تعليق: العقلانية الصينية في مواجهة متغيرات البيئة الخارجية

أعلنت لجنة التعريفة الجمركية التابعة لمجلس الدولة في 11 سبتمبر الجاري عن حذف أول دفعة من قائمة السلع الأمريكية الخاضعة للتعريفات الجمركية الصينية، اعتبارًا من 17 سبتمبر. حيث ستشمل الدفعة التعريفة على 16 سلعة أمريكية، ما يمثل خطوة عقلانية يتخذها الجانب الصيني.

ترى الصين أنه ليس هناك فائز في الحرب التجارية، ولذلك أصرّت دائمًا على موقف "عدم الرغبة في القتال، عدم الخوف من القتال، والقتال إذا لزم الأمر". ويعد الإجراء الصيني المضاد خطوة عادلة في وجه الاستفزاز أحادي الجانب من الولايات المتحدة وتصاعد الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية. ويعكس قيام الصين بالغاء الرسوم الجمركية على بعض السلع الامريكية موقفا عقلانيا منها وقدرتها على ضبط النفس في التعامل مع الاحتكاكات التجارية الصينية الأمريكية. والإجراءات الصينية المضادة لم تكن للمعارضة من أجل المعارضة وليس زيادة التعريفة من أجل الزيادة. فمنذ بدء فرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية ففي 13 مايو من العام الحالي، تعاملت الإدارات الصينية بجدية مع مختلف المطالب المتقدمة واستمعت إلى الآراء ذات الصلة. ووضعت صلْب الاعتبار ما إذا كانت التعريفات ستصعب على الشركات إيجاد مصادر بديلة، وما إذا كانت لها آثار هيكلية سلبية على الصناعات ذات الصلة، وما إذا كانت ستؤثر على نوعية حياة الناس، مما عكس الموقف المسؤول الذي تعاملت به الحكومة الصينية حيال الشعب والشركات الصينية.

 لكن بعض الشخصيات في امريكا تعمّدت اساءة تأويل الخطوة الصينية على أنها علامة على عدم تحمّل الصين لآثار الحرب التجارية والاحتكاكات الاقتصادية. وتجاهلوا بأن الاقتصاد الصيني يتمتع بمرونة كافية ولا يخاف التحديات الخارجية. فالصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بسلسلة صناعية كاملة، ومن المستحيل على التعريفات الأمريكية أن تؤثر على هذه السلسلة الصناعية بسهولة. وعلى المدى القصير، لن تؤدي التعريفات الأمريكية إلا إلى ابراز القيمة الخاصة التي تتمتع بها الصين داخل السلسلة الصناعية العالمية. فوفقًا لمسح أصدره مجلس الأعمال الأمريكي الصيني، فإن 87٪ من الشركات الأمريكية التي شملها الاستطلاع لا تنوي نقل أعمالها خارج الصين. ووفقا لبيانات شركة روديوم للاستشارات الأمريكية، فإن الشركات الأمريكية قد استثمرت 6.8 مليارات دولار أمريكي في الصين خلال النصف الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 1.5 ٪ عن نفس الفترة من العامين الماضيين.

تركز الصين على القيام بشؤونها الخاصة على أفضل وجه والمحافظة على اليقظة الدائمة. ودفع التنمية عالية الجودة بثبات ومواصلة توسيع الانفتاح، وتحسين بيئة الأعمال بشكل مستمر، وهذا هو "سر" هضم الصين المستمر للضغوط الخارجية، وهي جهود وجدت تثمينا عاليا من العالم. في هذا الصدد، صرح تيموثي ستراتفورد، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في الصين مؤخرًا بأن ثقة أعضاء غرفة التجارة في الحكومة الصينية على فتح السوق قد وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. حيث يضع أكثر من نصف الشركات الأعضاء الصين ضمن أهم ثلاث وجهات استثمارية في تخطيطها الاستراتيجي العالمي. وبذلك باتت الجاذبية المتزايدة للسوق الصينية أقوى ردّا على أوهام "الانفصال الاقتصادي" غير الواقعية لدى بعض الأمريكيين.

على ما يزيد عن العام من الاحتكاكات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ظلت الصين تبذل ما في وسعها لزيادة الطاقة الحركية من أجل تنمية اقتصادية مستدامة وصحية وبذل جهود حثيثة لتحسين مستويات معيشة الناس وجودتها. وقد أثبتت الوقائع مرارا متتالية بأن الصين تستطيع أن تتمسك بالعقلانية في مواجهة عدم اليقين في البيئة الخارجية، وأن اعتمادها على جهودها الذاتية في انجاز مهامها المحلّية على أفضل وجه للمحافظة على استقرار الوضع العام هو الخيار الأفضل.