تكريت، العراق 9 فبراير 2019 /أحدثت التجهيزات والتقنيات والمعدات الصينية المتطورة نقلة نوعية وانتعاشا في الزراعة بمحافظة صلاح الدين شمال العراق، لما تتميز به من خصائص جيدة ساعدت بزيادة مساحة الأراضي المزروعة وزيادة الانتاج بنسبة كبيرة.
ورغم أن العراق وحتى وقت قريب يعد من البلدان الزراعية المهمة في منطقة الشرق الاوسط لتوفر جميع عوامل الإنتاج الزراعي من مياه وأراضي صالحة للزراعة ومستلزمات أخرى، وكانت الزراعة فيه تسهم بقسم لا بأس به من الناتج القومي العراقي، إلا أن واقع الحال تغير كثيرا، لكن هناك محاولات للنهوض بواقع الزراعة والاستفادة من تجارب وتقنيات الدول المتقدمة في هذا المجال الحيوي والمهم.
ونتيجة للظروف التي مر بها العراق من حروب وحصار في فترة التسعينيات واحتلال العام 2003 فقد شهد قطاع الزراعة تدهورا كبيرا وهجر معظم الفلاحين مزارعهم لعدم توفر المستلزمات الزراعية وغياب القوانين التي تحمي الانتاج الزراعي أمام المنتجات الزراعية المستوردة من دول الجوار خاصة، فتدنى مستوى الاهتمام بالزراعة بشكل عام في جميع محافظات العراق ومنها محافظة صلاح الدين.
وشكل انفتاح العراق بعد الاحتلال الأمريكي ورفع العقوبات الاقتصادية عنه نقطة مهمة لإعادة رسم الخريطة الزراعية للبلاد اعتمادا على التقنيات الحديثة التي تعج بها الأسواق العالمية، ومنها الاسواق الصينية.
وقال صافي محمود التكريتي تاجر أجهزة واسمدة وتقنيات زراعية في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين لوكالة أنباء (شينخوا) "إن الخيار الأول في احداث نقلة نوعية في الزراعة بمحافظة صلاح الدين كان التوجه إلى الصين للاستفادة مما وصلت اليه التقنيات الزراعية المتقدمة في هذا البلد وإمكانية وصولها إلى العراق بأسعار تنافسية لا تثقل كاهل الفلاح العراقي".
وأضاف التكريتي "إن التجهيزات الصينية التي تم طرحها في أسواق محافظة صلاح الدين لاقت قبولا منقطع النظير من الفلاحين وشهدت اقبالا كبيرا على شرائها بسبب أسعارها المناسبة وتقنيتها العالية والتي تعد من التقنيات المتقدمة على مستوى العالم".
وأوضح التكريتي أن الإقبال الكبير كان على معدات الري بالرش والتنقيط وكذلك على البيوت البلاستيكية ومستلزماتها من الاغطية ومن السقوف والمبيدات والاسمدة واللقاحات فضلا عن أنظمة الري الثابتة والأنابيب البلاستيكية ومنظومات التسميد التي وفرت الكثير من الجهد والمال.
وقدر التكريتي حجم التعامل في المستلزمات الزراعية على مستوى محافظة صلاح الدين فقط بأكثر من 20 مليون دولار سنويا تتوزع بين مختلف مستلزمات العملية الزراعية.
من جانبه، أكد المهندس الزراعي خالد عبد الله حسين أن المستلزمات الزراعية الصينية أسهمت إسهاما فعالا بتوسيع الرقعة الزراعية في محافظة صلاح الدين إلى أكثر من 400 بالمائة وكذلك زيادة الإنتاج بأكثر من 60 بالمائة قياسا إلى ما قبل استعمال تلك التجهيزات.
وأضاف حسين "إن المستلزمات الزراعية الصينية ذات النوعية الجيدة تسمح للفلاح بالتحكم بمستوى الري وبنوعيته والتوقيتات المفيدة للنبات فضلا عن توصيل السماد وبرمجته في أوقات الحاجة وأوقات العطش ووفرة المياه".
