بيروت 21 أكتوبر 2019 (شينخوا) أقر مجلس الوزراء اللبناني اليوم "الإثنين" مشروع الموازنة العامة للعام 2020 وورقة رئيسه سعد الحريري الإصلاحية في اجتماع عقده في القصر الرئاسي برئاسة الرئيس ميشال عون.
وأكد الحريري في تصريح للصحفيين بعد اجتماع مجلس الوزراء أن "هدف الممارسة السياسية تأمين كرامة الناس التي تأتي من الشعور بالسيادة والحرية والاستقلال وتأمين الخدمات الأساسية".
ولفت إلى أن " الشباب وصلوا إلى مرحلة اليأس وانفجروا ونزلوا إلى الشارع تعبيرا عن الغضب بمطالب كثيرة محقة ومتنوعة، لكن المطلب الواضح هو المطالبة بالكرامة واحترام صوتهم".
وأشار إلى أن " "المهلة التي كان طلبها قبل 72 ساعة لم تكن من الشباب من الشارع لأنهم من يعطون المهل"، موضحا أن " المهلة كانت للشركاء كي يسيروا بالحد الأدنى من الإجراءات الضرورية المطلوبة منذ سنتين بينها إجراءات في الموازنة ومن خارجها".
وأعلن الحريري أن "من أهم الإجراءات المتخذة اليوم أن موازنة عام 2020 ستكون بعجز 0.6 بالمئة دون ضرائب جديدة على الناس".
وأشار إلى أنه من بين الإجراءات مساهمة مصرف لبنان المركزي والمصارف في خفض العجز، إضافة إلى خفض 50 بالمئة من رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، فضلا عن إلغاء وزارة الإعلام ووضع خطة لإلغاء المؤسسات غير الضرورية وخفض موازنة مجلس الإنماء والإعمار ومجلس الجنوب بنسبة 70 في المئة.
وذكر أن الحكومة قررت إقرار مشاريع قوانين لاستعادة الأموال المنهوبة وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وللعفو العام وضمان الشيخوخة ودعم برنامج الأسر الأكثر فقرا ودعم القروض السكنية.
وأشار إلى أن الحكومة ستدرس الخيارات المتاحة أمام خصخصة الهاتف الخلوي، كما ستعين الهيئات الناظمة للكهرباء والإتصالات والطيران المدني وتسريع عمل معامل إنتاج الكهرباء وإقرار مشاريع المرحلة الأولى من مؤتمر (سيدر) لدعم الاقتصاد اللبناني خلال 3 أسابيع".
وتوجه إلى المحتجين "الذين يعبرون عن غضبهم ويطالبون بكرامتهم وحقوقهم"، وقال "هذه القرارات ربما لا تحقق مطالبكم ولكن تحقق ما أطالب به منذ سنتين".
وأضاف "هذه القرارات ليست للمقايضة وللتوقف عن التظاهر، فهذا القرار أنتم تأخذوه ولا أسمح لأحد بأن يهددكم وواجب الدولة أن تحميكم فأنتم البوصلة وتحرككم حرك الحكومة وأوصل إلى هذه القرارات".
وواصل الحريري مخاطبته للمحتجين بالقول "أنتم تطالبون بكرامتكم الوطنية والفردية بفرص عمل وخدمات أساسية وضمان وأمان واحترام صوتكم" ، مؤكدا أن "صوتكم مسموع وإذا كانت الانتخابات النيابية المبكرة مطلوبة فأنا معكم".
وأضاف "ما قمتم به كسر الحواجز وهز كل الأحزاب وأهم حاجز انكسر هو الحاجز الطائفي فأعدتم الولاء الوطني إلى مكانه الصحيح وهذا أكبر مكسب وطني وبداية حقيقية للبنان الجديد".
وحول ردود فعل المحتجين الفورية على قرارات الحكومة فقد استمر توافدهم إلى ساحات الاعتصامات ، وقال عدد كبير منهم في تصريحات لقنوات التلفزة المحلية انهم غير مقتنعين بالإجراءات المعلنة.
ووضعوا هذه القرارات في إطار الوعود ، مؤكدين "فقدان الثقة بالطبقة السياسية" والاستمرار في الاحتجاجات حتى رحيل هذه الطبقة التي يحملونها مسؤولية ما آلت إليه البلاد من تردي بسبب سوء إدارتها .
ويواصل اللبنانيون لليوم الخامس على التوالي التظاهر والاعتصام في ساحات في وسط بيروت ومختلف المناطق، إضافة إلى أعمال قطع الطرق بالعوائق والأتربة والإطارات المطاطية ونصب الخيم في الشوارع في مختلف المحافظات اللبنانية بشكل شل البلاد وأغلق مؤسساتها.
ويشهد لبنان ترديا في الأوضاع الاقتصادية وسط مسلسل أزمات بدء بشح الدولار الأمريكي في الأسواق وارتفاع سعر صرفه في السوق الموازية واضرابات في قطاعات الخبز والمحروقات.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية حادة تتمثل في تصاعد الدين العام ، بالتزامن مع تراجع اقتصادي حاد حيث بلغ العجز في موازنة العام الماضي 6 مليارات دولار، فيما بلغ الدين العام وفق بيان لوزارة المالية في الربع الأول من العام 2019 نحو 86.2 مليار دولار أمريكي ما يشكل نحو 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكانت الحكومة اللبنانية قد تعهدت العام الماضي أمام المجتمع الدولي في مؤتمر (سيدر) للمانحين لدعم الاقتصاد اللبناني بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع إصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار أقرها المؤتمر ، إلا أن التباينات الحكومية حول سبل تطبيق هذه المشاريع وخلافات أخرى على تقاسم حصص تعيينات إدارية في القطاع العام قد حالت دون وفاء الحكومة بالتزاماتها وحصولها حتى الأن على قروض وهبات مؤتمر (سيدر).