تقرير إخباري: استقالة رئيس الوزراء اللبناني تثير ردود فعل متباينة

بيروت 29 أكتوبر 2019 (شينخوا) أحدثت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري اليوم (الثلاثاء) ردود فعل متباينة تراوحت بين احتجاج مناصريه واحتفال من طالبوه بها وسط دعوات للتهدئة والحوار.

وفيما احتفل المحتجون في ساحات اعتصامهم بما اعتبروه انجازا لحراكهم ومرحبين باقدام الحريري على هذه الخطوة، فيما سجلت حركة اعتراضية لدى مناصري الحريري الذين استنكروا استقالته، معتبرين أنه لا يجب أن يستقيل لوحده.

وقد عمد مناصرو الحريري إلى قطع الطرق في عدد من مناطق العاصمة بيروت مساء اليوم وفي بعض مناطق الغالبية السنية في الشمال والبقاع احتجاجا على إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته.

وأفادت الوكالة (الوطنية للإعلام) الرسمية بأن "محتجين قطعوا طرقا بمناطق عدة في بيروت، مشيرة إلى انتشار كثيف لعناصر من الجيش والقوى الامنية في العديد من النقاط التي قطعت الطرق فيها.

وأعلن (تيار المستقبل) الذي يتزعمه الحريري في بيان، أن شبانا أقدموا على قطع بعض الطرق في بيروت والمناطق وان "تيار المستقبل بتوجيه من الرئيس سعد الحريري يتمنى على جميع المناصرين الامتناع عن أي تحرك اعتراضي في الشوارع والمساحات والتعاون مع الجيش والقوى الأمنية لتسهيل تنقل المواطنين".

ويسود في لبنان نظام سياسي طائفي تتقاسم فيه الطوائف الثلاث الكبرى 3 مؤسسات دستورية حيث يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني ورئاسة البرلمان مسلم شيعي ورئاسة الحكومة مسلم سني.

وقام مفتي لبنان للسنة الشيخ عبد اللطيف دريان بزيارة الحريري بعد الاستقالة متضامنا مع "موقفه الوطني الكبير الذي عبر عنه في استقالته"، واصفا الاستقالة بأنها "تشكل صدمة إيجابية لكل المسئولين واللبنانيين من أجل التفاهم على حلول إنقاذية، تخرج البلاد من المآزق والأزمات التي يعاني منها المواطنون".

وقال دريان إن "استقالة الرئيس الحريري تضع جميع المسؤولين أمام مسئولياتهم التاريخية والوطنية في الحفاظ على استقرار لبنان وأمنه وكرامة اللبنانيين في عيشهم الكريم".

بدورهم، عقد رؤساء الوزراء السابقون اجتماعا عقب استقالة الحريري ودعوا إلى أن "يتحمل الكل مسؤولياتهم باتجاه حركة إنقاذية وطنية تتجاوب مع مطالب الناس وتحافظ على السلم الأهلي تقي لبنان من أنواع الانهيارات السياسية والاقتصادية والوطنية".

واعتبر الرؤساء السابقون للحكومة نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، في بيان، أن الحريري عندما قدم استقالته بإرث والده الرئيس رفيق الحريري وبحكمته وبشجاعته وكذلك بحكم مسؤولياته الوطنية.

وعبروا عن إيمانهم بلبنان الوطن ودولته السيدة الحرة المستقلة وبسلطتها الكاملة، وغير المنقوصة على جميع مرافقها وأراضيها ومطالبين بالتصدي الحازم لكل اشكال الفساد والافساد تحت سلطة القانون والقضاء العادل والمستقل والنزيه، وكذلك الالتزام الثابت بأحكام الدستور وبأصول وقواعد الحوكمة والحكم الرشيد.

أما رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم (حركة أمل) الشيعية فقد قال لقناة (ان بي ان) الاخبارية اللبنانية إن "ما يجري يتطلب تهدئة فورية وحوارا بين المكونات اللبنانية وهو ليس موضوعا طائفياً وهو غير مذهبي بالمطلق".

من جانبه، تمنى رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي) الزعيم الدرزي النائب السابق وليد جنبلاط أن "يسود جو الحوار والهدوء"، داعيا إلى "الحوار بين جميع الفرقاء".

ودعا في أحاديث تلفزيونية إلى عدم قطع الطرقات واحترام حرية التظاهر وجدد دعمه للحريري وقال "اذا أراد الحريري العودة لرئاسة الوزراء فسأصوت له في الاستشارات النيابية".

وأشار إلى أن الحريري قام بمحاولات حثيثة ساعدناه فيها لكنه لم يعط أية اشارات ايجابية وأنه كان هناك "عناد" من (التيار الوطني الحر) الموالي لرئيس الجمهورية في "التمسك ببعض الأشخاص في الحكومة" في إطار إجراء تعديل حكومي.

وقال إن "لبنان هو الخاسر من الاستقالة وأن العناد ليس الحل".

ورأى أنه "من المستحيل عزل اي مكون لبناني، مشيرا إلى أن عزل (حزب الله) هو خطأ"، داعيا إلى إجراء مشاورات وتشكيل حكومة بشكل سريع.

من جهته، اعتبر رئيس (حزب القوات اللبنانية) المسيحي سمير جعجع أنه "حسنا فعل رئيس الوزراء سعد الحريري بتقديم استقالته واستقالة الحكومة تجاوبا مع المطلب الشعبي العارم بذلك".

وأشار جعجع في تصريح إلى أن "المهم الآن الذهاب نحو الخطوة الثانية المطلوبة للخروج من أزمتنا الحالية وهي تشكيل حكومة جديدة من أخصائيين مشهود لهم بنظافة كفهم واستقامتهم ونجاحهم على أن يكونوا مستقلين تماما عن القوى السياسية".

وعلى صعيد موقف (التيار الوطني الحر) بزعامة وزير الخارجية من الاستقالة قال عضو التيار وزير الدفاع الياس بوصعب أن "المفاجأة كانت بعدم تنسيق الحريري مسبقاً بهذه الاستقالة معنا، لأنها خطوة تقود إلى المجهول وكان يمكن التنسيق بخطوة ما بعد الاستقالة".

وأكد في تصريح متلفز أنّ أحدًا لم يتواصل مع التيار في خيارات تعديل أو تغيير حكومي.

وقال إن تقديم الحريري استقالته خطوة دستورية وما سيتبعها سيكون ايضا من ضمن الأطر الدستورية.

من جانبه، أمل بطريرك الطائفة المارونية الكاردينال بشارة الراعي تعليقا على استقالة الحكومة عن الأمل بأن تكون بداية الحلحلة وان يكون تأليف الحكومة الجديدة سريعا ومرضيا ويوحي بالثقة".

وكان الحريري قد أعلن اليوم بعد حكومته المستقيلة بعد 10 أشهر من تشكيلها وفي اليوم الثالث عشر للاحتجاجات في مختلف المناطق اللبنانية التي كانت بدأت في 17 أكتوبر الجاري احتجاجا على فرض ضرائب جديدة وتردي الوضع الاقتصادي ثم تصاعدت مترافقة مع قطع للطرق إلى المطالبة باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة متخصصين مصغرة واجراء انتخابات نيابية مبكرة على رغم إعلان رئيس البلاد ضرورة إعادة النظر بالواقع الحكومي ورغم اقرار الحكومة تدابير اصلاحية وادارية واقتصادية واجتماعية.