بكين 3 سبتمبر 2018 / قبل انعقاد قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي (فوكاك) فى يومي 3 و4 سبتمبر الجاري، أقامت مراكز أبحاث صينية منتديات وورش عمل لاستعراض نتائج التعاون بين الجانبين ومناقشة سبل دفعه للأمام مستقبلا.
فخلال السنوات الماضية رسمت الصين وإفريقيا، استنادا إلى مبادئ الإخلاص والنتائج الملموسة والتقارب وحسن النوايا، مسارا للتنمية المشتركة للانطلاق على طريق علاقات أقوى من أي وقت مضى بينهما حيث يزيد عدد سكانهما معا على 2.5 مليار نسمة، أي يشكل نحو ثلث سكان العالم.
وقد أكد مدير قسم الدراسات الإفريقية بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة شيو واي تشونغ، خلال فعاليات ورشة عمل عقدت في نهاية أغسطس الماضي، أنه لاحظ ثلاثة تغييرات في إفريقيا في السنوات الأخيرة: أولا، إن إفريقيا تبحث عن "الحكمة"، أي تأمل في الخروج من السياق الغربي لاستكشاف مسار التنمية الذي يلبي احتياجاتها الفعلية، حيث حققت نتائج واقعية في التنمية الاقتصادية والسياسية. ثانيا، إن محتوى "الحلم الإفريقي" يزداد ثراء بشكل مستمر، حيث أطلقت العديد من البلدان الإفريقية خططها التنموية الخاصة المتوسطة والطويلة الأجل. وثالثا، إن وتيرة "النظر شرقا" تسارعت في إفريقيا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
وأضاف شيو واي تشونغ قائلا إن دفة القوة الدافعة الأساسية للتعاون الصيني الإفريقي قد تحولت من مجال البنية التحتية إلى مجالي الاستثمار والتمويل، ليمتد بذلك التعاون من حقل واحد إلى مجالات متنوعة.
وفي الواقع، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا 170 مليار دولار أمريكي في عام 2017. وبفضل مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين عام 2013 وتهدف إلى خلق فرص جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان المشاركة فيها، تنخرط أكثر من 3000 شركة صينية في القيام بأعمال ومشروعات بالدول الإفريقية.
ومن جانبه، ذكر نائب وزير التجارة الصيني الأسبق واي تشانغ قوه أن الصين أنشأت 17 منطقة صناعية في القارة الإفريقية، متوقعا أن يرتقى التعاون الصيني - الإفريقي في مجال الصناعة التحويلية إلى مستوى أعلى خلال السنوات الخمس القادمة وأن يمتد إلى مجال التكنولوجيا الفائقة مثل تصنيع الطائرات بدون طيار، وميادين أخرى مثل تحسين البذور، والصناعات الإلكترونية، وتكنولوجيا المعلومات؛ وأن يتسع نطاق الصناعات محل التعاون بين الجانبين من التصنيع التقليدي إلى صناعة الخدمات والمالية.
وأشار واي تشانغ قوه إلى أن الاستثمارات الصينية في القارة الإفريقية ستتطور بمعدل أكثر من 10 في المائة، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى حوالي 500 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.
وفي نفس السياق، ذكر نائب وزير الخارجية الصيني الأسبق خه يافي أنه بعد عام 2009، تفوقت الصين على الولايات المتحدة لتصبح أكبر دولة من حيث حجم الاستثمار في إفريقيا. وأرسلت الصين على مدى عشرات السنوات دفعات عديدة من الفرق الطبية لتقديم خدمات طبية إلى أكثر من 300 مليون مواطن إفريقي.
وقد أصدر مركز "رن دا تشونغ يانغ" للأبحاث كتابا بعنوان ((نموذج جديد لدفع التعاون الصيني الإفريقي في إطار "مبادرة الحزام والطريق"-- كيف تجلب فكرة "تكوين الدم" القائمة على التمويل الخير لإفريقيا)).
وشرح الكتاب أن التعاون التنموي الصيني الإفريقي هو تعاون يدفعه طلب السوق، ويتطور نمط تنميته بوتيرة سريعة، موضحا أن نمط وجود الشركات الصينية في إفريقيا يتطور من أعمال المقاولات من الباطن إلى المقاولات العامة؛ ومن الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى التكامل بين عمليات الاستثمار والبناء والإدارة؛ ومن التركيز على الاستثمارات الحكومية إلى دفع زيادة الاستثمارات الخاصة؛ ومن نمط حزم القروض إلى نموذج الاستثمار التنموي.
ومن ناحية أخرى، تهتم الصين بتعزيز التعاون الثقافي مع إفريقيا من خلال تدشين برامج تنفيذية للتعاون مع بلدان القارة على أصعدة التعليم والفنون والرياضة وغيرها. فعلى سبيل المثال تم ولأول مرة بث لقطات ترويجية على شاشة التليفزيون المركزي الصيني للمسلسل التليفزيوني ((ضابط أمن خارج البلاد)) في إهداء لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي المرتقب. ويروي المسلسل قصة فريق العمل بشركة "ضمان الأمن الدولي" الصينية الذي بذل قصاري جهده لحماية مواطنين صينيين وأفارقة في البلدان الأفريقية وأنجز مهاما مثل تفكيك جماعات إنتاج الأدوية المزيفة، وحماية السكك الحديدية، ومكافحة الجماعات الإرهابية.
وقد لعب النجم الصيني المشهور لي مينغ دور البطولة في هذا المسلسل، حيث قال خلال مؤتمر صحفي عقد يوم 22 أغسطس الماضي إن هذا المسلسل تم تصويره وسط المناظر الطبيعية الخلابة في قارة إفريقيا، وإنه ليس مسلسلا ترفيهيا فحسب وإنما سيسهم أيضا في إنشاء جسر جديد من الصداقة بين الصين والدول الإفريقية.