بقلم ران إي، باحث السياسة العامة في معهد كينيدي بجامعة هارفارد
نشر داريل موري، المدير العام لفريق هيوستن روكتس الأمريكي في 5 أكتوبر الجاري صورة على تويتر وغرد تحتها "الكفاح من أجل الحرية، كلنا مع هونغ كونغ". وقد لقيت التغريدة انتقادات لاذعة من قبل المشجعين الصينيين. وفي 7 أكتوبر، قال آدم سيلفر، مفوض الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية (NBA)، إن الدوري الاميركي للمحترفين يدعم حق موري في حرية التعبير، ما أثار ردود أفعال شديدة في الرأي العام الصيني، وأعلنت الشركات الصينية ذات الصلة عن تعليق التعاون مع فريق هيوستن روكتس والدوري الاميركي للمحترفين.
أرى أن جذور الحادث تعود الى الجوانب التالية:
أولا: قضية حرية التعبير والصواب السياسي
كيف نرى حرية التعبير والصواب السياسي. إنه موضوع لا نهاية لمناقشته ولو في الغرب خلال هذه الأيام.
1، لماذا توجد حرية للتعبير؟
تعد حرية التعبير إحدى حقوق الإنسان الأساسية. اذا منع التعبير، فلا يوجد إمكانية للتبادلات المفتوحة، ولا يمكن المشاركة في السياسة، ولا يمكن عمل آلية ديمقراطية. وفي هذا الصدد، تعد حرية التعبير حق المواطن السياسي الخاص. حماية وتعزيز حرية التعبير تعني التقيد على السلطة. وفي نفس الوقت، تصبح محاولة السلطة لحظر حرية التعبير الشخصية حساسة جدا، ما يعتبر مناهضة للديمقراطية.
لذلك، تهم حرية التعبير العلاقات بين مجتمع المواطنين والحكومة أو السلطة.
2، ما هي التصرفات التي تضر بحرية التعبير؟
هناك مسألة كلاسيكية: هل يمكن لشركة أو مؤسسة أن تفرض قيودا على كلام موظفيها؟ هل يشكل هذا النوع من التقييد منع الحرية التعبير؟ مثل ما حللنا في سياق النص، إن ما يهم حرية التعبير هو العلاقات بين مجتمع المواطنين والسلطة. لذلك لا تعد مناهضة حرية التعبير إلا التقيد الذي تفرضه السلطة ضد المواطنين. بطبيعة الحال، هذا تعريف قانوني وسياسي.
ويمكن لشركة ومؤسسة فرض القيود على كلام موظفيها. وهذا عمل طوعي لفرد يشارك في جمعية ما، ولا يشمل السلطة العامة. على سبيل المثال، اذا اراد موظف شركة أن يعبر عن رأيه الذي لا يتطابق مع ما تطلبه الشركة، يمكنه مغادرتها. وطالما عمل في هذه الشركة، يجب عليه متابعة لوائح ومبادئ ونظم الشركة كلاما وممارسة.
وإذا تعرض موظف للعقاب أو حتى الفصل من المؤسسة التي يعمل فيها فيمكنه مقاضاتها. هذه الدعوى هي أيضا دعوى مدنية ويمكن أن تستند إلى قانون العمل أو مطالبة صاحب العمل بالتمييز أو انتهاك قوانين أخرى لكن لا يمكن القول بأن صاحب العمل ينتهك حرية التعبير سياسيا أو قانونيا.
لذلك يمكن لشركة جوجل استبعاد المهندسين الذين ينشرون التمييز العنصري أو التمييز على أساس الجنس، لكن لا يمكن لترامب إرسال تغريدة لمطالبة مؤسسة معينة بحظر التعبير.
3، لماذا يجب علينا وضع حدود أو قيود معينة على حرية التعبير؟
حرية التعبير ليست مطلقة، وبصفة عامة يتم تحديد الحدود والقيود، فالخطابات التي تحرض على الكراهية والتمييز والمواد الإباحية والعنف والخصوصية والتشهير غالبا ما تكون محظورة وغير مقبولة.
