أنقرة 18 سبتمبر 2019 (شينخوا) قال محللون لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه خلال القمة الثلاثية الجديدة التي عقدت يوم الإثنين في أنقرة، ركزت تركيا وروسيا وإيران على سبل إنهاء الحرب في سوريا، من دون أن يقدموا أي عنصر تغيير في الأزمة الممتدة، كاشفين عن اختلافاتهم في قضايا حساسة.
وكما كان متوقعا، ركزت القمة بشكل أساسي على محافظة إدلب، أخر معقل للمتمردين في شمال غربي سوريا، حيث أجبرت المعارك مئات الآلاف من الأشخاص على الهرب وهددت بانهاء الهدنة المتعثرة.
لم تنجح منطقة عدم التصعيد التي أقيمت العام الماضي لإنهاء الاشتباكات بين الجيش السوري والمتمردين في إدلب في تحقيق الهدف المنشود، حيث فشلت تركيا في منع المتمردين من مهاجمة مواقع عسكرية روسية وسورية.
ولم يعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير وبوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، قادة الدول الضامنة لاتفاقية أستانة الذين التقوا في هذا الاجتماع الثلاثي لخامس مرة منذ 2017 في جهود لإنهاء الحرب السورية، عن تحقيق نتائج دائمة.
وأعرب القادة الثلاثة عن انشغالهم بالوضع في إدلب وشددوا على الحاجة لتطبيق تدابير جديدة هناك، ولكن لم يتم إعلان خطوات فعلية.
وأكد الرؤساء مرة أخرى على "نيتهم الحازمة لمواصلة السعي لإيجاد سبل سياسية لتسوية" النزاع الذي اجتاح سوريا منذ 2011.
وقال الصحفي والمحلل سركان دمرداش "لم يتحقق أي إنجاز في هذه القمة ومنذ 2017، لم يتمكن الأطراف الثلاثة سوى في تقديم نتيجة محدودة للحل السلمي للأزمة السورية."
وأضاف دمرداش أنه ليس هناك أساس لاتفاقية أساسية، حيث أن اهتمامات وطموحات القوى الإقليمية الثلاثة مختلفة فيما يتعلق بالصراع في سوريا.
واستطرد دمرداش أن "النتيجة الوحيدة الملموسة لهذه القمة هي أنهم استطاعوا التوصل إلى نقطة اتفاق فيما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية المثيرة للجدل."
وقال القادة الثلاثة إنهم اتفقوا على تشكيل لجنة مكلفة بإعادة كتابة الدستور السوري، كجزء من الحل السياسي للحرب الأهلية في البلاد، التي دخلت عامها التاسع الآن.
وتعتبر روسيا وإيران حليفتين أساسيتين للرئيس الروسي بشار الأسد، بينما تدعم تركيا الفصائل السورية المعارضة التي تسعى للإطاحة بالأسد.
وقال كريم هاس الخبير والمحاضر في جامعة موسكو، إنه يجب على تركيا إعادة التفكير في سياساتها الحالية والمتعلقة بمحافظة إدلب وعدائها لأي تواصل مع دمشق.
وأشار الخبير إلى أن "أنقرة تريد إيقاف الهجمات التي تشنها الحكومة السورية في إدلب لمنع المزيد من تدفق اللاجئين نحو تركيا، بينما يسعى الأسد لإعادة غزو المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، مشير إلى أن محاولة أنقرة استعادة "هيبتها الجريحة في إدلب من دون تقديم تنازلات جديدة لروسيا"،يبدو أنه أمر بالغ الصعوبة.
وأضاف الخبير أن "روسيا تتبع سياستها لإجبار أنقرة، التي يحاصر الجيش السوري جنودها، على إقامة حوار وتعاون مباشر مع دمشق."
وتعهد الأسد باستعادة جميع أجزاء البلاد ولكن أنقرة تريد الحفاظ على نفوذها في سوريا لضمان دور في أي مفاوضات بعد انتهاء الحرب.
وقال المحلل أن بعض نقاط المراقبة الـ12 التي أقامتها تركيا في إدلب في منطثة عدم التصعيد المتفق عليها بين أنقرة وموسكو وطهران ،يمكن أن تخلى قريبا لأن المتمردين التابعين لأنقرة في حالة تشتت في المنطقة.
وقال انه سوف يتعين على أنقرة أن تسحب قواتها من نقاط المراقبة في أعقاب القمة.
وسعت تركيا خلال القمة لإقامة منطقة سيطرة داخل سوريا لاحتواء موجة جديدة من اللاجئين من أجل منع وصول أعداد كبيرة منهم إليها، بينما هي تأوي بالفعل 3.6 مليون لاجيء سوري وتتنامى داخلها مشاعر معادية للاجئين.
وثمة عنصر أخر يضيف تعقيدا الى الوضع، هو دور الولايات المتحدة المستبعدة من صيغة استانا ولكنها تسيطر على أغلب مناطق شرقي سوريا بمساعدة شركائها الأكراد .وتحرص روسيا على دفع الولايات المتحدة خارج سوريا وإضعاف علاقات تركيا المتوترة بالفعل مع الغرب.
وقال طغرل إسماعيل الباحث بجامعة قهرمان مارس إن "تركيا تقع تحت ضغط من روسيا والولايات المتحدة معا وعليها أن تلعب دورا لتحقيق التوازن ببراعة اذا أرادت الحفاظ على طموحاتها هناك".
وتابع أن "روسيا تحتاج تركيا في سوريا ولكن موسكو تريد إحداث صدع في حلف الناتو" بدفع أنقرة وواشنطن إلى مأزق بشأن مسألة المقاتلين الأكراد بوحدات الحماية الشعبية المدعومين من الولايات المتحدة الذين تعتبرهم أنقرة تهديدا إرهابيا.
وقد حذر أردوغان بعد قمة أنقرة بأنه اذا واصلت الولايات المتحدة تكتيك التأجيل في إقامة منطقة آمنة في شرقي الفرات، فإن بلاده سوف تتخذ إجراء من جانب واحد في غضون "أسبوعين".