人民网 2019:02:07.10:17:07
الأخبار الأخيرة

سفير السودان لدي بكين: العلاقة بين السودان والصين تعتبر إنموذجا ناجحا والسبب في ذلك صدق العلاقات والنوايا الحسنة

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  2019:02:07.09:52

    اطبع
سفير السودان لدي بكين: العلاقة بين  السودان والصين تعتبر إنموذجا ناجحا والسبب في ذلك صدق العلاقات والنوايا الحسنة

بقلم: احمد محجوب شاور سفير السودان لدي الصين

 الرابع من فبراير من كل عام يحتفل السودان والصين بالذكري السنوية لإنشاء العلاقات الدبلوماسية بينهما ،وهذا العام يحتفل البلدان بمرور ستين عاما علي هذه العلاقات التي تأسست في الرابع من فبراير 1959 الا أن ما يميز إحتفالات هذا العام بهذه الذكري أنها تصادف إحتفال الامة الصينية بأعياد الربيع والسنة الصينية الجديدة "سنة الخنزير" ،وبهذا أتقدم بأحر التهاني لجمهورية الصين الشعبية الصديقة حكومة وشعبا بخالص الامنيات ومزيدا من التقدم والازدهار بمناسبة أعياد الربيع ،كما أهنئ شعبي البلدين بمرور ستين عاما علي إنشاء العلاقة الدبلوماسية بين البلدين . ظلت العلاقات السودانية-الصينية ومنذ تأسيسها في تطور مستمر حقق ازدهارا عظيما في شتى المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها،وذلك عقب قرار السودان إقامة علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين كواحدة من أوائل الدول حول العالم التي إتخذت هذا القرار،وتمسك السودان بسياسة الصين الواحدة ،تلاها دعم السودان للصين لاستعادة مقعدها الدائم في مجلس الأمن عام 1971 ، كل هذا شكل أساسا متينا للنهوض بالعلاقات إلى رحاب أوسع وأعمق مكنها من الوصول الي مرحلة العلاقة الاستراتيجية فيما بعد ، لكن نشأة هذه العلاقة المتطورة والمتينة بين البلدين ليست وليدة الماضي القريب بل هي ذات أساس ربما تجاوز الالفين عاما ،فقد أكدت الحفريات الأثرية في السودان وجود صلات بين البلدين في عهد الدولة المروية التي تزامنت مع أسرة الهان التي حكمت الصين في القرن الثالث قبل الميلاد ،كما كان التواصل بين الصين والسودان منذ عدة قرون عبر قوافل التجارة البحرية التي كانت تقصد سواكن بالسودان،وأستمر هذا التواصل الي الماضي القرب في القرن التاسع عشر حين تقاسم شعبي البلدين تجربة نضالية فريدة عندما أستقدم الإستعمار الجنرال غردون الذي قضي علي ثورة الفلاحين الشهيرة في الصين (التانينغ) وإنتقل الي السودان ليقود المعركة ضد قوات الثورة المهدية سنة 1885م التي إنتهت بتحرير الخرطوم والقضاء علي الغزاة منتصرة بذلك للشعبين الصيني والسوداني ،ومخلفا أثرا يهتدي به الشعبين فيما بعد للتواصل فيما بينهما مستقبلا.

 المتتبع لمسيرة العلاقات السودانية -الصينية خلال العقود الاخيرة يلاحظ أنها علاقات متميزة على كافة الاصعدة السياسية والتجارية والاستثمار والثقافة والفن وغيرها، حظيت برعاية مباشرة من قيادة البلدين للدفع بها الي أقصي درجات التنسيق والدعم المتبادل للحفاظ علي المصالح لتحقيق الفوز المشترك ،حيث يهتم البلدان بتطوير علاقاتهما الثنائية عبر تأطيرها باتفاقات في مختلف المجالات ،الامر الذي ساهم بدوره الي تعميق هذه العلاقات متحدية الصعاب التي تقف في طريقها بفضل حنكة الطرفين الذين استطاعا ان يحققا شراكة إستراتيجية تقوم على اسس متينة متانة علاقاتهما الازلية ، للوصول الي نتائج ايجابية وواقعية. فعلي الصعيد التجاري الصين هي أكبر شريك تجاري للسودان، حيث يستورد السودان من الصين منتجات تتناسب والسوق السودانية،كما أن الصين أكبر مستثمر أجنبى بالسودان،ويحتضن السودان أكبر الاستثمارات الصينية على صعيد أفريقيا، شمل هذا التعاون بعد مشاريع النفط مجالات عدة في البنى التحتية التي ساهمت مساهمة كبيرة في تحسين الاقتصاد السوداني. بالمقابل فالصين تعتمد على السودان كسادس أكبر مصدر للنفط بالنسية لها،وكذلك تستورد الصين عدد من المحاصيل الزراعية من السودان يحتاجها السوق الصيني ،وعلي ضوء هذا التبادل الكبير في العلاقات التجارية اصبحت الصين شريكا اقتصاديا مهما للسودان ، مما نقل العلاقات الاقتصادية السودانية الصينية الى مرحلة الشراكة الاستراتيجية ،ومازال البلدان يعملان بكل جهد من اجل تحقيق تعاون مشترك في كل المجالات لخلق مستقبل متميز يصب في مصلحة البلدين عن طريق الاستفادة من الامكانات الكامنة لدي الطرفين في المرحلة المقبلة.

