دمشق 23 يوليو 2019 (شينخوا) خلال الحرب الطويلة التي اندلعت في سوريا ، تعرضت بعض المهن الحرفية التراثية لتهديد خطير ، وباتت مهددة بالانقراض ، غير أن هناك بعض الجهات المعنية بالحفاظ على التراث عملت على التمسك بهذه المهن التراثية ، وحمايتها من الأندثار بسبب الظروف التي عاشتها البلاد خلال سنوات الحرب من نزوح ودمار وتهجير لتلك المهن التراثية.
ولعل الجيل الجديد في سوريا لم يكن على دراية كافية بأهمية تلك اللوحات الدمشقية التي تزين البيوت الدمشقية القديمة ، وتعطي تلك البيوت نكهة خاصة تميزها عن باقي البيوت الأخرى ، مثل لوحات الفسيفساء ، أو لوحات الخيوط العربية التي تخلق شكلا مريحا باستخدام لوحات من خشب يمكن تلوينه لاحقا وتثبيته على الجدران أو الأسقف لتعطي المكان هيبة ورونقا خاصا وهوية دمشقية مختلفة .
ويعد صنع الفسيفساء الحجرية حرفة تقليدية قديمة في سوريا ، حيث يمكن للحرفيين صنع قطع جميلة معروضة في غرف الضيوف في المنازل الدمشقية القديمة ، لا تزال حتى الأن تروي حكايات الف ليلة وليلة .
وفي منطقة الجزماتية بحي الميدان الدمشقي ( جنوبا ) يقف الزائر إلى المكان أمام مشروع تنموي إنساني حمل اسم (بيت الشرق للتراث ) أحد مشروعات جمعية ( الوفاء) التنموية السورية ليكون هذا البيت التاريخي حاضنة لحرف وحرفيين تعرضت ورشاتهم للتدمير خلال سنوات الحرب الإرهابية على سوريا.
ويعود تاريخ بيت الشرق للتراث إلى نهاية العصر المملوكي وكان مهددا بالانهيار ليعمل القائمون في الجمعية على ترميمه عام 2018 ، حيث يعد هذا البيت من مراكز تدريب الحرف والتعريف بأهمية التراث الوطني ووسيلة لكسب عيش كريم للحرفيين وتطوير إمكانيات الوافدين الجدد لهذه المهن من خلال بناء منظومة تعليمية عملية تصب في مجال التنمية المستدامة.
وتتوزع الحرف المحتضنة في "بيت الشرق للتراث" على قاعات هي الموزاييك الخشبي والصدف والفسيفساء الحجري والرخام والحفر والنقش بكل أصنافه والخيط العربي والزجاج المعشق والدهان الدمشقي والخط العربي والسجاد اليدوي.
وقال ماهر بوظو ، وهو حرفي سوري يصنع الحرف اليدوية الدمشقية ، إنه وحرفيون آخرون يحاولون إنقاذ الحرف القديمة المحببة لأنها تشكل جذور المجتمع السوري وهي طريقة جيدة لبدء بناء البلاد من خلال استعادة تراثها.
وقال بوظو لوكالة أنباء (شينخوا ) "من أجل الحفاظ على هذه المهن والحرف اليدوية من الانقراض ، فإننا نحاول من خلال هذه الجمعية إعادة بناء جيل جديد وتأهيله لمواصلة والحفاظ على التراث والحرف اليدوية التي ورثناها عن أسلافنا".
من جانبه ، قال ماهر شامي ، الحرفي الذي يقوم بأعمال الرسم باللغة العربية ، إن الجمعية ساعدتهم على المستوى المالي وقدمت لهم الآلات اللازمة.
وقال شامي " لقد ساعدنا ذلك كثيرًا على المستوى المالي وأيضا فيما يتعلق بتوفير الآلات وشرائها حتى أتمكن من إعادة تشغيل هذه المهنة مرة أخرى ومواصلة عملنا".
وكان حامد حجار يجلس في زاوية أخرى من المنزل ، وهو يقوم بعمل حجر الفسيفساء ، وهو فن صناعة الفسيفساء من الأحجار وترتيبها بشكل جميل على الخشب.
وقال إنه كان من بين أولئك الذين لم يغادروا البلاد وأنه اختار تعليم ما يعرفه للجيل الشاب لجعل الفن الذي يحبه حيا.
وقال حجار "في هذه الفترة ، غادر العديد من الحرفيين البلاد وأصبح من يمكنهم القيام بهذه الوظائف نادرة ، لذا نحاول تعليم كوادر جديدة لأن هذه الحرفة دمشقية قديمة لذلك نحاول الحفاظ عليها من الانقراض ".
وصرحت رئيس جمعية (الوفاء) ، رمال صالح ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن الحرف الثقافية معرضة لخطر الانقراض في سوريا بسبب الحرب وهجرة الحرفيين.
وقالت رمال صالح " قد تنتهي هذه المصنوعات اليدوية لأسباب عديدة ، أهمها الحرب لأن الحرب والإرهاب دمرتا العديد من ورش العمل في سوريا".
وأضافت " السبب الثاني هو هجرة أعداد كبيرة من الشباب من البلاد ، وبالتالي فإن الهجرة ساهمت أيضا في فقد هذه الحرف اليدوية في سوريا بينما برع الحرفيون الذين غادروا في أعمالهم الحرفية خارج البلاد".
وقالت "نحاول جعل هذا البيت مثل أكاديمية سورية للحفاظ على الحرف الثقافية وتعليمها".
ومع ذلك ، يقول هؤلاء الحرفيون إن الإقبال على شراء منتجاتهم خجول لأن المنتجات باهظة الثمن وتستغرق وقتا طويلا حتى النهاية وإن لوحة من الفسيفساء الحجرية قد تستغرق ثلاثة أشهر من العمل وأصبح الأشخاص مشغولون الآن بتلبية احتياجاتهم وشراء القطع المصنوعة يدويا في كثير من الحالات من الرفاهية التي لا يمكنهم تحمل تكاليفها. / نهاية الخبر /