人民网 2018:04:14.15:49:14
الأخبار الأخيرة

تحليل إخباري: الضربات على سوريا ... أهداف ودوافع مختلفة

/مصدر: شينخوا/  2018:04:14.15:47

    اطبع
تحليل إخباري: الضربات على سوريا ... أهداف ودوافع مختلفة

بكين 14 أبريل 2018 /قامت قوات من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا اليوم (السبت) بتنفيذ ضربات وصفتها هذه القوات بالدقيقة، ضد منشآت سورية قالت إنها عسكرية.

وتأتي هذه الضربات الأمريكية البريطانية الفرنسية على سوريا، على خلفية اتهام الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأسبوع الماضي الجيش السوري باستخدام أسلحة كيماوية في هجوم على مدينة دوما، التي كانت تحت سيطرة المسلحين بالغوطة الشرقية بريف دمشق.

ويرى خبراء ومحللون أن أهداف ودوافع هذه الهجمات مختلفة باختلاف أهداف منفذيها، وأن ما تفكر به الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، هو ضربة محدودة ودقيقة ومنسقة وليست حربا شاملة ضد سوريا أو التورط في الأزمة السورية، التي يخشى المحللون أنها ستزيد من توتر الوضع في منطقة متوترة أصلا ، بما يهدد السلام والاستقرار العالمي.

الولايات المتحدة:

وأشار المحللون إلى أن لدى الولايات المتحدة 3 أهداف وراء هذه الضربة العسكرية: الأول هو تقوية العلاقات مع الحلفاء، والثاني هو تقليص النفوذ الإيراني والروسي، والثالث هو استعراض قوتها في المنطقة.

قالت مهى يحيى، مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إنه اختلافا عن المرة الماضية، حيث أطلقت الولايات المتحدة 59 صاروخ توماهوك على قاعدة عسكرية سورية إثر هجوم كيماوي مزعوم في بلدة خان شيخون في أبريل 2017، تأتي هذه المرة لتكون الضربات العسكرية مشتركة وأهدافها متعددة.

ومضت يحيى تقول إن الوضع الميداني في سوريا لن يتغير كثيرا بضربة عسكرية واحدة، وقد فاتت الفرصة لإسقاط الحكومة السورية بوسيلة عسكرية. المهم هو السياسات التي ستتخذها الولايات المتحدة بعد الضربة العسكرية، مؤكدة أن التشاور الدبلوماسي الشامل هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية.

وأشار ليو تشونغ مين، رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، إلى أن سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تتميز بالنفعية والانتهازية ، وفقدت الأخلاقيات ، وشهدت استراتيجيتها ضعفا منذ تولي ترامب منصبه رئيسا لأمريكا ، واتخاذه عدة خطوات مثيرة للخلاف بما فيها إعلان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومنع دخول مواطني عدة دول مسلمة للولايات المتحدة، وتهديد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني .

بيد أنه لفت إلى أن الملف السوري لم يكن محور سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وظل موقف الولايات المتحدة تجاه سوريا مترددا ومتناقضا: فتارة لا ترغب أمريكا في رؤية تنامي النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة، كما لا ترغب في رؤية ذلك إسرائيل والسعودية، ثم يعلن ترامب أنه سينسحب قريبا من سوريا ثم يتراجع عن إعلانه . وتارة أخرى، يأتي شن هذه العملية العسكرية الواسعة النطاق نسبيا في سوريا، وسيتعرض بالتأكيد لضغوط ومعارضة كبيرة داخليا ودوليا، نظرا لفشل الولايات المتحدة وتدخلاتها في حربي العراق وأفغانستان.

ورأت بعض التحليلات أن تهديد ترامب بالضربة العسكرية وتنفيذها يهدف إلى تحويل الانتباه عن مشاكله الداخلية وتخفيف الضغوط السياسية التي يتعرض لها على عدة جبهات في بلاده. ومازال يواجه ضغوطا في قضية التحقيق بعلاقة روسيا المحتملة مع حملته لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، كما أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد داهم مكاتب مايكل كوهين المحامي الشخصي لترامب يوم الإثنين الماضي، وهو ما اعتبر ضربة قاسية له.