يستند الأساس المنطقي لتقييد حرية التعبير أساسا إلى مبدأ الضرر: يجب ألا تستند حرية الشخص في ممارسة الحرية إلى فرضية إيذاء حرية الآخرين. في مجتمع حر، إذا لم يكن حدود لحرية الفرد، فستحدث شجارات كبيرة مما يؤدي إلى تفتت المجتمع. ومن بينها: يرتبط تحديد الحدود والقيود المفروضة على حرية التعبير بحماية الفئات الضعيفة أيضا لأنها غالبا ما تكون في وضع غير موات للكلام بالنسبة للرأي العام، لذلك من الضروري الحد من خطابات الجماعات المهيمنة. هذه هي الآلية الأساسية للحفاظ على التضامن الإجتماعي والتشغيل. وغالبا ما ترتبط قيود الدول الغربية على المسائل المتعلقة بالجنس والعرق والدين، بهذا المنطق وعلى هذا النحو.
4، سياسيا صحيح وغير صحيح
المفهوم المرتبط بحرية التعبير وامتداده صحيح سياسيا (وغيرصحيح).
أعتقد أن سياسة كلام معين غير صحيحة أي أنها تنتهك حرية التعبير والقيود والمحرمات. يعمل الصواب السياسي من عدمها على تحديد النطاق الأمني والحدود/حقول الألغام للتعبير، ويتجنب الناس دائما عبور الحدود وبالتالي يعملون على تأسيس رقابة ووعي ذاتي. على سبيل المثال تجنب نشر مواضيع حساسة تتضمن العرق والجنس والمعتقدات الدينية والمهمشين والمحرومين إلى غير ذلك من المواضيع الحساسة الأخرى لتجنب إلحاق الأذى بهؤلاء الأشخاص أو بمجموعات أخرى.
هناك مفهوم آخر ذو صلة ويمتد على نطاق واسع ليشمل الصينيين ويصبح “صحيح سياسيا”. الصواب السياسي يتماشى مع القيم السائدة والهوية والقواعد والمعايير والعادات، وهو مقبول سياسيا واجتماعيا ومعنويا ويعتبر خطابا أو سلوكا إيجابيا.
على سبيل المثال : في الولايات المتحدة من الناحية السياسية من الصحيح تماما دعم الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان. أما في الصين فإن الدعوة لحماية السيادة الوطنية المقدسة والسلامة الإقليمية هي “الصواب السياسي” المطلق.
وتحديدا أكثر، هذا يختلف من مجموعة إلى أخرى ويختلف عما هو صحيح من الناحية السياسية وعما هو غير صحيح.
قد تبدو بعض الأشياء التي نراها مسيئة مقبولة في مجتمع ما، لكنها غير مقبولة في مجتمع آخر، على سبيل المثال يعتقد المجتمع الإسلامي أن رسم الرسول محمد حرام، ولا يجوز ذلك أبدا، ولكن إذا اتبعنا ما يسمى بحرية التعبير فإن الرسوم الكاريكاتورية التي تسيء للإسلام فإنها ستغضب المسلمين حتما. هذه كلها أمثلة عن صراعات القيم الثقافية. وهناك أمثلة لا حصر لها من هذا النوع. في العالم الغربي وخاصة في الولايات المتحدة، تعتبر العنصرية من المحرمات الكبرى لأن المجتمع الغربي له تاريخ معقد للغاية من العلاقات العرقية. لكن ليس لدى كل مجتمع شعور قوي بالمحرمات، ففي بعض المجتمعات المحافظة أكثر فإن المحرمات بالنسبة لها ليست على نفس القدر بما هي عليه في الولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة، تعتبر الإشتراكية في حدود حرية التعبير، وهي ليست غير صحيحة من الناحية السياسية، ومع ذلك فإنها كلمة “سيئة”، غير مقبولة من قبل غالبية السكان، وهي بالتأكيد ليست صحيحة من الناحية السياسية ويجب استخدامها بعناية كبيرة (باستثناء المجالات الأكاديمية). في أوروبا الغربية، تعتبر الإشتراكية كلمة شائعة جدا ما يمكن اعتبارها صحيحة من الناحية السياسية. لكن إذا ذهبنا إلى اليابان التي تنتهج نظاما غربيا، فإن الحزب الشيوعي هو حزب سياسي مهم.