 سياسيا توثقت العلاقات منذ نشائتها بقوة وأصبح السودان والصين حليفين يعتمد كل منهما علي الاخر في حماية مصالحه القومية،مما جعل العلاقة السودانية- الصينية إنموذجا ناجحا في العلاقات بين الدول والسبب في ذلك صدق العلاقات والنوايا الحسنة التي يتمتع بها البلدان والقناعة التامة لدي البلدين بضرورة تطويرها والوصول بها الى مستوى رفيع يحقق تعاون جنوب – جنوب ،ولا شك أن توقيع الرئيس عمر حسن أحمد البشير وصديقه الرئيس شي جين بينغ علي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في سبتمبر 2015 تعد من التطورات المهمة في علاقات البلدين الامر الذي جعل من هذه العلاقة نموذجا يحتذى به في المنطقة والاقليم وكذلك الاهتداء بها من الجانب الصيني في علاقاتها مع الدول الاخري،كما أن لقاء الرئيسين فى العاصمة بكين قبل انطلاق قمة بكين في سبتمبر 2018 لمنتدى التعاون الصين وأفريقيا هي من المحطات المهمة في العلاقة بين البلدين ،والتي أمن فيها الزعيمان علي تعزيز التعاون الثنائى العملى بين البلدين وكذلك إيجاد طرق فعالة للتعاون في كافة المجالات والتنسيق فى الشؤون الدولية والإقليمية ،أيضا مبادرة الرئيس "شي" لمشروع "الحزام والطريق"، التي وقع السودان علي مذكرة الانضمام اليها في العام 2017 سيكون لها دورا مهما في تعزيز العلاقات بين الصين والسودان بإعتبار السودان محورا أساسيا لإستفادة العديد من الدول الافريقية من هذه المبادرة عبر الموانئ السودانية ، بالاضافة الي العديد من المشروعات المدروسة لدي السودان التي يمكن أن تمثل دفعة للتعاون الاقتصادي بين البلدين تتيح للشركات الصينية فرصاً كبيرة للاستثمار في السودان لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي الواعدة بين البلدين في المجال الزراعي والتعدين والنفط والغاز والطاقة المتجددة والخدمات المختلفة، وإتاحة المجال للشركات الصينية للإستثمار في عدد من الدول الافريقية حيث كان ولا يزال السودان بموقعه الاستراتيجي بوابة الصين نحو إفريقيا.

 دائما مايصف السودان جمهورية الصين "بالصديق الوفي" لوقوفها الي جانبه في كثير من المنعطفات الصعبة التي مر بها خلال عمر العلاقات بين البلدين أبرزها "العقوبات الاقتصادية الاحادية" الجائرة التي وقعت علي السودان خلال العقدين الماضيين والتي كان للصين دور كبير في التخفيف من وطأتها من خلال المساندة والوقوف مع السودان عبر دخول استثماراتها من أجل إنعاش الاقتصاد السوداني والحفاظ علي استقراره ،وكانت هذه الوقفة خير برهان علي أن علاقة الصداقة القوية بين البلدين قائمة علي الفوز المشترك والمصير الواحد كما يقول فخامة الرئيس " شي جين بينغ" ،أيضا مؤخرا ومرة أخري أثبتت الصين حرصها علي الوقوف الي جانب السودان في أوقات الشدة وذلك أثناء التطورات الاقتصادية الحالية التي يمر بها إذ كانت الصين أول الداعمين والمساندين للسودان للخروج من هذه الظروف الحالية ،حيث أكد مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي ثقة الصين في خروج السودان من هذه الاوضاع وهو أكثر قوة وتماسكا تحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية عمر حسن البشير ورفضه أي تدخل من أي جهة كانت في الشأن السوداني ،بالاضافة الي تقديم الصين للدعم الاقتصادي لتجاوز هذه الظروف الحالية الامر الذي كان له الاثر الكبير في أن يلمس السودان حكومة وشعبا بأن الصين هي من تقف الي جانبه في لحظات الشدة وكما يقول المثل العربي "الصديق وقت الضيق".

