القاهرة 25 أغسطس 2019 (شينخوا) "مجانا وبدون تبرعات"، هكذا كُتب على لافتة كبيرة معلقة على مبنى قديم في ضاحية السيدة زينب بالعاصمة المصرية القاهرة، للإعلان عن وجود استراحة مجانية للأطفال المصابين بمرض السرطان، والذين يأتون من محافظات مختلفة لتلقي العلاج بمستشفى "57357".
ويبدو مدخل المبنى المعروف باسم "دار ظاظا" أشبه بمدخل رياض الأطفال، حيث تتزين جدرانه برسومات ملونة مبهجة، فيما شغلت أرجوحة ودراجات صغيرة وكراسي متحركة وقفص للعصافير، أركانه.
و"ظاظا" هو جزار مصري في العقد الخامس يدعى صيام عبده، راودته فكرة هذا المبنى قبل حوالي أربع سنوات، عندما رأى بعض الجيران يؤجرون شققا للمغتربين، الذين يأتون إلى القاهرة من محافظات أخرى للعلاج بمستشفى سرطان الأطفال "57357".
وكانت معاناة المرضى وأسرهم سببا رئيسيا لدى "ظاظا" من أجل توفير سكن مجاني للأطفال وذويهم لتجنيبهم مشقة وتكلفة السكن خلال فترة العلاج بالقاهرة.
ويقول ظاظا لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن فترة العلاج قد تستغرق من أسبوع إلى 15 يوما، وتكلف أسرة الطفل المريض الكثير من المال، لذلك قررت أن أقدم لهم استراحة مجانية وبدون تبرعات".
ويضيف "لدي شقة في الطابق الأرضي، لذا قمت بتجديدها ودهانها وفرشها بالأثاث لتكون مناسبة لاستيعاب سبع حالات، أي سبعة أطفال مع أمهاتهم".
ويمكن للضيوف البقاء لأي فترة يحتاجونها، بحسب ظاظا.
ويشير الرجل الخمسيني إلى أن بعض الحالات مكثت في داره لمدة شهر أو شهرين.
وتلقى ظاظا، وهو متزوج ولديه أربعة أطفال، عدة مرات عروضا بتبرعات من مصريين وأجانب، لكنه رفض لأنه يريد أن تكون الدار "عملا خيريا خالصا".
وتحتوي الشقة المكيفة المقدمة للأطفال على غرفتين مزودتين بعدة أسرة وردهة بها تلفاز، وتتميز جدرانها بألوان زاهية ورسومات جذابة لحيوانات وطيور ومناظر طبيعية.
وأتاح الأمر لظاظا تكوين "صداقات مع كل الحالات التي أقامت بالدار، بما في ذلك أسر الأطفال الذين نجوا من السرطان، وأولئك الذين لم يتمكنوا من النجاة"، بحسب قوله.
وترافق فريدة أحمد، وهي امرأة في أوائل الثلاثينيات من عمرها، من محافظة الشرقية شمال القاهرة، طفلها محمد، الذي يتلقى العلاج الكيميائي في مستشفى "57357"، في دار "ظاظا".
وقالت أحمد ل(شينخوا) في ردهة الدار "استقبلنا ظاظا هنا بالترحيب وكرم الضيافة، ويوفر لنا كل ما نحتاجه من أجل إقامة مريحة، إنه رجل طيب وعطوف".
وأضافت "ابني سعيد للغاية بالألعاب وكل شيء هنا، حتى أنه لا يريد العودة للمنزل".
وأشارت إلى أن زوجها عامل محدود الدخل ولا يمكنه تحمل تكلفة استئجار شقة في كل مرة يزورون فيها القاهرة من أجل جرعة العلاج الكيميائي لطفلهم.
وكان الطفل البالغ من العمر ثمانية أعوام يلعب على الأرجوحة بمدخل الدار.
وخضع محمد المصاب بأورام في الصدر والعمود الفقري، لعملية جراحية قبل أسبوع تم خلالها إزالة أورامه جزئيا لأن بعضها كان ممتدا إلى بعض الشرايين والأوردة، وفقا لوالدته.
ومع ذلك بدا محمد سعيدا جدا.
وقال الولد الخجول مبتسما، "أحب هذا المكان لأنه يحتوي على العديد من الألعاب، مثل هذه السيارة الصغيرة والهاتف المحمول والنظارة المكبرة، وأحب أيضا الأرجوحة الموجودة بالمدخل".
وتعد مستشفى سرطان الأطفال "57357" الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث أنشئت في عام 2007 من خلال التبرعات وجهود المجتمع المدني، وتحوي المستشفى حوالي 260 سريرا وتعمل حاليا على التوسع لمضاعفة قدرتها الاستيعابية.
واستطاعت مستشفى "57357" رفع معدل النجاة بين الأطفال المصابين بالسرطان في مصر من أقل من 40 بالمائة إلى 73 بالمائة.
وأكدت ماجدة عبد السلام بمكتب مدير المستشفى أن ظاظا يمكنه التسجيل بالمستشفى لترتيب إرسال الحالات إليه عند الضرورة.
وقالت عبد السلام لـ (شينخوا)، "بالطبع نرحب بهذه الجهود الخيرية لمساعدة مرضانا وليس لدينا أي مشكلة في ذلك طالما أن الاستراحة تقع بالقرب من المستشفى".