شانغهاي 10 نوفمبر 2018 /من التمر العربي إلى المستخلصات والزيوت الطبيعية السورية، من الروبوتات اليابانية مختلفة الاستخدامات إلى اليخوت والطائرات الهيلكوبتر الأوروبية، ومن الخدمات اللوجستية إلى الحلول المالية الأمريكية...سعت أكثر من 3000 شركة من أنحاء العالم، تمتلك مختلف المنتجات والخدمات، إلى جذب المستهلكين الصينيين في أجنحة تدب فيها الحركة والنشاط كخلية نحل داخل معرض الصين الدولي الأول للواردات الذي اختتم اليوم (السبت) في شانغهاي.
-- إلتزام الصين بالانفتاح
في يونيو الماضي، أعلنت الصين عن قائمة سلبية مختصرة للاستثمار الأجنبي، مع انخفاض عدد الأنشطة الخاضعة لتدابير تقييدية من 63 في النسخة السابقة إلى 48. كما أزالت قيود دخول الاستثمارات في قطاعات، من بينها القطاع المصرفي والأوراق المالية وبناء شبكات الطاقة والسكك الحديدية.
وتأتي هذه الإجراءات في الوقت الذي يوافق فيه هذا العام الذكرى الـ40 لبدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين. والصين لديها أسباب عديدة لاكتشاف آفاق جديدة في الانفتاح، إذ أن تطبيق مستوى أعلى من الانفتاح ليس إلزاما على العالم فحسب، وإنما ضرورة بالنسبة للصين التي تدعم التحول الاقتصادي إلى تنمية عالية الجودة، حيث يطلب قطاعا أكبر من أصحاب الدخول المتوسطة في العالم منتجات استهلاكية ذات جودة أعلى.
وخلال معرض الواردات، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ للعالم أن الصين ستظل دائما ملتزمة بثبات بسياسة الانفتاح وستتخذ إجراءات ملموسة لدفعها قدما.
ولاقت الإجراءات الصينية أصداء إيجابية من كبار المسؤولين العالميين، حيث قالت كريستين لاجارد المدير العام لصندوق النقد الدولي خلال المعرض إن الصندوق لمس ثقة الصين القوية في دعم التجارة الحرة وتعزيز الانفتاح وإنها معجبة بإجراءات الإصلاح والانفتاح التي اتخذتها الصين وخاصة المتعلقة بانفتاح السوق المالية.
كما أشارت إلى أن صندوق النقد الدولي يقف على استعداد لدعم الاتصال والتنسيق مع الصين لحماية الاستقرار المالي الدولي والتنمية المستدامة للاقتصاد العالمي.
ومع الحفاظ على الاستقرار المالي، ستفتح الصين سوقها المالية على نحو أوسع أمام العالم بطريقة منظمة وخاصة في قطاعات مثل المصارف والأوراق المالية والصناديق المالية والعقود الآجلة والتأمين على الحياة. وستسمح الصين بالشركات المملوكة لأجانب فقط وتعطيها رخصا كاملة في أقرب وقت ممكن، حسبما قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ.
وقال لي إن "الصين ستكرس المزيد من الجهود لتبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيض الضرائب والرسوم وتقليل تكاليف المعاملات السوقية".
وإن مشاركة كبرى الشركات الأمريكية في المعرض تؤكد التزام الصين الثابت بالتعددية، بهدف غرس بذور جديدة مع الصينيين. ووفقا للجهة المنظمة للمعرض، فإن شركات أمريكية مثل فورد وتيسلا ومايكروسوفت وديل وكوالكوم وجنرال اليكتريك ومارس و3أم تقدمت بالفعل للمشاركة في الدورة الثانية من المعرض في العام المقبل.
كما ذكر مدير عام منظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو في مقابلة أجريت معه خلال المعرض أن السوق الصينية ستفتح أمام الجميع "ليس بطريقة تمييزية" و"الأمر متروك لكل دولة لاغتنام الفرص".
-- التنمية المشتركة
"إن زهرة واحدة لا تصنع ربيعا، بينما تجلب الأزهار المجتمعة في مزهرية كاملة الربيع إلى الحديقة"، هذا يقول قول مأثور كرره الرئيس شي جين بينغ في مناسبات دولية مختلفة.
لقد ورد هذا القول في تصريحات الرئيس شي في منتدى بوآو الاقتصادي عام 2013، قبل أن يكرره في خطابه بمقر اليونسكو في عام 2014، ومرة أخرى في كلمته الرئيسية خلال حفل افتتاح معرض الصين الدولي للواردات.
وجاءت جميع هذه التحركات في وقت يواجه فيه العالم مخاطر وتحديات أكثر شيوعا، مثل الاحترار العالمي والفقر والتنمية غير المتوازنة والتطرف والإرهاب، فضلا عن زيادة الحمائية التجارية.
إن جميع ما سبق من مشكلات تتطلب إيجاد حلول متعددة الأطراف. ومع ذلك، فإن النهج الحمائي الناشئ قلل من إمكانية التوصل إلى حلول عملية.
وفي كلمته الرئيسية، وصف الرئيس شي جين بينغ العولمة الاقتصادية بأنها "اتجاه تاريخي لا رجعة فيه".
وقال شي في افتتاح المعرض الذي جذب 172 دولة ومنطقة ومنظمة دولية من خمس قارات إن "مبادرة الصين لتوسيع الاستيراد ليست خيارا ناتجا عن النفعية. ولكنها خطوة مستقبلية تهدف إلى احتضان العالم وتدعيم التنمية المشتركة".
جاء ذلك وسط تصاعد فكرة الحمائية والأحادية التي تهدد النمو العالمي. كما قال مسؤولون حضروا المعرض من أنحاء العالم إن فتح الصين أبواب سوقها الذي يضم 1.3 مليار نسمة أعطى الثقة والأمل للاقتصاد العالمي.
إن مبادرة الصين لتوسيع الواردات ليست مجرد تجربة مؤقتة، ولكنها مبادرة طويلة الأجل نحو العالم والمستقبل من أجل تعزيز التنمية المشتركة، هكذا ذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ عند افتتاح المعرض.
ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة البضائع والخدمات الصينية المستوردة 30 تريليون دولار أمريكي و10 تريليونات دولار أمريكي على التوالي خلال فترة الـ15 عاما المقبلة.
وستظل الصين بانفتاحها تتيح الفرص للعالم، حيث قال شي "بعد مرور 5 آلاف عام من التجارب والمحن، لا تزال الصين هنا! تتطلع إلى المستقبل، ستظل الصين حاضرة دائما". وستستمر في تقديم إسهاماتها الخاصة من أجل بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.