لا يزال هناك الكثير من الجوانب في هذه الحياة، وعلى نطاق أوسع بكثير. على سبيل المثال تعتبر العقاقير التي تسبب الإدمان من المحرمات الإجتماعية في المجتمع الصيني، والمخدرات وصمة عار في الصين ولا يقبل المجتمع مناقشتها علنا. لكن في الولايات المتحدة لا توجد عقاقير مخدرة يكتب عليها هذه تخدر وهذه تسبب الإدمان، إنها مشكلة اجتماعية، لكنها لا تؤدي إلى صراعات ومحضورات اجتماعية واسعة النطاق. الولايات المتحدة لديها قبول اجتماعي أعلى بكثير من الصين، هذه كلها اختلافات. وهذا النوع من الأمثلة متعدد ولا حصر له.
نظرا لاختلاف التاريخ والتقاليد والثقافة والتكوين الديمغرافي والإجتماعي والقيم الأيديولوجية فإن لدى مختلف البلدان فهم مختلف لما هو في حدود المحرمات فيما يتعلق بحرية التعبير وما هو صحيح سياسيا وما هو مرفوض. لا يمكن ببساطة تطبيق معايير دولة ما على معاير بلد آخر.
5، اتباع عادات البلاد: تعلم كيفية فهم واحترام التقاليد والمحرمات في البلدان الأخرى.
تتمثل الطريقة في التواصل الحضاري والتوافق مع مختلف البلدان في ”اتباع عادات البلاد“وفهم الصواب السياسي للآخر، وعدم الدقة السياسية والمحرمات. على سبيل المثال عندما يتعامل الأمريكيون والبريطانيون والإسرائيليون مع بعضهم البعض فإنهم يعرفون جيدا الحساسية الكبرى في العلاقة بين القضايا التاريخية اليهودية (المحرقة اليهودية) والوضع الراهن (أي سياسة قوة الصقور الإسرائيلية) والقضايا الأساسية لفلسطين وللعرب. يجب رعاية مشاعر الإسرائيليين وألا ننتهك المحرمات، هذا واضح جدا لكل سياسي بريطاني وأمريكي.
لم تقف الشركات الغربية والساسة الغربيون الذين يتعاملون مع إسبانيا في صف قضية كاتالونيا، لأن ذلك سيثير غضب الكثير من الإسبان. هذه من المحرمات بالنسبة للإسبان، وهذا أيضا واضح لكل سياسي ولكل شركة أمريكية وبريطانية.
تتجنب الشركات الغربية والساسة الأمريكيين الذين يتعاملون مع ألمانيا مناقشة مسألة الحرب العالمية الثانية لأنها مسألة حساسة للغاية.
والأمثلة على ذلك لا نهاية لها.
على ما يدل ذلك؟ هذا يدل على أن هذه المسألة لا علاقة لها بحرية التعبير والقيود داخل المجتمع. كل مجتمع له معايير مختلفة ولديه نقاط حساسة ولا يمكن المس بمحرماته. تهدف التبادلات متعددة الثقافات عبر الحدود إلى فهم ثقافة البلدان والمجتمعات المختلفة واحترام العادات المحلية لا سيما احترام المحرمات المحلية والنقاط الحساسة، وتجنب تقييم بعضها البعض بشكل بسيط وسطحي وفقا للمعايير الأخلاقية الخاصة.
