بكين 6 فبراير 2019 /كعادة الغربيين في تزيين زخارف عيد الميلاد بمصابيح ملونة، يحتفل الصينيون بعيد الربيع من خلال إضاءة الفوانيس المختلفة، التي يراها جينغ تيان فو، صانع الفوانيس البالغ من العمر 71 عاما، تجسيدا للفرحة والأمل.
وخلال مهرجان عيد الربيع، يتم تعليق الفوانيس مختلفة الأشكال والأنواع في الحدائق الصينية وأماكن المناظر الطبيعية، حيث تخرج الأسر معا لمشاهدتها والاحتفال بهذه المناسبة الهامة.
وقال جينغ "إنها ثقافة الاحتفال الصينية منذ آلاف السنين"، مضيفا إنه يقوم بصنع الفوانيس في مدينة ووشي، بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين، منذ نحو 40 عاما. وتُعرض أعماله في كل موسم عطلة صينية.
بيد أن صانع الفوانيس المسن يبدو هذا العام أوهن صحة، حيث قال جينغ متنهدا "بعض الجيران سألوني عما أعددته لعرض فوانيس هذا العام، وشعرت بالحزن عندما قلت لهم إنني أعددت اثنين فقط من الفوانيس المستطيلة الشكل".
ولطالما اشتهر جينغ بين السكان المحليين بمهارته في صنع الفوانيس يدويا. وعلى الحائط في غرفة معيشته هناك لوحة مكتوب عليها "مشروع ووشي للتراث الثقافي غير المادي:فانوس جسر تشينغمينغ".
وفي الثمانينيات، انتقل جينغ بخبرته في صناعة الفوانيس من مسقط رأسه ليستقر في ووشي وفتح أول ورشة في المدينة لصنع الفوانيس. ومنذ ذلك الحين، في كل مرة يقام فيها معرض للفوانيس، يتم دعوة جينغ لعرض أعماله.
ويتقن جينغ فن صناعة الفوانيس على شكل جسر. وقد أدرج رسميا إبداعه المتمثل في "فانوس جسر تشينغمينغ" كمشروع فانوس خاص قرب القناة القديمة لمدينة ووشي نظرا لعظمته وفخامته.
وبلغت أعمال جينيغ لصناعة الفوانيس ذروتها عندما كان في الأربعينات من العمر. إذ لم يتمكن من إقامة معارض للفوانيس بالمواقع السياحية في ووشي فحسب، بل أقام تلك المعارض أيضا في مدن ومقاطعات أخرى لعرض موهبته في صناعة الفوانيس الصغيرة والكبيرة التي قد يصل ارتفاعها إلى ثمانية أمتار.
وقال جينغ "عرض الفوانيس المبهج يمكن أن يكون كرنفالا تشارك فيه المدينة بأسرها".
لكنه تدريجيا أدرك مشكلة: مع بدء العديد من الأماكن تكليف شركات إعلان ببرامجها الخاصة بالفوانيس، بات صُناع الفوانيس في الورش يواجهون تحديات للبقاء.
فصناعة الفوانيس يدويا تمر بعملية معقدة من الإنتاج تشمل الرسم والتصميم وشراء المواد واللصق والدهان. ومع زيادة أسعار الحرير وأسلاك الحديد وغيرها من المواد، ترتفع التكلفة.
وأوضح جينغ "إنها عملية تستغرق وقتا، كما أن الأرباح قليلة. العديد من كبار السن من صناع الفوانيس الذين أعرفهم تخلوا عن هذه المهنة رغم أنهم من ورثة هذا التراث الثقافي غير المادي".
وأضاف أنه من الطبيعي بالنسبة لهم مواجهة أزمات لمواصلة العمل بالورش، إذ أنهم يفتقرون إلى فلسفة الإدارة الحديثة للشركات، كما أنهم في الغالب من كبار السن، موضحا أن "الفوانيس البلاستيكية منخفضة التكلفة التي تنتجها الآلات تفتقر حقا للإبداع والابتكار.
وفي نانجينغ، حاضرة مقاطعة جيانغسو والتي تبعد أقل من 200 كيلومتر عن ووشي، تعد فوانيس تشينهواي أول مجموعة من التراث الثقافي الوطني غير المادي بالبلاد وتجذب ملايين السياح سنويا لرؤيتها، ما يعزز الثقة في صناع مهرة من أمثال جينغ.
وفي عام 2014، بادرت حكومة نانجينغ لإقامة شركة ثقافية للفوانيس لتوفير مكان لصناع الفوانيس المحليين. وقال جينغ "هذا يبرهن على أن الفوانيس التقليدية المصنعة يدويا يمكن تطويرها في إطار نموذج حديث للشركات".
وأردف جينغ "الفوانيس توارثناها عبر القرون لأنها تعجب الناس. في المجتمع الصناعي المعاصر، تكتسب الفوانيس التقليدية ذات السمات المحلية والمصنوعة يدويا شهرة أكبر. مع الأفكار الصحيحة والإدارة الاجتماعية، أمل صناع الفوانيس في الغد لن يخبو أبدا".
لكن الأولوية بالنسبة للسيد جينغ حاليا تتمثل في العثور على متدربين. ويحتفظ تقريبا كل موقع طبيعي في ووشي بأعمال أصلية من فوانيس الجسر والعنقاء وغيرها من إبداع السيد جينغ، فيما دخلت بعض أعماله إلى المتاحف المحلية وأضحت من بين المعروضات.
وقال جينغ "أمنيتي للعام الجديد هي توريث هذه الحرفة وأن تتلألأ فوانيسي مجددا".