وتابع "اسهمت هذه المستلزمات ايضا في تقليص الايدي العاملة من خلال المكائن الخاصة برش المبيدات أو اللقاحات والاسمدة التي يحتاجها النبات ما اثر نحو الأفضل في نوعية وكمية الإنتاج الزراعي الذي بلغ في بعض السنوات ما يقرب من ربع انتاج العراق من حبوب القمح بسبب استخدام تقنيات الارواء الحديثة المجهزة من الصين".
إلى ذلك، أكد المزارع سيف حسين أن التقنيات الزراعية الصينية الحديثة قد أسهمت اسهاما فعالا في زيادة إنتاجية الدونم الواحد (الدونم يساوي 2500 متر مربع) من مختلف المحاصيل الزراعية.
وأفاد بأنه تمكن وبالحصة المائية نفسها من زيادة مساحة أرضه المزروعة بالقمح من 40 دونما إلى 200 دونم وزاد الإنتاج تبعا لزيادة غلة الدونم الواحد والمساحة المزروعة.
وأعرب حسين عن أمله في أن يتجه التجار العراقيون نحو جلب المزيد من التقنيات الزراعية الصينية من المناشئ الرصينة والابتعاد عن بعض المناشئ التي يحاول بعض التجار إدخالها بقصد الربح السريع فقط دون النظر إلى مصلحة الفلاحين.
وأوضح أن التقنيات الصينية الحديثة بدأت في الانتشار ليس في محافظة صلاح الدين فقط بل في بقية المحافظات قائلا "أحد اقاربي يسكن في محافظة كركوك وقد اشترى معدات صينية حديثة الأمر الذي ساعده في زيادة انتاجه بجهود اقل، ما دفع العديد من أبناء قريته إلى شراء بعض هذه التقنيات، فيما يخطط بقية افراد القرية لتجربة التقنيات الصينية الحديثة في مجال الزراعة.
على صعيد متصل، دعا الدكتور علي الجبوري الاستاذ في كلية الزراعة بجامعة تكريت، الحكومة العراقية إلى مساعدة الفلاح العراقي من خلال تمويل شراء التقنيات الزراعية الحديثة بقروض ميسرة تساعده على توسيع الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاج".
وقال "على الحكومة ان توفر التقنيات الحديثة للفلاح العراقي من أجل التهيئة لمرحلة التصنيع الزراعي التي ستحقق للبلاد عوائد إضافية في جميع المجالات".
وأضاف "ان ذلك يمكن ان يفتح ابوابا للتصدير ليتحول العراق من بلد مستهلك للمنتجات الزراعية والمصنعة إلى مصدر لها بسبب توفر عوامل الإنتاج الأساسية وبكثافة في مختلف أنحاء البلاد".
ويخترق نهر دجلة محافظة صلاح الدين من الشمال إلى الجنوب، ويوجد فيها سد سامراء وروافده ومنها قناة الثرثار المتجهة إلى بحيرة الثرثار التي يقع جزء منها في المحافظة، وفيها اراضي زراعية خصبة، لو استغلت بشكل جيد ووفق دراسات وخطط علمية وتم تحويلها إلى حقول خضراء لوفرت جميع احتياجات البلاد من المحاصيل الزراعية المختلفة.
ويزاول مهنة الزراعة في محافظة صلاح الدين أكثر من 60 المائة من سكانها، وسبق لها ان حققت المركز الاول في انتاج محصولي الحنطة والشعير في 2013 ، وهو العام الذي سبق احتلال التنظيم المتطرف للمناطق الشمالية منها، لكن انتاجها تدهور خلال العامين 2014 و2015، وبدأت في الاعوام التالية استعادة عافيتها بعد ان عاد سكان القرى المهجرة إلى ديارهم وحقولهم.
.