وشهد العام الماضي تغيرات وتقلبات في فريق القيادة لإدارة ترامب، الأمر الذي لا يعكس تغيرات بأسلوب السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط فحسب، بل يعني أيضا فوضى وارتباك وتناقض في مواقف الإدارة الأمريكية. ثم جاء تعيين مايك بومبيو وزيرا للخارجية، وجون بولتون مستشارا للأمن القومي، وكلاهما يعتبر من "صقور الحرب"، وهو ما يمكن أن يقود إلى مزيد من "العدوانية وعدم اليقين" في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط في المستقبل.

وخلال جلسة الاستماع في لجنة الشؤون الدولية بمجلس الشيوخ، يوم الخميس، اعتبر بومبيو بهذا الخصوص أن روسيا تمثل خطرا على الولايات المتحدة، قائلا "في حال تمت الموافقة على تعييني في منصب وزير الخارجية، فاسمحوا لي أن أؤكد أن الإدارة الحالية ستستمر، كما فعلت خلال الأشهر الـ 15 الماضية، باتخاذ خطوات حقيقية للتصدي (لتصرفات موسكو)، وذلك من أجل إعادة إطلاق سياسات الردع تجاه روسيا". وأكد أن سوريا "تمثل خطرا على حقوق الإنسان والأمن القومي والاستقرار في المنطقة، وتستحق ردا قاسيا جدا".

فرنسا وبريطانيا:

من المقرر أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الولايات المتحدة في الشهر المقبل، بينما يواجه حاليا إضرابا كبيرا في البلاد ضد إصلاحاته. ففي هذه المناسبة، بالنسبة لفرنسا، قد يسهم إطلاق ضربات عسكرية سريعة ودقيقة بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، في تخفيف الضغوط الداخلية على حكومة ماكرون، وتعزيز العلاقات مع الحلفاء. وعلى المدى الطويل، يمكن إظهار النفوذ الفرنسي في المنطقة ودفع استراتيجية "برنامج البحر الأبيض المتوسط".

ويعد هذا البرنامج محور السياسات الدبلوماسية لفرنسا منذ عهد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ويهدف البرنامج لتوحيد مواقف دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب أوروبا. وأبدى ماكرون رغبة شديدة في شؤون دول البحر الأبيض المتوسط بعد توليه منصب الرئاسة الفرنسية، وربما سعى لدفع المصالحة السياسية بين الفصائل الليبية للحفاظ على تصدير نفطها إلى جنوب أوروبا، كما توسط في الأزمة اللبنانية والأزمة بين قطر ودول الخليج الأخرى .

وأشارت مهى يحيى إلى أن ماكرون يسعى للحفاظ على مكانة بلاده كدولة عالمية كبيرة والاستقلال الدبلوماسي، وإعادة تشكيل القوى القيادية في المنطقة.

أما بريطانيا فصارت الأزمة السورية فرصة لتعزيز علاقاتها مع حلفائها التقليديين على خلفية خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتأتي هذه التطورات أيضا في ظل جدل دبلوماسي حاد مع روسيا حول قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا، وما تعانيه حكومة ماي أصلا من ضغوط من المعارضة بسبب بريكست وانقيادها التقليدي مع السياسات الأمريكية، وقضايا داخلية أخرى.

لقد قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم (السبت) إنها فوضت القوات المسلحة البريطانية بشن "هجمات منسقة وهادفة" على سوريا، ردا على هجمات مزعومة بالأسلحة الكيميائية في سوريا.

ويرى محللون بأنه قد تم تنفيذ هذه الضربات خارج نطاق تفويض مجلس الأمن الدولي، في سيناريو يتكرر لما حدث في العراق وأفغانستان على أساس حجج واهية تم التأكد من أنها غير واقعية، وهناك دعوات تحث على التعقل والتحقيق الشامل والتحرك على أساس نتائج التحقيق، ولكن الحلفاء منفذي هذه الضربات، ضربوا أيضا هذه الدعوات عرض الحائط ، وتجاهلوا مجلس الأمن الدولي، ونفذوا ضرباتهم التي يزعمون أنها "دقيقة وهادفة". ولكن من يستطيع ضمان أنها لا توقع ضحايا مدنيين أو لا تنشر غازات سامة من المواقع التي يتم قصفها، أو أنها لا تبث الرعب والرهبة القاتلة في نفوس المدنيين في دمشق التي تتعرض للقصف. إنها تساؤلات مشروعة من الصعب إيجاد أجوبة لها في ظل قانون الغاب الغربي هذا.

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×