بكين 11 نوفمبر 2018 (شينخوانت) تتمتع الصين بتاريخ عريق وثقافة رائعة، ولديها أعياد تقليدية عديدة مثل عيد الربيع وعيد منتصف الخريف وعيد قوارب التنين وغيرها. ومع مرور الزمن وتغيير مفاهيم الناس، ظهرت بعض الأعياد الجديدة بما يؤثر على حياة الناس. ويتكرر في تاريخ 11 نوفمبر، الرقم "1" أربع مرات ويشبه شكل الرقم "1" عصا ناعمة، وتحمل العصا معنى الأعزب في اللغة الصينية، وأصبح هذا اليوم "يوم العزاب"، ففي البداية، كان الاحتفال بيوم 11 نوفمبر رائجا وسط الشباب العزاب. وفي عام 2009، انبثقت أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في الصين "تاو باو" شعار "لا تحزنوا أيها العزاب! على الأقل يمكنكم التسوق كما تريدون!" وبدأت الترويج لتخفيضات في الأسعار في 11 نوفمبر من كل عام، فصار هذا اليوم "يوم التسوق" في الصين.
السيدة ليو يوان تشينغ أم شابة، وبلغ عمر ابنتها سنتين هذا العام. كانت تتصفح منتجات الأطفال على شبكة "تاو باو" كل يوم باستخدام هاتفها المحمول خلال عطلة العيد الوطني الصيني التي استمرت سبعة أيام. وقالت للمراسل إن "يوم التسوق" الذي يصادف 11 نوفمبر سيكون "حربا قاسية"، لأن الخصم كبير جدا ويقتصر على ذلك اليوم فقط. وعلى سبيل المثال، كان مسحوق الحليب الذي تشربه ابنتها كل يوم يباع بـ380 يوانا صينيا، أما في "يوم التسوق"، فسينخفض سعره إلى 280 يوانا صينيا، وهو أرخص بمقدار الثلث تقريبا. لذلك سيكون هناك الكثير من الأشخاص الذين يقومون بالتسوق على الإنترنت في 11 نوفمبر، وستباع البضائع المفضلة لدى المستهلكين في ثانية واحدة، فقامت السيدة ليو باختيار البضائع استعدادا ليوم الشراء. وأظهرت الأرقام أنه في بداية رواج "يوم التسوق" وسط المستهلكين الصينيين عام 2009، شكلت مبيعات التسوق عبر الإنترنت أقل من 2% من إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية في المجتمع الصيني، وبلغ عدد مستخدمي التسوق عبر الإنترنت 100 مليون فقط. أما في الوقت الحاضر، يتوقع محللون اقتصاديون تجاوز عدد مستخدمي التسوق عبر الإنترنت للعام الحالي 600 مليون شخص. ويزداد عدد المستهلكين مثل السيدة ليو الذين يفضلون التسوق عبر الإنترنت، لأن التسوق عبر الإنترنت أسرع وأسهل مقارنة مع الطريقة التقليدية للتسوق في المتاجر، حيث يمكنهم شراء السلع من جميع أنحاء البلاد وحتى حول العالم دون مغادرة المنزل، وقد أدى التسوق عبر الإنترنت دورا كبيرا في تغيير طريقة ونمط حياة الشعب الصيني.
ولا يجذب "يوم التسوق" عددا كبيرا من المستهلكين المحليين فحسب، بل يجد رواجا كبيرا لدى الأصدقاء الأجانب المقيمين في الصين. وقالت الفتاة الألمانية ألينا التي تدرس اللغة الصينية في جامعة بكين للغات، إن التجارة الإلكترونية في الصين متطورة جدا وتصدرت العالم. وبالمقارنة مع الصين، فلا يزال الألمان معتادين على التسوق في المتاجر، وترى أن التسوق على الإنترنت موفر للجهد والوقت، ويمكنها الحصول على السلع بعد يومين أو ثلاثة أيام بعد دفع ثمنها. وتتمتع معظم المحلات على "تاو باو" بسمعة جيدة، وجودة السلع جيدة أيضا، فهي مطمئنة على التسوق عبر الإنترنت. وقبل حلول "يوم التسوق" هذا العام، كتبت ألينا قائمة طويلة بالسلع التي ستشتريها عبر منصة" تاو باو"، بما فيها كتب وهدايا وملابس. وقد أصبح التسوق على "تاو باو" والتواصل مع أصحاب المحلات على الإنترنت باللغة الصينية جزءا لا يتجزء من حياتها.
ولا يدفع التطور المذهل للتجارة الإلكترونية في الصين النمو الاقتصادي فحسب، بل يخلق أيضا العديد من فرص العمل. وقبل ثلاث سنوات، تخلى السيد شياو تشو عن وظيفته المستقرة وأصبح موصل سلع لشركة "شون فنغ" التي تعد أكبرشركة لوجستية للتجارة الإلكترونية في الصين، وقد تضاعف راتبه الشهري. وبحلول "يوم التسوق"، قال شياو تشو إنه سيشتغل لمدة 15 يوما دون راحة، من أجل توصيل السلع إلى المستهلكين في أسرع وقت ممكن.
وجدير بالذكر أن حجم التجارة الإلكترونية لـ"تاو باو" في 11 نوفمبر العام الماضي تجاوز 168 مليار يوان صيني، حيث يعتبر الشباب من المبدعين والمشاركين في الأعياد الناشئة والقوة الرئيسية في التسوق عبر الإنترنت.