إذا أراد صيني أن ينتج فيلما أو يصور إعلانا لترويج منتج ما في السوق الأمريكية، وإذا كان الفيلم والإعلان يحتويان على مشاهد عنصرية وتمييز الجنسي وتحيز ديني ومحتوى لا يحترم القيم الرئيسية للولايات المتحدة فعندئذ سيُقبران في الولايات المتحدة، حتى لو كان المحتوى بالكاد فيه قلة من حرية التعبير، لكن ذلك يعتبر وصولا إلى عدم الدقة السياسية. لذلك يجب على الصين احترام الصواب والعادات السياسية في الولايات المتحدة.
وعلى النقيض من ذلك ماهي الدقة السياسية وما هي المحرمات والنقاط الحساسة في المجتمع الصيني؟ إنها حرمة سيادة الوطن وسلامة أراضيه، هذا أكثر شيء يهم الصين.
لا يتعين على الشركات الأمريكية أن تفهم الأسباب التي تجعل المجتمع الصيني يشكل وجهة النظر هذه، فالأمر يشبه أنه ليس بحاجة إلى التعمق في الفهم، يكفي أن يتعلم الفرد من تاريخ الحرب العالمية الثانية لمعرفة كيفية تجنب اليابانيين للمس ضريح ياسوكوني.
هذا هو اتباع عادات البلاد لفهم واحترام تقاليد بعضنا البعض. لأنك ستقوم بالإتصال والتواصل وإجراء التبادلات الإقتصادية مع الآخر. وإذا كنت تسيء له فبإمكانه اختيار عدم التعامل معك. هذا لا علاقة له بحرية التعبير، لديك كل الحرية في إلقاء خطابك الخاص بك. لديك أيضا الحرية الكاملة لعدم احترام بعضكم لبعض. لكن الطرف الآخر لديه الحق أيضا في الشعور بالإهانة والسماح لك بدفع الثمن.
هذه هي المشكلة التي واجهتها الرابطة الأمريكية المحترفة لكرة السلة مع الصين.
ثانيا: سيطرة الدوري الأمريكي للمحترفين على خطاب الموظفين في الداخل الأمريكي
لنتحدث في البداية عن الخاتمة: إن أي أحد من مالكي فرق الدوري الأمريكي للمحترفين لديه الحق في تقييد موظفيه أو أعضاء فريقه، وهذا لا علاقة له بتقييد حرية التعبير.
لنلقي نظرة على حالة تم فيها ”إزاحة“ مالك كليبرز دونالد سترلنج بسبب خطابه عنصري.
في السادس والعشرين من أبريل سنة 2014 كشف تي م زي تسجيلا صوتيا لكليبرز وصديقته، يخبرها فيه بأنه يجب ألا يتم وضع صورة جماعية لها مع صديق أسود على صفحتها الشخصية على الويب، وأبرز نقطة في ذلك هو الساحر جونسون. في 30 أبريل أعلن رئيس رابطة الدوري الأمريكي للمحترفين آدم سيلفر قرارا بحظر ستيرلنغ مدى الحياة وغرامة مالية قدرها 2.5 مليون دولار، بالإضافة إلى ذلك قال سيلفر إنه سيبذل كل ما في وسعه لإجباره على الإستقالة من منصبه. وبعد فترة وجيزة وتحت الضغط الإجتماعي الهائل قام ستيرلنغ بنقل ملكية كليبرز إلى شخص آخر.
أعتقد أن الأشخاص الذين يهتمون بأحداث الدوري الأمريكي للمحترفين قد رأوا هذا الخبر اليوم. وهذا يدل على أن هذا الدوري يتعامل بمكيالين ولديه كل القدرة ويمكنه الحد من تعليقات أعضائه.