 أيضا للتواصل بين الحزبين الحاكمين الدور البارز في تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، حيث يوفر قدر كبير من التفاهم والثقة بين الجانبين ويظهر ذلك جليا في كثافة التواصل بين القيادات السياسية والتشاور في القضايا الثنائية وكذلك الدعم المتبادل في القضايا المحافل الدولية في القضايا ذات الاهتمام المشترك ،حيث وقع حزب المؤتمر الوطني اتفاقية تعاون مع الحزب الشيوعي الصيني في العام 2003 وظل الحزبان يتبادلان الزيارات واللقاءات بين قيادة الحزبين والتي كانت اخرها النسخة الخامسة للحوار السياسي عالي المستوي بين الحزبين الحاكمين خلال العام 2018.أما في إطار العلاقة في المجال الثقافي فقد بدأت في وقت مبكر جدا حيث كانت فرقة الاكروبات الشعبية الصينية هي أول من بدأ في اختراق هذه العلاقة وتطورت إلى ان وصلت المستوى المتطور والمتقدم جدا حاليا،كما أن البلدين يتبادلان توفير المنح الدراسية لعدد مقدر من الطلاب الراغبين من الطرفين في مختلف الجامعات المتخصصة، ويظهر اثر التبادل الثقافي والحضاري والشعبوي إزدياد الرغبة لدي الطلاب من الجانبين لدراسة اللغتين العربية والصينية، وهو أمر سيساعد بكل تأكيد علي خلق أجيال سيكون لها الدور الفاعل في التقارب بين الشعبين وحماية مصالح البلدين المشتركة في الأمد البعيد.

 إنتعاش العلاقات السودانية الصينية له الدور الكبير في فتح آفاق العلاقات الصينية الافريقية حيث يعد السودان بوابة الصين لإفريقيا حيث تعمل الصين والدول الإفريقية حاليا على تعزيز التعاون من أجل تحقيق التنمية المستدامة للقارة السمراء وتتطلع الدول الإفريقية إلى الاستفادة من التجارب والتكنولوجيات الصينية في بناء شبكة الطاقة الإفريقية ،واتجهت الصين في السنوات الأخيرة نحو إفريقيا لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية وإقامة علاقات دولية جديدة، فعلاقاتها وسياساتها نحو إفريقيا "منتدي التعاون الأفريقي الصيني" تعد إستراتيجية لهذه الوجهة الصينية، كما يلعب السودان دورا بارزا فى أعمال منتدي التعاون العربي الصيني ويدعم البلدان بعضهما في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

 ستون عاما علي العلاقة السودانية الصينية هي واحدة من المحطات الكبيرة في عمر هذه العلاقة المسنودة بآمال شعبي البلدين للوصول الى الرفاهية المشتركة التي يتوق لها الشعبان ،وهذا يحتم تكثيف الجهود من قبل البلدين بوضع خارطة للمتوافر من مقومات كامنة في السودان وما تتمتع به الصين من إمتلاك للتقنية المتطورة والخبرة الكبيرة في المجالات وهذا حتما سيحقق طموحات شعبي البلدين الصديقين، علي ضوء الالتزام الصارم بما أطلق عليه فخامة الرئيس "شي" بـ"اللاءات الخمسة"، وهي لا للتدخل فى جهود الدول لاستكشاف الطرق التنموية التى تناسب ظروفها الوطنية، وآلا يتدخل فى الشئون الداخلية ، ولا يفرض إرادته على الآخرين، ولا يربط أى شرط سياسى بالمساعدات ، وعدم السعى لكسب مصلحة سياسية للصين خلال الاستثمار والتمويل،وهذا ما وضح جليا من خلال التعاون المثمر بين السودان والصين في الفترة الماضية ،علي عكس الجهات الاخري التي تربط أي جهود تنموية بالعديد من الاشتراطات ،ويصب هذا التعاون في العمل علي الإرتقاء بهذه العلاقات بما يحقق التعاون الاستراتيجي بين البلدين،حيث أثبتت التجربة من خلال ماقامت به الصين في السودان في مشروع استخراج النفط، الذي كان ناجحا جدا، ومثل نموذجا في إفريقيا وغيرها من دول الجنوب في التعاون الاقتصادي، وبرهن على نجاح التجربة الصينية في هذا المجال،لذا يتطلع الجانبان الي التعاون في مجال أخري كالتعدين، حيث يزخر السودان بثروة معدنية هائلة بكافة أنواعها بداية من المعادن النفيسة كالذهب والفضة والنحاس وغيرها بالاضافة الي المعادن الاقتصادية مثل الحديد والرخام وغيرها ،علاوة علي الاستمرار في التعاون في مجال الزراعة بعد التجارب الناجحة جدا في هذا المجال من خلال منح قيمة مضافة للمنتجات الزراعية مع شركات وجهات صينية ،خاصة وأن السودان يمتلك موارد هائلة جدا من الموارد الطبيعية التي تخص الزراعة وتوافر المياه سواء كان ماء نهر النيل أو الأنهار الأخرى أو المياه الجوفية، وكذلك هناك مجال الثروة الحيوانية، إذ يمتلك السودان ثروة حيوانية هي الاكبر على نطاق افريقيا والعالم العربي، بالاضافة إلى الثروة السمكية في البحر الأحمر أو في مجال الانهار غير الاستزراع السمكي. ويمكن أن تكون هناك شراكة اقتصادية بين السودان والصين .

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×