استأنفت الحكومة الأمريكية في 7 أغسطس الجاري، فرض العقوبات على إيران في القطاعات غير المتعلقة بالطاقة، بما في ذلك التمويل والمعادن والسيارات. وأشار بعض المحللين إلى أن إستئناف الولايات المتحدة العقوبات على إيران رغم معارضة مختلف الأطراف الدولية، سيؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات الأمريكية الإيرانية، كما سيؤثر على الأوضاع الإقليمية والعلاقات الأمريكية الأوروبية.
وبحسب بيان صادر عن البيت الأبيض في 6 أغسطس، فإن العقوبات الأمريكية ستشمل عمليات شراء الحكومة الإيرانية للدولار، وتجارة الذهب وغيرها من المعادن الثمينة. إلى جانب، الغرافيت الصناعي، والصلب، والألمنيوم، والفحم، والبرمجيات، والمعاملات المتعلقة بالعملة الإيرانية، والأنشطة المتعلقة بالديون السيادية التي تصدرها الحكومة الإيرانية، وصناعة السيارات. وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة ستستأنف العقوبات المتبقية على إيران في 5 نوفمبر القادم، حيث ستشمل مشغلي الموانئ، وصناعة الطاقة، والشحن وصناعة السفن وتجارة النفط، ومعاملات المؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني.
وصرّح مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الأمريكية لوسائل الإعلام في يوم 6 أغسطس الجاري، بأن استئناف الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران، يهدف إلى ضرب نفوذها الإقليمي. وأضاف بأن الولايات المتحدة تسعى لإبرام "تحالف عالمي لمواجهة ما أسماه بـ"الأعمال الشريرّة" التي تقوم بها إيران. وقال إن الولايات المتحدة لا تنوي دعم التغيير السياسي في إيران. "بل نريد فقط تغيير سلوك الحكومة الإيرانية، فالرئيس ترامب مستعد للقاء القادة الإيرانيين "في أي وقت" والتوقيع أخيراً على اتفاقية نووية إيرانية جديدة".
في مواجهة ضغوط الولايات المتحدة، لم تبد إيران استسلامها. حيث قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مساء 6 أغسطس الجاري، إن على الولايات المتحدة أن تتوقف عن لغة التهديد والوعيد، وإذا أرادت التفاوض مع إيران، فعليها أن تظهر الصدق. مضيفا، بأن "الولايات المتحدة لم تستطع في الماضي، ولا تستطيع في الحاضر ولن تستيطع في المستقبل أن ترضخ الشعب الإيراني بهذه الطريقة." أما وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، فقال إن سلوك الإستئساد الأمريكي، قد كشف عن أحاديته، وأن العالم سوف يعزله.
من جهة أخرى، اتخذت إيران جملة من الإجراءات للتعامل مع العقوبات الاقتصادية والعسكرية. حيث بدأ البنك المركزي الإيراني في تنفيذ سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تخفيف القيود على الصرف الأجنبي في السابع من هذا الشهر، حيث يستعد لتطبيق سياسة " التعويم" لمنع الحكومة من استخدام احتياطي العملات الأجنبية المفرط في دعم استقرار سعر صرف العملة المحلية. وفي الأيام القليلة الماضية، قام الحرس الثوري الإيراني بإجراء مناورات عسكرية في منطقة الخليج. وحذر من أن يدفع الحصار الأمريكي لصادرات النفط الإيراني، إيران إلى غلق مضيق هرمز على ناقلات النفط.
وجد استئناف العقوبات الأمريكية على إيران معارضة قوية من الحلفاء الأوروبيين. حيث أصدر المفوض السامي للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي موغيريني بيانا مشتركا مع وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا في السادس من الشهر الجاري، عبروا فيه عن أسفهم الشديد، من قيام الولايات المتحدة بإستئناف عقوباتها على إيران. وقال البيان أن الحفاظ على الاتفاق الشامل حول القضية النووية الإيرانية، يعد مسألة تتعلق باحترام الاتفاقيات الدولية، وأن الاتحاد الأوروبي والدول الثلاث سيعملان على حماية المصالح المشروعة بين الشركات الأوروبية وإيران. وأعلن الاتحاد الأوروبي عن أن اللوائح التي أصدرها في 7 اغسطس الجاري، تنص على أن "القوانين التي تفرضها الأجهزة الأجنبية، تفقد فاعليتها داخليا." مايعني بأن العقوبات الأمريكية، لن تطبق على الشركات العاملة داخل الإتحاد الأوروبي، كما لن تعترف بأي حكم قضائي يتعلق بتنفيذ العقوبات الأمريكية.
في هذا الصدد، قال صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الانسحاب الأمريكي المبكر من الاتفاقية قد أعاق حل القضية النووية الإيرانية وجعل الوضع في الشرق الأوسط أكثر تعقيدا. كما أن إستئناف العقوبات سيزيد من مستوى المتغيرات في الوضع. وسيتسبب في تأثيرات كبيرة على الوضع الإقليمي ووضع الإقتصاد العالمي.
من جهة ثانية، أضاف اسماعيل بأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية واستئنافها للعقوبات ضد إيران، يمثل سلوكا خطيرا ودون جدوى، ويواجه معارضة على نطاق واسع من المجتمع الدولي. "لحل القضية النووية الإيرانية، يجب على جميع الأطراف العودة إلى المسار الصحيح، لأن الأفعال الانفرادية للولايات المتحدة لن تؤدي إلا إلى تفاقم "أزمة الثقة الدولية."