مسقط 23 ديسمبر 2018 /قال مسئولون وخبراء إن مشروع "الحديقة الصناعية الصينية - العمانية بالدقم"، الذي يعد أحد مشاريع مبادرة الحزام والطريق، يلعب "دورا حاسما" في تعزيز التعاون الصيني العماني.
فعلى مدى السنوات الماضية، أصبحت الصين المفتاح الرئيسي لجهود سلطنة عُمان لتحويل الدقم، وهي ولاية عمانية شهيرة بصيد الأسماك وتبعد حوالي 550 كلم جنوب مسقط، إلى مركز صناعي يهدف إلى تنويع اقتصادها بما يتجاوز النفط والغاز.
وقال لي تشي كيان المدير التنفيذي للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، إن "الحديقة الصناعية الصينية - العمانية بالدقم هي أهم مشروع للتعاون الأجنبي في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة وتعقد عليه الحكومة والشعب العماني توقعات كبيرة وطموحات عالية".
وتمتد المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والتي أقيمت في العام 2011 في الصحراء الجنوبية الشرقية من محافظة الوسطى العمانية، على مساحة أكثر من 2000 كيلو متر مربع مع خط ساحلي طوله 80 كلم، مما يجعلها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبموجب اتفاق تم توقيعه بين الصين وعمان في مايو 2016، فإن "عمان وانفانغ"، وهي شركة تابعة لشركة (وانفانغ) بالصين من منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، تقوم بتطوير المجمع الصناعي الذي تبلغ مساحته 12.72 كيلو متر مربع.
وتبلغ الاستثمارات الإجمالية المقررة للحديقة 67 مليار يوان (أي حوالي 9.7 مليار دولار أمريكي).
ولذا فهي تعتبر أكبر حديقة صناعية تستثمر في دولة واحدة في عُمان، وأكبر منطقة تستثمرها الصين في الدول العربية لتعزيز التعاون في مجال الطاقة الإنتاجية.
وستكون الحديقة موطنا للمؤسسات من تسعة قطاعات بما في ذلك البتروكيماويات ومواد البناء والتجارة الإلكترونية.
ومن المقرر أن تتألف من ثلاث مناطق منفصلة للصناعات الثقيلة، والصناعات الخفيفة، ومنتجع من فنادق الخمس نجوم.
ووفقا لما ذكره شا يان جو، مدير الحديقة، فقد وقعت 10 شركات صينية من عدة مناطق على مستوى المقاطعات الصينية مثل نينغشيا وخبى ولياونينغ اتفاقيات للعمل فى الحديقة.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي استثمارات هذه الشركات إلى 3.2 مليار دولار في 10 مجالات، بما في ذلك تحلية مياه البحر، وتوليد الطاقة، وإنتاج المواد الكيميائية، وتجميع المركبات.
وقال شيا يان جو "تماشيا مع مبادرة الحزام والطريق، يهدف إنشاء المجمع الصناعي إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة الإنتاجية بين الصين وعُمان، بالإضافة إلى بناء منصة لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في الخارج".
وتشير مبادرة الحزام والطريق، التي اقترحتها الصين في العام 2013، إلى الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين.
وتهدف المبادرة إلى بناء شبكة التجارة والبنية التحتية التي تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا على طول الطرق التجارية القديمة لطريق الحرير.
وقال محمود سلطان الحاتمي، مساعد مشروع في شركة "عمان وانفانع"، إن الحديقة "ستحسن مستوى التصنيع وتروج للتنمية الاقتصادية في عمان".
وقال صالح المعمري، اخصائي إعلام في هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم "لقد جلبت الحديقة الأمل والحيوية إلى المنطقة الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة نسبيا". وأضاف المعمري "الحديقة تشبه الوردة التي تزهر في الصحراء".
وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، قام الجانبان الصيني والعماني بمشاريع تعاون بطريقة منظمة.
وصرح شا يان جو لـ (شينخوا) "بانه بفضل مبادرة الحزام والطريق، قام الجانب العُماني بتنسيق وتطوير الحديقة بشكل كبير".
وأشار إلى أن منشآت البنية التحتية من المياه والكهرباء والطرق التي تتطلبها الحديقة جاري العمل على تنفيذها.