لماذا تحارب سترلينغ، لأن ذلك يتماشى تماما مع السياسة الأمريكية الصحيحة، بمعنى يجب ألا تكون هناك عنصرية. إن أسلوب سيلفر تجاه سترلنغ وإجباره على نقل ملكية كليبرز يتوافق تماما مع بيئة المجتمع الأمريكي، فهو لا يتسامح مطلقا مع العنصرية. من ناحية هذا يعد بيانا سياسيا، ومن ناحية أخرى فهو أيضا إنقاذ لكليبرز ومنع الفريق من الوقوع في نزاعات لا تنتهي. إن الدوري الأمريكي للمحترفين حساس للغاية فيما يتعلق بالقضيا العرقية، وإذا يتم التعامل مع ستيرلينغ فمن المحتمل ستكون هناك مقاومة من قبل اللاعبين والمشجعين وسوف تتأثر الصورة الإجتماعية للبطولة الوطنية لكرة السلة. في هذه الحالة ليس من الضروري فقط تقييد ملاحظات ستيرلينغ وإنما تم الرمي به في مزبلة التاريخ.
لذلك فإن قضية العرق هي أكثر القضايا حساسية بالنسبة للأمريكيين، إنها تمثل عظمتهم وصلاحهم والحدود المطلقة لحرية التعبير لا يمكن أن تكون غامضة.
لنعود إلى الموضوع الرئيسي: هل يقيد الدوري الأمريكي للمحترفين حرية التعبير على اللاعبين؟ كمؤسسة أعمال فإن هذا الدوري لديه القدرة على تقييد موظفيه والحد من سوكهم وفرض عقوبات عليهم. هذا هو قرار تجاري من الدوري الأمريكي للمحترفين وليس له علاقة بحرية التعبير السياسية.
إذا كنت غير راض عن سلوك هذا الدوري المذكور أعلاه فيمكن أن يكون اختيارك له هو مقاطعته بكل بساطة.
إذا كان بإمكان هذا الدوري الخروج لدعم تعبير موظف عن كلامه، فهم بالتأكيد يعتقدون بأن ذلك غير ضار ولا علاقة له بالخلاف مع السياسيين أو أن يكون صحيحا سياسيا. إن الدوري الأمريكي على دراية بالمجتمع الأمريكي دراية جيدة، وهو شديد الحساسية تجاه القضايا العرقية ويمكنه ملاحظة المشاعر والعواطف الإجتماعية وإصدار الأحكام ”الصحيحة“ ولا يتردد في تقييد حرية التعبير للعاملين (واللاعبين أيضا) وذلك للحفاظ على صورته الإجتماعية وعلى مصالحه الإقتصادية.
من الهراء التام أن نقول بأن هذا الدوري يدعو إلى حرية التعبير ولا يحق له التدخل في خطاب موظف لديه.
ثالثا: ردة الفعل بالنسبة للدوري الأمريكي للمحترفين لكرة السلة، للحكومة الصينية ولوسائل الإعلام الرسمية والجماهير
إن الطريقة التي تتبعها الصين هي في الواقع الإعلان للعالم عن مبادئها السياسية وعن المحرمات وعدم التسامح مطلقا مع قضايا هونغ كونغ والسيادة الوطنية والسلامة الإقليمية.
1، المدير العام لفريق هيوستن روكتس داريل موري
لا يمكن لداريل موري فهم شؤون هونغ كونغ كثيرا، فهو متأثر بوسائل الإعلام الرئيسية في أوروبا وأمريكا، ويتماشى حكمه على الأمور بشكل أساسي مع الأحكام السائدة في الولايات المتحدة. فهو إذن بوق للولايات المتحدة.
تتماشى دعوة داريل موري ”للحرية“ مع الصواب السياس الأمريكي، ويمكن أن تساعده للوقوف على أسس أخلاقية عالية في الداخل الأمريكي.
يمكن لداريل موري أن يصدق حقا كل ما قاله، إذ يمكن القول بأنه غير مطلع وجاهل، لكن أساسا هذه هي نتيجة التقارير المتحيزة لوسائل الإعلام الأمريكية.
موقف داريل موري يستهدف تصريحات بلد آخر، ونتائج ذلك فيها إساءة شديدة لهذا البلد. وهي التي تمثل مصدر دخل مهم بالنسبة لهذا الفريق، فالرياضة ليست سياسة، وما لم يكن داريل موري مفوضا، فليست لفريق هيوستن روكتس أي سلطة للإدلاء ببيانات سياسية، مما جعل هذا الأخير يعاني من حالة ضعف المصالح الإقتصادية.
