بغداد 21 أغسطس 2018 / احتفل العراقيون بعيد الأضحى المبارك وسط أجواء مفعمة بالفرح، والأمل يحدوهم لتشكيل حكومة تلبي متطلباتهم وتنهي رحلة المعاناة المزمنة التي ترافقهم منذ عدة سنوات.
ويتميز العيد في العراق هذه السنة برفع الحواجز الامنية وفتح الشوارع امام سيارات العراقيين الراغبين بالذهاب إلى الحدائق العامة والمتنزهات للاحتفال بالعيد، الأمر الذي أثار ارتياح السكان الذي اعربوا عن تقديرهم العالي لقوات الأمن العراقية التي وفرت لهم الامن والاستقرار، رغم الظروف السياسية المعقدة التي يمر بها البلد.
وكان قائد عمليات بغداد الفريق الركن جليل الربيعي قال في مؤتمر صحفي "تم اعداد خطة طموحة خلال العيد تلبي الامن والاستقرار"، مضيفا إن "الخطة ستتضمن عدم قطع اي طريق في العاصمة بغداد حتى اذا كان فرعيا".
وتابع "تم تأمين الحماية للمولات وأماكن العبادة والاسواق واي مكان يرتاده المواطنون".
ويبدأ العراقيون في العيد بتبادل التهاني والزيارات والخروج إلى المتنزهات والحدائق العامة وعمل ولائم فيما بينهم للتعبير عن فرحهم بهذه المناسبة التي تعد أكبر الاعياد لدى المسلمين، وبعضهم يبدأ يومه بزيارة مقابر أفراد اسرته من الاموات حيث يصلي على ارواحهم ويقوم بتوزيع بعض الصدقات للفقراء الذي يحضرون إلى تلك المقابر.
وقال عبدالامير علي (43 سنة)، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "هذا العيد له ميزة خاصة فقد جئت بسياراتي ووصلت إلى متنزه الزوراء (أكبر المتنزهات في العاصمة بغداد) على العكس من الاعوام السابقة التي كنا نترك السيارة على بعد عدة كيلو مترات وثم نسير على الاقدام لمسافة طويلة حتى نصل إلى المتنزه".
وتابع "ان القوات الامنية تبذل اقصى جهودها وتمكنت من القضاء على تنظيم داعش الارهابي، ووفرت لنا الامن والاستقرار ونحن نشكرهم على هذا العمل الرائع، لكن السياسيين ما يزالون يختلفون فيما بينهم وكل يبحث عن مصالحه، وليس مصالح الشعب العراقي" مضيفا "اتمنى ان ينقي العيد قلوب السياسيين وينهوا خلافاتهم ويعملوا من اجل توفير الخدمات العامة الاساسية للشعب العراقي، الذي يعاني منذ عقود".
وشاركت زوجته بالحديث التي تعمل معلمة قائلة "اجواء الاعياد جميلة، وبجهود القوات الامنية اليوم نحن نخرج للتنزه غير خائفين، كما في السابق، اتمنى ان يكون عيد سعيد على كل العراقيين وان يوحد صفنا ونعيش بامن وامان واستقرار وسلام مثل كل شعوب العالم الاخرى".
لكن السيدة انتقدت اصحاب المحال التجارية الذين يجلبون الالعاب النارية للاطفال واسلحة بلاستيكية لانها تنمي العنف لدى الطفل قائلة "العنف دمر بلادنا وفقدنا الالاف من أبناء الوطن بسببه، اتمنى ان تقوم الجهات الرسمية بمنع استيراد هذه الالعاب، حتى ننسى اي شيء له علاقة بالحرب".
وكانت وزارة الصحة حذرت العراقيين من خطورة الالعاب النارية قائلة في بيان "على المواطنين ان يحذروا من خطر إصابة ابنائهم بالألعاب ذات الاطلاقات البلاستيكية والمصابيح فلليزرجة التي تؤثر على شبكية العين وقد تتسبب بالعمى في الكثير من الأحيان"، داعية الجهات ذات العلاقة والأجهزة الرقابية بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة التي من شأنها أن تحد من انتشار هذه الألعاب الخطرة وتداولها في الأسواق المحلية.
