نايروبي 18 أغسطس 2019 (شينخوا) في صباح يوم ماطر، وقبيل اليوم العالمي للأعمال الإنسانية، تجمع قرويون في ضاحية مدينة جيما غربي أثيوبيا، لتكريم ذكرى طبيب صيني مدفون هناك، بعد أن مات في البلاد، قبل أكثر من 40 سنة.
كان الطبيب مي قنغ نيان، قد قاد أول فريق مساعدة طبية صيني لأثيوبيا في عام 1974. وعمل في خدمة الناس في مجتمعات محلية في جيما، ثم توفي بحادث سيارة عام 1975.
وظل السكان المحليون يتذكرونه باحترام كبير، ويستذكرونه من خلال زيارة قبره، وتنظيفه كل عام، ووضع الزهور عليه، في حين أن تراثه الحي ظل على نطاق واسع، إظهارا جوهريا لعمق علاقات التعاون الودي الأوسع، بين أثيوبيا والصين، في مجال الصحة العامة.
منذ عام 1963، وحتى عام 2018، تمت معالجة ما مجموعه 220 مليون مريض في 48 بلدا أفريقيًا، على أيدي أطباء ومختصين وعاملين صينيين بالمجال الطبي، وفقا للجنة الصحية الوطنية. حاليا، يقدم 983 طبيبا صينيا خدمات طبية مجانية، في 45 بلدا أفريقيًا.
لقد ظلت ذكرى الطبيب الصيني الراحل مي قنغ نيان، خالدة في قلوب محبيه من المحليين الأثيوبيين.
يتذكر وليدي إدريس، الذي كان حينئذ في نهاية العقد الثالث من عمره، أيام الطبيب مي وخدماته التطوعية بمجال الرعاية الطبية، وكيف كانت جنازة الطبيب المحبوب، مكتظة بالمشيعين، وقال في حديث مع ((شينخوا))، "لقد كانت وفاة الطبيب لحظة كارثية لكافة سكان جيما وما حولها"، مضيفا "وشارك في جنازته الآلاف من الناس، شيوخا وكهولا وشبابا وأطفالا، وكلهم في حزن شديد خلال الجنازة".
وحتى يومنا هذا، مازالت إسهامات الطبيب مي، تحظى بتقدير بالغ بين السكان المحليين، الذين يقوم كبارهم بتمرير ذكراه وتراثه للأجيال اللاحقة.
في إبريل 2018، تم بناء طريق جديد في جيما، من قبل شركة الاتصالات الصينية للإنشاءات، وبتمويل من الحكومة الصينية.
وسُمّي الطريق الجديد على اسم الطبيب الراحل مي، وأشاد السفير الصيني لدى أثيوبيا تان جيان، خلال مراسم افتتاحه قائلا "إن الطريق هو علامة واضحة للعلاقات الودية التقليدية بين أثيوبيا والصين"، مضيفا أن الصين ستعمل على المزيد من تقوية تعاونها مع أثيوبيا، التي تعمل وتسير نحو تحقيق وضع متوسط الدخل بحلول عام 2025.
إن أجيال العاملين الصينيين بتقديم خدمات الرعاية الطبية في إفريقيا تتواصل جيلا بعد آخر، وكان الطبيب الراحل مي واحدا من آلاف الأطباء الصينيين الذين بذلوا جهودا حثيثة وملموسة لتحسين الرعاية الصحية في أنحاء القارة الأفريقية.
وخلال 56 عاما، تم إرسال 21 ألف طبيب صيني، مثل الطبيب مي، إلى أفريقيا. وسوية مع برامج الحكومات المحلية، ظلوا يسهمون في تغيير الظروف الصحية بالقارة، نحو الأفضل.
ولم تقتصر جهود الفرق الطبية الصينية على تقديم الخدمات الطبية والصحية فحسب، بل امتدت أيضا إلى بناء قدرات المحليين العاملين بالحقل الطبي. وظل الأطباء الصينيون يعملون عن قرب مع زملائهم المحليين، لينقلوا للمحليين تجاربهم وخبراتهم ومهاراتهم.
قال حاجي مويتا حاجي، مدير مستشفى منازي موجيا في زنزبار، معلقا على هذه النقطة بالذات، إنه "متى ما واجهنا مشاكل وطلبنا العون لحلها، لم يقل الأطباء الصينيون أبدا كلمة لا لمطالبنا. إنهم يعملون على مدار الساعة، لمساعدة مواطنينا".
وإلى جانب تقديم خدمات الرعاية الطبية والصحية، تعمل الفرق الطبية الصينية أيضا على نقل التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة إلى الدول الأفريقية، من أجل توفير أوسع نطاق ممكن من الخدمات للمرضى، مثل خدمات عمليات العيون الدقيقة، وجراحات القلب الدقيقة.
قال جون انكنغاسونغ، وهو مدير معهد للشباب الأفريقي، "إن الصين قدمت إسهامات هامة لأفريقيا خلال حملتها المستمرة ضد إيبولا وانتشاره، إضافة إلى تطوير مؤسسات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة".
وحتى عام 2018، تمت معالجة نحو 280 مليون مريض في 71 بلدا بالعالم، منها 48 بلدا في افريقيا، وعالجهم 26 ألف عامل بمجال الرعاية الطبية من الصين، ولقي 51 من هؤلاء العاملين الصينيين حتفهم في الخطوط الأمامية لأداء الواجب.
قالت تشانغ لي، وهي طبيبة رعاية أمومة وطفولة من بكين، عملت في مهمة بمستشفى بالعاصمة الغينية كوناكري، العام الماضي، "إن الشعب الأفريقي صديق حميم للشعب الصيني، ونرغب في المساعدة على تحسين صحة أصدقائنا الأفارقة، ورفع قدرات زملائنا الأفارقة، حتى تتواصل الصداقة الصينية-الأفريقية للأبد".