تم تفعيل الحزمة الأولى من العقوبات التي إستأنفتها أمريكا ضد إيران، بعد ألغيت بموجب الإتفاق النووي. قبل ذلك، أسهم الخلاف المثار حول القضية النووية الإيرانية توترات مستمرة، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد مارس ضغوطا شديدة على إيران منذ توليه السلطة. لكن موقفه تغير فجأة، وأعرب عن استعداده للقاء القادة الإيرانيين. من جانبه، لم يمانع الجانب الايراني في إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة. مع ذلك، سيواجه الجانبان عقبات عديدة لاستئناف المفاوضات، بما في ذلك المناخ السياسي غير الملائم لاستئناف المفاوضات بين البلدين.
أمريكا تطالب بـ"تغيير" في السياسات الإيرانية، قبل التفاوض
صرّح ترامب في 30 يوليو الماضي، بإنه مستعد للقاء روحاني دون "شروط مسبقة". ولكن بعد هذا التصريح، أصدر غاريت ماركيز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بيانا قال فيه إن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات المفروضة على إيران أو تعيد إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية كاملة معها، "مالم يحدث تغيير واضح وحقيقي ومستمر في السياسات الإيرانية."
ورجّح بعض المحللين اعتماد الولايات المتحدة وسيلة التفاوض، لجس قدرة تحمّل الجانب الإيراني. لكن إلى حد الآن، لم تنجح سياسة "العصا والجزرة" التي ينتهجها ترامب تجاه إيران في تحقيق اهدافها. مع ذلك، لم يفقد ترامب الأمل في الاجتماع مع روحاني. وفي 4 أغسطس الجاري، قام بنشر تغريدة متناقضة على تويتر، قال فيها: "إن إيران واقتصادها يشهدان تدهورا سريعا. وليس مهمّا أن ألتقي أو لا ألتقي بروحاني---فالأمر يتوقف عليهم".
إيران: نعم للتفاوض، لكن ليس قبل عودة أمريكا إلى الإتفاقية
ردًا على اللقاء الذي اقترحه ترامب، قال مستشار الرئيس الإيراني، حميد أبو طالبي، أنه على الولايات المتحدة "احترام حقوق إيران" و "الحد من الأعمال العدائية" و"العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني". ورأى بأن ذلك سيمهد الطريق، للمفاوضات الصعبة بين الجانبين.
كما أكد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على أن إيران لديها القدرة على مواجهة العقوبات الأمريكية وعبور "الأوقات الصعبة". قائلا: " إن التهديد والعقوبات وغيرها من الوسائل المماثلة، لن تنفع مع إيران. لذا حاولوا احترام الإيرانيين، واحترام التعهدات الدولية."
ورأت تحاليل وسائل إعلام شرق أوسطية، أن تصريحات عدة مسؤولين رسميين ايرانيين، تعكس بأن إيران لم ترفض المفاوضات مع أمريكا.
إستأنفت الولايات المتحدة الأمريكية عقوباتها ضد إيران بعد أن إنسحبت من الإتفاق النووي، في مايو من هذا العام. وتقدر وسائل إعلام غربية بأن تتراجع صادرات إيران من النفط الخام بالثلثين، بحلول نهاية هذا العام بسبب العقوبات. لذلك، لا شك أن تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، ومعالجة القضية النووية، يعدّ خيارّا جيدا بالنسبة لإيران.
الرأي العام: حل القضية النووية الإيرانية، يجب أن يعود إلى مسار الدبلوماسية والتفاوض
لا يزال من غير الواضح حتى الآن، إن كان الرئيسين الإيراني والأمريكي سيجلسان على طاولة التفاوض، لمناقشة الاتفاق النووي الإيراني. وهوما يمثل اختبارًا رئيسًا للدبلوماسية الأمريكية، مع اقتراب موعد الإنتخابات النصفية.
في ذات السياق، قال الجانب الرسمي الإيراني أن الإتفاق إذا لم يحمي مصالح إيران، فإن إيران ستضطر للإنسحاب من الإتفاقية. غير أن موقع وول ستريت جورنال، ذكر مؤخراً، بأن العديد من المسؤولين الأوروبيين، قالوا بأن الحكومات الفرنسية والبريطانية والألمانية قامت بإبلاغ طهران بأنهم بصدد بحث إمكانية تفعيل حساب البنك المركزي الإيراني في بنوكهم، لفتح قناة مالية، بإمكانها حماية الإتفاق النووي. وهي ماتمثل أول خطوة ملموسة تتخذها أوروبا، في طريق الوفاء بالتزاماتها، وحماية الاتفاق النووي الإيراني. لكن ذلك قد يقوض جهود الحكومة الأمريكية في عزل طهران اقتصاديًا ويسهم في توتير العلاقات الأمريكية الأوروبية.
أضاف الخلاف الإيراني الأمريكي، مزيدا من الألغام إلى الوضع المتفجر في منطقة الشرق الأوسط. ورأت وسائل إعلام شرق أوسطية، أن الخلاف الإيراني الأمريكي، هو خلاف هيكلي، وأن عملية إستئناف المفاوضات بين الجانبين تواجه عدة عقبات. خاصة البيئة السياسية في البلدين، التي من الصعب أن تدفع بسرعة البلدين إلى إجراء مفاوضات ثنائية. ففي الجانب الإيراني، يتعرض كل مسؤول إيراني يحاول التواصل مع ترامب إلى حملة من الإنتقادات. أما من الجانب الأمريكي، سيتعرض ترامب إلى إنتقادات من الصقور وحلفائه الإقليميين، مثل السعودية واسرائيل، في صورة ما إلتقى روحاني. وهو مايصعب من مهمّة حل قضية النووي الإيراني.
يرى محللون أن خروج الوضع عن السيطرة، لايخدم مصالح أمريكا وإيران على حد السواء. كما أن الجانبين لايرغبان في رؤية الأحداث تخرج عن السيطرة. وهو مايدل على أن حل القضية النووية الإيرانية، يجب أن يعود إلى مسار الدبلوماسية والتفاوض، بدلاً من الضغوط أحادية الجانب.