكلمات عند إلقاء التحية مع القيام بالتقبيل أيضا، بينما يميل الصينيون إلى الاكتفاء بقول أهلا وسهلا فقط". وكل هذا يندرج ضمن العادات المعيشية اليومية والتي لا يمكن تعلمها باكتساب اللغة فقط، بل عبر التبادلات وزيادة التعرف على الثقافة المحلية وفهمها.
برأي تشو تينغ تينغ، فإنه في سياق التوسع المستمر في حجم التجارة بين الصين ومصر، كان لزاما على معهد كونفوشيوس التكيف مع الوضع واستخدام الثقافة للمساعدة في التنمية الاقتصادية المحلية.
وأفادت "لدينا موقع جغرافي خاص للغاية. إذ إننا في نقطة التقاء بين مبادرة الحزام والطريق وإستراتيجية مصر لتطوير منطقة السويس الاقتصادية الخاصة. وهناك المزيد والمزيد من الشركات الصينية التي تستقر هنا، وخاصة بعض شركات التصنيع الكبيرة".
وأضافت أنه "مع تزايد حجم العمالة المحلية المصرية في هذه الشركات، وتجاوز نسبتها في بعض الشركات 90 بالمائة من هيكل الموظفين، فقد تسبب ذلك بحدوث بعض الإرباكات العملية الناجمة عن الفروق الثقافية، في مقدمتها الحواجز اللغوية والتواصل بين الموظفين الصينيين ونظرائهم المصريين، الأمر الذي أظهر الحاجة الملحة لبرامجنا وساهم في الإقبال المتزايد عليها".
وفي الإمارات، تتوافد أعداد كبيرة على معهدي كونفوشيوس في كل من جامعتي زايد ودبي لتعلم اللغة الصينية والتعرف على ثقافتها من قبل الأفراد في الدوائر الحكومية وطلبة المدارس والمواطنين الإماراتيين.
وذهبت الإمارات أبعد من ذلك من خلال إدراج اللغة الصينية في المناهج التعليمية الإماراتية المتفق عليها سابقا في إطار التعاون الأكاديمي المستمر الثنائي. وبدأ تطبيق منهاج اللغة الصينية في مدارس الدولة في سبتمبر الماضي، بحيث يشمل طلاب الصف السابع حتى الثاني عشر.
وكان علي عبيد الظاهري سفير الإمارات لدى الصين قد أكد في وقت سابق أن فكرة إدراج تعليم اللغة الصينية في المناهج التعليمية الإماراتية المتفق عليها سابقا جاءت لتعزيز التبادل الثقافي والأكاديمي بين الإمارات والصين.
وكذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية في فبراير الماضي البدء في وضع خطة لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي في المراحل التعليمية بالمملكة وذلك خلال الزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود إلى العاصمة الصينية بكين.
واعتبر حينها الدكتور حسام زمان، مدير جامعة الطائف السعودية، أن صعود الصين في العقود القليلة الماضية لفت الانتباه إلى أهمية تعليم اللغة الصينية على المستوى الدولي.
وما أكسب هذه الخطوة من أهمية ما لها من دلالات، حيث تشكل استمرارا للتعاون بين البلدين، فبعد التعاون في مجال الطاقة والتكامل في الهياكل الصناعية والتنمية المستمرة في التجارة والقدر الإنتاجية، جاء الدور على التبادلات الشعبية والثقافية، ليكمل بذلك مسار تعزيز الترابط بين مبادرة الحزام والطريق ورؤية 2030.
وفي الأردن، ومع التزايد الملحوظ في الإقبال على تعلم اللغة الصينية هناك ولاسيما من جانب رجال الأعمال وجيل الشباب في المدارس والجامعات، اتجهت عدة مدارس إلى تعليم الصينية كلغة ثالثة لطلبتها مثل مدرسة الأهلية.
ويعود تاريخ التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين والعالم العربي إلى قرون مضت. ومن هذا المنطلق التاريخي، فإنها تشهد ازدهارا غير مسبوق في السنوات الأخيرة بفضل دفع تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الجانبين.
ودأب معهد كونفوشيوس منذ افتتاح أول فروعه في العالم العربي قبل 12 عاما على لعب دور مهم وفعال في التبادلات ودفع التواصل وتعميق فهم اللغة والثقافة الصينية، والإجابة عن كافة الأسئلة التي تدور بذهن دارسي اللغة الصينية، حتى لو كانت بسيطة كالتساؤل المتعلق بإجادة الصينيين لـ"الكونغ-فو".