واضافت إن "هذه الالعاب تسبب سنويا وتحديدا أيام الأعياد بالكثير من الحوادث بالنسبة للأطفال"، مناشدة الأهالي بمنع أطفالهم من شراء تلك الألعاب التي تحرض على العنف وتنمي روح العداوة والكراهية لديهم، حيث تصيبهم بعاهات مستديمة قد تصل إلى العمى وهو ما قد يساهم في قتل قدراتهم الجسمانية والعقلية.
إلى ذلك، قال النقيب محمد خالد أحد ضباط دوريات شرطة النجدة التي تتجول في منطقة المنصور غربي بغداد تلقينا الأوامر من قيادة شرطة بغداد بالانتشار في الاماكن العامة من أجل منع استخدام الالعاب النارية لما تلحقه من اضرار خاصة على الاطفال.
وحسب وزارة الصحة فان نحو 250 عراقيا أغلبهم من الاطفال اصيبوا خلال عيد الفطر المبارك قبل أكثر من شهرين، مؤكدة ان اغلب اصابات الاطفال كانت في العين.
بدوره، قال عمران عبد الرحمن شاب يبلغ من العمر 24 سنة وخريج كلية لكنه عاطل عن العمل "هذا العيد افضل من الاعياد السابقة، فالوضع الامني جيد ومستقر، ومدن العراق التي احتلها التنظيم المتطرف عادت، نحتاج إلى توفير الخدمات الاساسية وفرص عمل للقضاء على البطالة"، مبينا أنه يحلم بان يحصل على فرصة عمل تؤمن له دخلا شهريا لكي يتزوج ويكون أسرة.
ومضى يقول "اتمنى ان تشكل الحكومة المقبلة باسرع وقت، واتمنى ان تعمل لكل العراقيين وتنظر بعين العطف للشباب العاطلين، وتستثمر طاقاتهم لتعويض ما فقده العراق من طاقات بشرية وبنى تحتية خلال السنوات الماضية نتيجة الحروب واعمال العنف".
من أجل ضمان احتفال العراقيين بالعيد منحت الحكومة اجازة اعتبارا من يوم امس ولغاية الاحد المقبل، كما قامت بتقديم صرف رواتب الموظفين قبل الموعد المحدد ما دفع العديد منهم للسفر إلى مدن الشمال التي تتميز بان جوها افضل بكثير من أجواء العاصمة ومدن الجنوب من حيث انخفاض درجات الحرارة.
وشهدت الاسواق العراقية خلال الايام القليلة الماضية التي سبقت عيد الاضحى ازدحاما شديدا رغم ارتفاع درجات الحرارة، للتسوق والتبضع، حيث اعتاد العراقيون على شراء الملابس الجديدة في العيد والهدايا لافراد العائلة وبعض الاصدقاء المقربين.
ومن العادات العراقية في العيد تجتمع العوائل الكبيرة في بيت اكبرهم سنا ويتناولون افضل انواع الطعام، فيما يقوم الكبار بتوزيع مبالغ مالية على الاطفال تسمى (العيدية) نسبة للعيد لكي يشتروا الالعاب والحلوى، فيما تقوم بعض العوائل بالخروج لتناول الطعام في أحد المطاعم المشهورة أو تأخذ الطعام التي اعدته في البيت وتتناوله في الحدائق العامة.
وعيد الاضحى هو اكبر الاعياد لدى المسلمين وله عدة اسماء منها يوم النحر حيث يقوم الناس بذبح الاضحيات وتوزيعها على الفقراء والاصدقاء، ويسمى في العراق ومصر وبلاد الشام، والمغرب، وليبيا، والجزائر، وتونس بالعيد الكبير، ويطلق عليه اهالي البحرين عيد الحجاج، أما في إيران فانهم يسمونه بعيد القربان.
وتتميز أيام العيد بمذاقها الخاص عن باقي الايام، فالكل سعيد، الغني والفقير، الصغير والكبير، والناس مسرورة وهي ترتدي أجمل ما لديها من الثياب، ورائحة العطور تعم جميع الاماكن، ومنظر الاطفال الفرحين يكمل الصورة ويزيدها جمالا وبهاء.