ووافقت اللجنة الاقتصادية والمالية العمانية على طلب توريد 5 ملايين متر مكعب من موارد الغاز الطبيعي يوميا إلى الحديقة.
في غضون ذلك، منذ العام 2016، كانت الحديقة ترعى رحلات دراسية للطلاب العمانيين إلى الصين.
وقال شا يان جو إنه بالتعاون مع الحكومة العمانية، تختار الحديقة خريجي المدارس الثانوية كل عام وترسلهم للدراسة في الصين، وتخطط الحديقة للمساعدة في تدريب 1000 طالب في عُمان خلال السنوات الثماني إلى العشر سنوات القادمة.
وفي يونيو 2018، عادت الدفعة الأولى المكونة من 39 طالبا من الصين إلى عمان بعد الانتهاء من التدريب المهني، وسوف ينهون تدريبهم ثم يعملون في الحديقة الصناعية.
كما يتعاون الجانبان الصيني والعماني في مشاريع محددة، ومن المخطط إنشاء منطقة لمخازن مواد البناء في المجمع الصناعي، تغطي مساحة تقارب 240 ألف متر مربع لاستيعاب آلاف المحلات التجارية.
وقال الدكتور ناصر المعولي، أستاذ الاقتصاد بجامعة السلطان قابوس، وعميد كلية الدراسات المالية والمصرفية إن الصين وعمان تتمتعان بمزايا تكميلية، كما أن منطقة الدقم تقع على طريق الحرير القديم، ولذا يمكن لعمان أن تكون بوابة الصين إلى الخليج، بالإضافة إلى موارد النفط والغاز المشتركة بين دول الخليج، كما تمتلك عمان مواردها المعدنية الفريدة أيضا.
وأضاف المعولي "عندما يتم الجمع بين مزايا الإنتاج والتكنولوجيا والإدارة الصينية، فإن الموارد العمانية ستجلب بالتأكيد فوائد أكبر للجانبين".
ووافق شا يان جو على أن الصين وعمان متكاملتان إلى حد كبير فيما يتعلق بالتعاون في القدرة الإنتاجية، ولذا فإن قدرات التصنيع القوية في الصين والخبرة الإدارية المتقدمة في عمان سوف تساعد على تنفيذ إستراتيجية التنويع الاقتصادي لتسريع تحديث هيكلها الصناعي الذي يعتمد الآن على النفط والغاز.
كما يضمن الوضع السياسي المستقر في سلطنة عمان، والذي اتبع دوما سياسة خارجية محايدة وغير متحيزة، بيئة مستقرة للتجارة الثنائية بين الصين وعمان.
علاوة على ذلك، وباعتبارها عضوا في مجلس التعاون الخليجي، فإن عمان تحافظ على أسعار السلع منخفضة نسبيا وحتى نصف تكلفة اليد العاملة مقارنة بخمس دول خليجية أخرى هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر.
ووفقا للى تشي خيان، فإن عمان مؤيد قوي لمبادرة الحزام والطريق وكانت من بين أوائل البلدان التي انضمت إلى البنك الآسيوية للاستثمار في البنية التحتية بقيادة الصين كعضو مؤسس.
وفي 25 مايو، أصدرت الصين وعمان بيانا مشتركا حول إقامة شراكة إستراتيجية بين البلدين.
وقال المعولي "إن عمان والصين لديهما تاريخ طويل من التعاون على نحو متكامل ومفيد".
ففي نهاية العام 2016، بلغ حجم الاستثمار الصيني عمان حوالي 2 مليار دولار، في حين بلغ حجم التجارة الثنائية 17.2 مليار دولار.
علاوة على ذلك، في العام 2016 ، بلغت صادرات النفط العماني إلى الصين 237 مليون برميل، مما يجعل الصين أكبر مستورد للنفط العماني، الذي يمثل 77 في المائة من إجمالي صادرات النفط العمانية، و10 في المائة من واردات النفط الصينية.
وأضاف المعولي قائلا "إن الجانبين لديهما آفاق واسعة للتعاون مع الإمكانات في القدرة الإنتاجية مما سيعزز بالتأكيد التنمية الاقتصادية للبلدين".