بسبب عدم فهم الصين، فإنه لم يتوقع ردة فعل الشعب الصيني الشديد.
هذا طبعا يمثل عدم احترام للصين، يمثل غطرسة، وحتى الشعور الأساسي للإحترام غير موجود.
2، رئيس الدوري الأمريكي للمحترفين لكرة السلة آدم سيلفر
درايته بالأشياء مثل داريل موري تماما، فهما يعيدان ويكرران ما تتناقله وسائل الإعلام الأمريكية والساسة الأمريكيين. هما لا يفهمان موقف الصينيين، وخطئان تقييم الوضع فيما يتعلق بهونغ كونغ، وينتقصون من ردة فعل الصينيين وعزيمتهم.
هو يمثل الرابطة المحترفة لكرة السلة الأمريكية، ويتحدث باسمها، وبالتالي فإن تصريحاته لا تعد بيانات شخصية، ومن المنطقي أن تتم ترقية الحادث.
وفي ظل الوضع الراهن من الإحتكاكات الصينية الأمريكية، فإن الدوري الأمريكي للمحترفين سيتأثر بكل تأكيد بالبيئة السياسية الصحيحة للولايات المتحدة، إذ أن أول شيء يجب مراعاته هو إرضاء المجتمع الأمريكي والحفاظ على صورته أمامه.
بصفته رئيسا لهيئة تجارية، قد اختار سيلفر أسوء كلمات للدفاع، وفشل في إيجاد توازن للحفاظ على العلاقات مع الصين والتغطية على بيئة السياسات الأمريكية، ولم تستطع تصرفاته جلب أي مشجع جديد للدوري الأمريكي، بل تتسبب في إيذاء السوق الصينية فقط.
كما ذكرنا سابقا، فإن أفعال سيلفر لا تمت للدفاع عن حرية التعبير بصلة. هذه مسألة احترام متبادل واحترام اجتماعي. العلاقة بين هذا الدوري والصين هي علاقة تجارية، فقد اشترت الصين منتجات وخدمات هذه الرابطة، وبالتأكيد يحق للصين اتخاذ أي إجراءات ضرورية. وهذا لا علاقة له بدعم أو تقييد حرية التعبير.
3، رد الحكومة الصينية ووسائل الإعلام الرسمية
الرد المقدم من الصين كان ردا قويا جدا. لقد ناقش العديد من الناس هذا الأمر بنظرة ثاقبة، وأنا شخصيا لدي بعض الآراء.
إن الطريقة التي تتبعها الصين هي في الواقع الإعلان للعالم عن مبادئها السياسية وعن المحرمات وعدم التسامح مطلقا مع قضايا هونغ كونغ والسيادة الوطنية والسلامة الإقليمية. في الواقع لا يوجد الكثير من المحرمات في الصين، فالتركيز يكون بشكل أساسي على السيادة الوطنية والقضايا الإقليمية والتاريخية. وعندما يتأي الأجانب للقيام بأعمال تجارية، يجب عليهم فهم واحترام هذه المحرمات في الصين، تماما كما يفعلون في بلدان أخرى، فلماذا يسيئون للسكان المحليين إذن؟ في الواقع باستثناء هذه الرابطة الأمريكية فإن معظم الشركات التي تمارس أعمالا في الصين تدرك جيدا هذه المصلحة ويمكنها اتخاذ القرار الصحيح.
إن الرابطة المحترفة هي بالأساس هيئة تجارية، ومن خلال الأرباح الرياضية يأتون إلى الصين لممارسة الأعمال التجارية وكسب مال الصينيين. وهي ليست مؤسسة سياسية. والآن لا يسمع للشركات الأخرى أي صوت، وفجأة يعلو صوت هذه الرابطة، هل ضميرها أقوى من جميع ضمائر الشركات الأمريكية الأخرى في الولايات المتحدة وحول العالم؟ هل لديها معرفة عن الأوضاع أكثر؟ أهي جريئة أكثر؟ في الحقيقة لا، هي جاهلة فقط، هي جاهلة تقسيم المفاهيم مثل حرية التعبير والصواب السياسي والمصالح العابرة للحدود الوطنية.
