غزة 7 أبريل 2019 /غلب الحزن وجه الفلسطيني فتحي جمعة وهو يلقي نظرة أخيرة على حيوانات وطيور داخل حديقته الخاصة في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع قبل أن يتم نقلها إلى محمية طبيعية في الأردن عبر منظمة دولية.
ونقلت منظمة (فور باوز) النمساوية التي تعنى بشؤون الحيوانات والطيور 40 نوعا من الطيور والحيوانات من حديقة رفح إلى محمية جرش الأردنية عبر حاجز (بيت حانون/ايرز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية في حادثة هي الأكبر من حيث العدد.
وتنوعت الطيور والحيوانات بين أليفة ومفترسة مثل الطاووس والنعام والبجع والأسود والثعالب والذئاب والضباع.
وخضعت الحيوانات الكبيرة والمفترسة قبل نقلها إلى عمليات تخدير من قبل أطباء بيطريين متخصصين في المنظمة، ومن ثم وضعت في أقفاص حديدية وبلاستيكية محكمة الإغلاق.
ووجد جمعة، وهو في الخمسينات من عمره، نفسه مجبرا على التخلي عن مشروعه الذي بدأه قبل 20 عاما بإنشاء حديقة حيوانات تبلغ مساحتها 4 دونمات لتكون متنفسا لسكان رفح بعد أن ضاقت به السبل في توفير مقومات الحياة جراء تردي الأوضاع الاقتصادية التي يعانيها.
ويقول جمعة بينما الأسى يظهر في عينيه لوكالة أنباء (شينخوا)، "شعوري لا يوصف ولا أكاد أصدق ما يجري أمامي من إخراج للحيوانات والطيور لنقلها إلى مكان آخر بعد 20 عاما من التربية".
ويضيف بينما كان يقوم بتفقد الحيوانات داخل الأقفاص التي وضعت بها أن "وضعي سيء كالإنسان الذي فقد شخصا عزيز عليه من عائلته"، ملقيا اللوم على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي جعلته يفعل ذلك.
ويتابع جمعة أنه عانى أوضاعا اقتصادية صعبة في السنوات الأخيرة داخل الحديقة سواء على صعيد قلة الرواد أو قلة الرعاية الطبية للحيوانات ونفوق عدد كبير جراء ذلك، لافتا إلى عدم وجود تعاون من قبل الوزارات في غزة بمسألة رعاية الحيوانات لديه أو تقديم طعام لهم.
ويعرب عن أمله في "إعادة بناء الحديقة من جديد في حال تحسنت الأوضاع الاقتصادية في القطاع "لأن تربية الحيوانات والطيور تجري كما الدماء في العروق بالنسبة لي".
ولم يفصح جمعة بشأن تلقيه أموالا مقابل خروج الحيوانات، وقال إنها خرجت للعلاج بسبب الظروف الاقتصادية وربما تعود في المستقبل في حال بناء محمية طبيعية في القطاع.
وسبق أن تعرضت حديقة الحيوان لقصف إسرائيلي في حرب 2014 على القطاع، ما أدى إلى نفوق عدد من الحيوانات والطيور.
ومنذ ذلك الحين قامت منظمة (فور باوز) بنقل حيوانات من عدة حدائق منتشرة في القطاع للعلاج في الأردن لتعرضها لإصابة جراء تصعيد إسرائيلي أو عدم مقدرة أصحابها على رعايتها بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
ويقول أمير خليل أحد أعضاء وفد منظمة (فور باوز) ل(شينخوا)، إن وفد المنظمة المكون من 5 أشخاص زار حديقة رفح لأنها تعاني مشاكل كبيرة، مشيرا إلى أنها الزيارة التاسعة إلى القطاع منذ 5 أعوام.
ويضيف خليل الذي وصل الحديقة أمس وأجرى فحوصات للحيوانات والطيور أن "الوضع سيء، فحجم الأقفاص يعتبر صغير بالنسبة لحجم الحيوانات وكذلك ليست ضمن المواصفات العالمية".
ويشير خليل بعدما قام بجولة بين أقفاص الحيوانات، إلى أنها "تعاني من مشاكل صحية مثل التهابات المفاصل والعين والجلد جراء نقص التغذية، لكن ذلك لن يكون عقبة أمام علاجها الذي يحتاج إلى وقت".
وحول معرفتهم بوضع الحديقة وقدومهم إلى غزة، يقول إن "فلسطينيين زاروا الحديقة مرات عديدة مؤخرا وتواصلوا مع المنظمة وأخبروها بأن الوضع سيء وبضرورة زيارتها لإنقاذ تلك الحيوانات والطيور الموجودة فيها".
ويعرب خليل عن أمله في أن "يتم إيجاد حل طويل الأمد للحيوانات التي تم إخلاؤها من القطاع وما تبقى منها في غزة عبر إنشاء محمية طبيعية كباقي دول العالم".
وبشأن نقل الحيوانات وكيفية ذلك يوضح أن "نقلها جرى بالتنسيق بين وزارة الزراعة الفلسطينية في غزة وصاحب الحديقة الذي تواصل معنا وأرسل لنا شهادات طبية لها، ومن ثم تحركنا مع الجانب الإسرائيلي واستصدرنا التصاريح اللازمة".
ويبدى خليل استعداد منظمته لتدريب "كوادر لازمة في قطاع غزة للاهتمام بالحيوانات سواء أطباء بيطريين أو رعاية خاصة".
وفي السياق، أعلنت وزارة الزراعة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان أن موافقتها على نقل الحيوانات بعد تعهد منظمة "فور باوز" بإنشاء محمية طبيعية في القطاع قريبا على مساحة 100 دونم تتضمن عددا من الحيوانات البرية وإعادة ما تم نقله من حيوانات من غزة.
وتمثل حدائق الحيوان المحدودة متنفسا لسكان قطاع غزة، الذي يفتقد لأماكن الترفيه وكذلك عدم تمكنهم من السفر إلى الخارج بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2007 إثر سيطرة حركة (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وإلى جانب الحصار شنت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة الأولى نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في نوفمبر 2012 وصولا إلى الهجوم الأخير صيف عام 2014.
ويعاني قطاع غزة من استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي مع الضفة الغربية وتعثر جهود المصالحة وعدم بسط حكومة الوفاق التي تشكلت في يونيو 2014 سيطرتها على الأوضاع فيه مع استمرار خلافاتها مع حماس.
وأثناء عمل وفد المنظمة تواجد نشطاء شبان فلسطينيون يقومون برعاية الحيوانات والطيور على مستوى محلي وقاموا بعرض تقارير طبية وصور أشعة لحالة قطة سقطت من علو أدى إلى تعرضها لكسور كبيرة.
وطلب الشبان من الوفد بعد إلحاح استمر طويلا باصطحاب قطة معهم إلى الأردن نظرا لخطورة وضعها الصحي وحاجتها للعلاج والرعاية، وهو ما استجاب له.