مسلاتة، ليبيا 9 فبراير 2019 /بين أشجار الزيتون التي يفوق عددها 3 آلاف في هذه الزراعة المخضرة بمدينة مسلاتة العريقة، يقضي محمد عبد الخالق معظم وقته في مزرعة أسرته الوفيرة، حيث لا يلفت النظر في هذا المكان الواسع، سوى منظر أشجار الزيتون على شكل مصفوفات مستقيمة، في مشهد يظهر قيمة وعظمة هذه الشجرة بالنسبة لليبيين.
زيت الزيتون أحد المنتجات التي تقوم عليها صناعة مهمة، كونه يدخل في استخدامات كثيرة؛ منها الغذاء والدواء، لكنها تواجه اليوم تحديات تعيق تطور إنتاج هذا الزيت الذهبي الغني، والذي ظل طوال عصور علامة فارقة في تاريخ الشعوب.
محمد عبد الخالق، صاحب مزرعة زيتون تحتوي على 3 آلاف شجرة، يروى حجم المشاكل والتحديات التي تتزايد موسما تلو الآخر حول زيت الزيتون، والتي جعلت المزارعين يعانون من خسائر كبيرة، ولا يكسبون سوى القليل مقابل أعمال شاقة تواجه تحضير الشجرة لموسم الجني.
وقال محمد، لوكالة أنباء (شينخوا) وهو يقوم وعشرة من العمال في استكمال عملية جني ثمار الزيتون، تحضيرا لعملية عصرها لاستخراج الزيت، "نحن الان في المرحلة الأخيرة لجني ثمار الزيتون، والتي لم يتبق منها سوى أسابيع قليلة، حيث كان الموسم هذا العام مبكرا جدا على غير العادة، وموسم طويل يقترب من 5 أشهر من عملية جني الثمار، والتي غالبا لا تتخطى 3 أشهر على مدار العقود الماضية".
وعن المشاكل التي تواجه عدد من المزارعين، أوضح محمد "هناك مشاكل عديدة، أهمها استمرار حظر تصدير الزيت للخارج، وفي ظل موسم وفير نعيشه هذا العام، فنحن نتعرض لخسائر كبيرة ، لأن الإنتاج سجل فائضا على المستوى المحلي، وهو ما أدى إلى انخفاض سعره بشكل كبير، وكان يتطلب تصدير الفائض للخارج، حتى يستفيد المزارع من عائدات تصدير زيت الزيتون، ليواجه مشاكل صناعة الزيت " .
وتعد أشجار الزيتون في مدينة مسلاتة (120 كلم) شرق العاصمة طرابلس الأشهر في ليبيا، كون عمر الزيتون فيها يناهز الـ10 قرون، إلى جانب أن الثمار والزيت على حد سواء بين الأجود في دول العالم.
وبلغ عدد أشجار الزيتون في ليبيا 12 مليوناً، بحسب آخر إحصائية حكومية العام 2007.
عملية استخراج الزيت من الزيتون عملية مضنية، حيث تتم عبر عصر الثمار بمعصرة اتوماتيكية، تكلف مبالغ طائلة نظير تشغليها وصيانتها في حال العطل.
ويفسر محمد عبد الخالق مشاكل المعصرة الحديثة ، وهو يقوم بضغط أزار تشغيلها، "هذه المعصرة ثمنها نصف مليون دولار، وقطع غيارها غالية الثمن ، وعندما تتعرض لأعطال في موسم جني الزيتون تمهيدا لعصره واستخراج زيته، يعني ذلك نهاية الموسم وخسارة نحتاج عامين أو ثلاثة لتخطي أثارها، وبالتالي لا شيء يعوض الخسارة سوى تصدير الزيت خارج ليبيا، وهو غير ممكن بعد منع الحكومة لذلك ".
وتعددت الأسباب التي أدت إلى استمرار منع تصدير زيت الزيتون إلى الخارج، لكن أبرزها هى المخاوف من ارتفاع الطلب عليه محليا وبالتالي ارتفاع سعره بشكل كبير.
وعن الأسباب، أكد خالد الترهوني المتخصص في علوم الزراعة والثورة الحيوانية في تصريحه ل(شينخوا)، أن" قرار منع التصدير له أسباب منطقية من قبل الحكومة، لكن في ذات الوقت يجب عليها أن تعد خطة بديلة تساعد أصحاب مزارع الزيتون على تقليل خسائرهم، وهذا الأمر وبعد مرور قرابة العامين لم يتحقق، لذلك وجب التحرك لحماية مصالح المزارعين.
وتابع الترهوني "المنع جاء خوفا من ارتفاع أسعار الزيت محليا، في حال تم تصدير الزيت خارج ليبيا، وهذا الأمر كان يحتاج ببساطة أن يتم تحديد الكميات المسموح بتصديرها وفق إنتاج كل مزرعة، يعني تخصص النسبة الأكبر للاستهلاك المحلي والنسبة الصغيرة للتصدير، لتعوض المزارعين خسائر الموسم، جراء أعطال المعاصر أو الأمراض التي تصيب شجرة الزيتون".
وأعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية منتصف العام 2017، إيقاف تصدير ثلاث سلع زراعية (زيت الزيتون والعسل والتمور) بشكل "مؤقت" لحماية هذه السلع الثلاث، دون تقديم تفاصيل مفصلة حول المنع.
وحاولت ليبيا أخيرا تطوير صناعة زيت الزيتون، حيث أبرمت في ديسمبر الماضي، اتفاق تعاون مع المجلس الدولي لزيت الزيتون ومقره إسبانيا.
والاتفاق بين ليبيا والمجلس، يهدف إلى تمكين ليبيا الحصول على معامل حسية وكيميائية وتدريب في المجال صناعة الزيت، بما يضمن تصدير الإنتاج الليبي إلى كافة دول العالم وفق معايير جودة عالية.
وعن أهمية هذا الاتفاق، علق خالد الترهوني المتخصص في علوم الزراعة والثورة الحيوانية "قطعا الاتفاق مفيد لتطوير شجرة الزيتون في ليبيا، للرفع من مستوى زيت ثمارها، خاصة وأن إسبانيا متقدمة جدا في صناعة زيت الزيتون".
.