من منظور الأعمال التجارية، إذا كانت هذه الرابطة تعتقد أن السوق الصينية مهمة، فيجب عليها أن تحترم مشاعر الشعب الصيني فيما يتعلق بالمسائل والقضايا الكبيرة التي تعتبرها الصين هامة وحساسة. المبادرة في يد هذه الرابطة إذن.
أخيرا، من الضروري أيضا الإشارة إلى أن هذا النوع من الإستجابة من جانب وزارة الخارجية وتعليق البث التفزيوني عبر سي سي تي في هي مجرد مقاطعة مباشرة. ويمكن أن يسمح للشركات والمؤسسات الأجنبية بمعرفة المحرمات الصينية وحدود ذلك إلى حد ما، لكن لا يمكنها أن تساعد الشركات والمؤسسات الأجنبية على فهم سبب امتلاك الصين لهذه المحظورات وحدودها، فما المنطق من وراء ذلك إذن. (هذا هو أيضا مضمون الرسالة المفتوحة التي كتبها تساي تشونغ شين والذي هوجم من قبل وسائل الإعلام ومستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة). في بيئة الرأي العام الدولية الحالية، من الصعب للغاية على الصين شرح هذه القضايا للأمريكيين وجعلهم يفهمونها ويحترمونها. ربما في الوقت الحالي لن يتم حلها إلا بهذه الطريقة القاسية.
الخلاصة كما يلي:
1، ترتبط حرية التعبير وحدودها التي نتحدث عنها بتقييد السلطة العامة وحماية الفئات الضعيفة والحفاظ على عمل المجتمع، ونحن بحاجة إلى الحد من هذه المفاهيم في هيئة سياسية محددة.
2، إن الدقة السياسية من عدمها والتي نتحدث عنها لديها مفاهيم أوسع، وذلك باختلاف البلدان والمجتمعات والثقافات والفئات المختلفة. فلا يمكن لبريطانيا أن تفهم الدقة السياسية (أو عدم الدقة السياسية) للولايات المتحدة ولا يمكن لهذه الأخيرة أن تفهم الدقة السياسية للصين من عدمها.
3، بمجرد الدخول في البيئة العابرة للحدود الوطنية والمجتمعات والثقافات، يتم الدخول في فئة التبادل الدولي، والمعايير مختلفة تماما، لم تعد في نطاق حرية التعبير، تقيد حكومة البلد أ رعاياها الخاصين بهابتقييم حدث ما حصل في نفس هذه البلاد، هذا ينتمي إلى تقييد البلد أ لحرية تعبير شعبه، وإذا احتجت حكومة البلاد أ وشعبها على تقييم حكومة البلاد ب وشعبها حول الشؤون في البلاد أ، واتخذت تدابير مضادة وعقوبات بالمقابل فلا ينتمي إلى نطاق منع حرية التعبير ولكن في نطاق العلاقات الثنائية بين البلاد أ والبلاد ب (بما في ذلك العلاقات بين البلدين دبلوماسيا وشعبيا).
4، لا توجد هناك مشكلة بالنسبة للصينيين في اعتبار السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية كأهم المبادئ السياسية ومحرمات الكلام. وهذه الإعتبارات يتم تحديدها من خلال التاريخ والقيم الحديثة للصين. كما أنه لا توجد مشكلة في هذا التوجه، مثل ما في ولاية تكساس التي فيها تأييد سياسي كبير لمعارضة منع حيازة الأسلحة النارية.
5، الصين تحترم حدود ومحرمات الولايات المتحدة، ويجب على هذه الأخيرة أن تحترم بدورها حدود محرمات الصين. لأن هذه الحدود والمحرمات تتشكل عبر التاريخ ويجب على الجميع أن يحاولوا فهم واحترام بعضهم البعض.