بكين 12 أكتوبر 2018 / تمر العلاقات الصينية-الأمريكية الآن بمفترق طرق. فقد كشفت سلسلة التصريحات الأخيرة التي لا هوادة فيها وتفتقد لأي أساس ضد الصين من جانب المسؤولين الأمريكيين عن عزم واشنطن على جر بكين إلى مواجهة شاملة.
العالم يكتنفه القلق. والخطر يتجاوز الصين والولايات المتحدة في ضوء الأهمية البالغة لعلاقتهما. ومن أجل 7 مليار شخص يعيشون على هذا الكوكب، بما في ذلك ما يخصهما، فإنه يتعين على البلدين الآن تحمل مسؤوليتهما واتخاذ بعض القرارات المسؤولة.
إن حملة التشوية الممنهجة التي شنتها الولايات المتحدة ضد الصين مؤخرا، والتي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي مع خطاب نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في معهد هدسون، مركز الأبحاث الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، أمر نادر الحدوث منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 39 عاما.
فمع اشتعال لهيب النيران والاتهامات الجديدة، توسع الهجوم حقا بشكل غير عادي في نطاقه وشراسته. ومن إدعاء "فخ الديون" إلى اتهام بكين بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، أطلقت واشنطن حقا آلة ترويج إشاعاتها هذه المرة.
لكن الأمر لا يبدو مختلفا. فمثل العديد من الجولات الأمريكية السابقة الملطخة لسمعة الصين، تفوح من الاستفزاز الأخير عقلية الحرب الباردة والعجرفة على الطريقة الأمريكية. وهذه المزاعم التي خرجت من العدم تقلب الحقائق ولن يكتب لها الصمود.
بالنسبة للمبتدئين، فإن التحول الملحمي للصين من دولة فقيرة وضعيفة إلى دولة قوية ومزدهرة يعود أولا وأخيرا إلى الشعب الصيني الذي يعمل بجد. استفاد من تعاون الصين المربح مع بقية العالم، ولم يكن ذلك بأي حال من الأحوال نتيجة هبة أو هدية من أي دولة أخرى.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، ظلت الصين ثابتة على الدوام على مسار التنمية السلمية وبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وقد نالت التقدير والدعم من جميع أنحاء العالم. ومهما فعلت الولايات المتحدة لشيطنة الصين، فإنها لن تغير أبدا من حقيقة استمرار دائرة أصدقاء بكين في التوسع.
إن التوترات الحالية في العلاقات الصينية ليست من صنع بكين. الولايات المتحدة هي التي أطلقت الطلقة الأولى في الحرب التجارية الجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وقد اضطرت الصين فقط إلى اتخاذ إجراءات مناسبة للدفاع عن مصالحها المشروعة ونظام التجارة الدولية القائم على القواعد.
وبالنسبة لاتهام التدخل في الانتخابات، فإنه لا يعدو كونه إدعاء مناف للعقل. فمن المعروف للجميع أن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى هو أساس سياسة الصين الخارجية. وهذا الاتهام لا معنى له حتى أن وسائل الاعلام الغربية الرئيسية لم تبلعه.
بل المثير للسخرية هو أن البلد المهووس بانتهاك السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واضح وضوح الشمس. ومحاولة واشنطن إلصاق التهمة بالآخرين لن يجعل منها سوى أضحوكة.
إن سخافة هذه الافتراءات تجعل المرء يتساءل عن دوافع واشنطن الحقيقية. ويعتقد الكثيرون أن البيت الأبيض لديه حسابات متعددة على المدى القصير. لكن على مستوى أعمق، فإن آخر هجوم كان بمثابة انفجار مُركز لفوبيا الولايات المتحدة من الصين. وهو ما وضع أعصاب العالم على الحافة.
في لحظة حرجة، تحتاج أكبر علاقات ثنائية على الكوكب إلى توجيه استراتيجي جديد. فمواجهة الصين على كل الجبهات ليست أمرا واقعيا فحسب، بل يضر بمصالح الولايات المتحدة نفسها والعالم أجمع.
ويتزامن العام المقبل مع الذكرى الـ40 للعلاقات الدبلوماسية الصينية-الأمريكية. وقد أظهر التاريخ أن التعاون هو الخيار السليم الوحيد للقوتين الكبيرتين.
وقد أوضحت بكين موقفها جليا. وهي ملتزمة بتطوير علاقات مستقرة وصحية وطويلة الأجل مع الولايات المتحدة لا تقوم على الصراع أو المواجهة بل تجسد الاحترام المتبادل والتعاون المربح. أو كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن هناك" ألف سبب يجعل العلاقات الصينية-الأمريكية مفيدة ولا سبب واحد لتخريبها".
وبالنسبة لواشنطن، فإن الوقت قد حان لوقف حملتها الشرسة ضد الصين والتخلي عن عقلية المواجهة التي عفى عليها الزمن والعمل مع بكين لإخراج علاقاتهما من البقعة القاسية في أقرب وقت ممكن.