بكين 12 أغسطس 2018 /"الحرب لن تصنع شخصا عظيما،" هكذا قالت شخصية "يودا" في فيلم "حرب النجوم 2" (ستار وورز 2) الذي اجتاح شاشات السينما حول العالم في عام 1980، من خلال عرضه لحرب خيالية شرسة دارت في الفضاء.
ولكن من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته لم يستوعبا هذه العبارة. فقد أزاح نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس مؤخرا الستار عن تفاصيل خطط واشنطن لإنشاء قوة فضائية يمكن أن تصبح الفرع السادس من الجيش الأمريكي وقال إن "الوقت حان" للاستعداد "لساحة المعركة المقبلة".
وفي الحقيقة، هذا الإعلان ليس بالأمر المفاجئ، فقد طرح ترامب في يونيو الماضي خطة إنشاء قوة فضائية، قائلا إن البنتاغون يحتاجها لمعالجة نقاط الضعف في الفضاء وتأكيد هيمنة الولايات المتحدة في الفضاء. وها هو بعد شهرين، ووسط الخلاف الداخلي داخل البرلمان الأمريكي حول هذه المسألة، يؤكد مرة ثانية في تغريدة له "القوة الفضائية بالتأكيد".
وتعقيبا على ذلك، قالت الخبيرة العسكرية الصينية لي لي في مقابلة أجرتها معها شبكة التليفزيون المركزي الصيني، إن إنشاء قوة فضائية ليس بالأمر السهل حيث يحتاج إلى مراحل عديدة حتى يتم الانتهاء منه، مشيرة في ذلك إلى أن عدد الجنود والضباط المتخصصين في مجال الفضاء بالقوات الأمريكية يقدر بـ30 ألف في الوقت الحالي "وقد يزداد ليصل إلى حوالي 100 ألف. علاوة على ذلك، ستحتاج القوة الجديدة إلى هيكل عمل محدد ومفصل".
ويذكرنا هذا الإعلان الجديد عن إنشاء قوة فضائية بـ"خطة ستار وورز" التي طرحها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان في عام 1983، حيث أشارت تقارير حينها إلى إن الولايات المتحدة كانت تنوي استثمار ما يقدر بـ800 مليار دولار أمريكي بالمجمل لتطوير قواتها الفضائية لمواجهة هجمات صاروخية فضائية وكان من المخطط نشرها بحلول عام 1994 في الفضاء. ولكنها أعلنت إلغاء الخطة في بداية التسعينات من القرن الماضي.
ومن جانبها بذلت روسيا قصارى جهدها لتطوير نفسها في مواجهة هذه الخطة التي وصفها البعض بـ"الوهمية" وبالهادفة إلى فرض عبء ثقيل على الاقتصاد الروسي بسبب التكلفة الهائلة للعمل على تطوير هذا المجال.
والآن، عادت خطة "ستار وورز" الأمريكية مرة أخرى إلى الواجهة. ولكن في ظل آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة: صار الفضاء يلعب دورا فعالا في كل مجال من مجالات الحرب الحديثة بعدما باتت العديد من التقنيات العسكرية تعتمد على شبكة من المجسات والأقمار الاصطناعية التي تسبح في مدار الأرض.
وبالإضافة إلى ذلك، نجحت الولايات المتحدة في تطوير أسلحة يمكن أن تطلق من قواعد فضائية، من بينها بعض الأسلحة التي تفوق الخيال مثل "عصا من الله"(Rods from God)، وهي عصا مصنوعة من معدن التنغستن أو التيتانيوم أو اليورانيوم، تبلغ زنتها عدة أطنان وتستطيع عند اطلاقها من منصة على قمر اصطناعي يدور في الفضاء، إصابة أي هدف على الكرة الأرضية في أي وقت وبقوة مماثلة للقنبلة النووية.
ومع سلسلة التحركات المزعجة التي يشهدها النظام العالمي حاليا ومن بينها العقوبات المتعاقبة، التي تفرضها "مصدرة الأوامر" بتدمير حرية التجارة العالمية على إيران وروسيا وتركيا، كشفت إدارة ترامب عن إدمانها للسلوك الاستفزازي وأيديولوجية الهيمنة، وذلك تحت ذريعة توفير "الأمن التام" للولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية في آن واحد.
وفي الواقع، ترسم الولايات المتحدة منذ حملة ترامب الانتخابية في مخيلتها صورة "عدو وهمي"، وها هي تصرح علنا الآن بأن خطط إنشاء قوة فضائية تهدف إلى "مواجهة روسيا والصين" زاعمة أنهما تعملان "بشكل جاد" لبناء قدرات مضادة للأقمار الاصطناعية.
ولكن الصين أكدت في يونيو الماضي على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها قنغ شوانغ أنها تؤيد دائما الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي. وأعربت الصين عن معارضتها لتسليح الفضاء الخارجي ولإقامة سباق تسلح فيه، ولاستخدامه كساحة معركة، فـ"الفضاء الخارجي ملكية مشتركة للبشرية جمعاء".
وثمة جملة شهيرة أخرى في سلسلة أفلام "حرب النجوم" تقول " إذا لم تتحول، سيتم تدميرك". ومع نمو الطموحات العسكرية الأمريكية، هل سيجد كل فرد على وجه الكرة الأرضية نفسه أمام سيناريوهات "حرب نجوم" حقيقية في الفضاء الهادئ؟