تعليق: القوات الامريكية في سوريا .. الى أجل غير مسمى

ذكرت واشنطن بوست أن الرئيس الأمريكي دونلد ترامب الذي أعلن مؤخرا عن عزمه على سحب قوات بلاده من سوريا، وافق على الاستراتيجية السورية الجديدة، وتمديد فترة بقاء القوات الامريكية في سوريا الى أجل غير مسمى. وقد جذبت التغيرات في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا انتباه جميع الأطراف في ظل العقدة التي افرزتها الحرب السورية.

التدخل المرن الى أجل غير مسمى

وفقا لوكالة الأنباء الفضائية الروسية، ذكر ترامب مرارا وتكرارا نية سحب القوات الامريكية من سوريا بعد انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم " الدولة الاسلامية". لكنه، اقترح في واشنطن اقامة القوات الامريكية في سوريا إلى أن يتم انقاذ الوضع من أيدي الارهابيين، وازالة خطر عودة تنظيم " الدولة الاسلامية" من جديد. ولم يعط ترامب مهلة محددة للإقامة المحدودة.

"الولايات المتحدة لن تخرج من سوريا نهائيا، وإنما تتخذ طرقا مختلفة للتدخل في الازمة السورية". وشرح سون ده قانغ، نائب مدير معهد بحوث الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية قائلا إنه منذ عام 2017، حلت اللعبة الجيوسياسية بين القوى الكبرى محل مكافحة الارهاب باعتباره التناقض الرئيسي في الشرق الاوسط. وأن ادارة ترامب ليست على استعداد لاستثمار الكثير من الموارد في سوريا، ولا يمكن أن تسمح لروسيا وإيران وغيرهما توسيع نفوذهما في سوريا. لذلك، تم ارسال 2000 من القوات الخاصة وضباط التدريب العسكري الى سوريا، وتعزيز تأثيرها في عهد ما بعد تنظيم " الدولة الاسلامية " من خلال الحفاظ على " وجود عسكري مرن".

تعزيز التواجد لتغيير الوضع غير مواتي

لماذا تغيرت سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا؟ في هذا الصدد، يعتقد سون ده قانغ أن تمديد فترة بقاء القوات الامريكية في سوريا الى أجل غير مسمى جاء نتيجة قلقها حول مستقبل الوضع السوري. 

اعتبارا من بداية سبتمبر من هذا العام، تسيطر حكومة بشار السورية على المدن الرئيسية في البلاد و60٪ من الأرض، ولا تزال الحكومة السورية تزيد من تكثيف هجومها العسكري ضد المعارضة في إدلب.

وعقد قادة وروسيا وتركيا وإيران القمة الثلاثية حول سوريا في 7 سبتمبر في طهران. وإن تعزيز قدرات التنسيق العسكري بين قوات نظام بشار الأسد وروسيا وإيران بشكل أكبر، وميول تركيا حليف حلف شمال الأطلسي الى روسيا بعد العقوبات الاقتصادية الامريكية، قد تسببت في قلق إدارة ترامب من أن الوضع في سوريا يتطور في اتجاه لا يفضي الى الولايات المتحدة.

قال سون ده قانغ: "يجب على الحكومة الأمريكية تعزيز وجودها العسكري في سوريا حتى لا ينهزم الوكيل بشكل كامل، ومنع تشكيل روسيا وتركيا وسوريا وإيران تحالفا عسكريا، الذي من شانه جعل الولايات المتحدة مهمشة بالكامل في العملية السياسية المستقبلية لسوريا."

تناقضات مكثفة واستمرار المواجهة

تواجد الولايات المتحدة في سوريا لأجل غير مسمى يثير قلق البلدان الاخرى.

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني في القمة الثلاثية جمعت روسيا وتركيا وإيران أنه يأمل أن تنسحب الولايات المتحدة على الفور من سوريا، لأنها لا تستطيع لعب أي دور إيجابي في حل القضية السورية. وقال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف: "هدفنا المشترك هو انسحاب البلدان الموجودة بشكل غير قانوني في سوريا."

"عدم سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا، سيؤدي إلى تفاقم انعدام الثقة والتناقض الكامن بين الولايات المتحدة وروسيا، والولايات المتحدة وإيران، والحكومة السورية والولايات المتحدة في سوريا، واستمرار حرب بالوكالة على المدى الطويل. ويعتقد سون ده قانغ أنه من خلال الحفاظ على الانتشار العسكري في سوريا مستقبلا، ستستمر الولايات المتحدة الحفاظ على نفوذها العسكري في المنطقة الكردية في الجزء الشمالي الشرقي من سوريا وفي الجزء الجنوبي من الحدود مع الأردن والعراق، تجنب احتكار روسيا وإيران.

"في الوقت الحاضر، ظهر في سوريا "جيش حكومي قوي ومعارضة ضعيفة"، "روسيا وإيران وتركيا قوية والولايات المتحدة ضعيفة". ويرى سون ده قانغ أن في مواجهة الاوضاع غير المواتية، قد تشجع ادارة ترامب المملكة العربية السعودية ودول عربية اخرى منها الاردن ومصر لتشكيل" قوات التحالف العربي " لتعزيز قدرتها على التدخل في الوضع السوري، واعادة خلق ما يسمى حادثة " الأزمة الكيميائية السورية"، لمنع القوى غير الغربية من احتكار الوضع وتزاحم نفوذ الغرب.