عدن 20 مارس 2018 / بعد نحو ثلاث سنوات من الصراع الدامي في اليمن الفقير، تعاني العديد من الاسر اليمنية من الارتفاع السريع لاسعار السلع الأساسية التي تؤثر سلبا على حياتهم.
وتسيطر قوات الحكومة الشرعية على مدينة عدن (وتتخذها مقرا مؤقتا لها)، إلى جانب سيطرتها على عدد من المحافظات في الجنوب اليمني، ويشعر المواطنون في تلك المحافظات المحررة من مسلحي الحوثي بالامان على الرغم من الهجمات الارهابية التي تحدث بين الحين والاخر.
لكن فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، فإن آلاف الأسر في تلك المحافظات المحررة تشعر بعدم الأمان، حيث ترتفع أسعار الاحتياجات الأساسية شهرا بعد شهر.
وأجبرت الأسعار المرتفعة عددا من الاسر اليمنية على ممارسة تقنين الطعام من خلال تناول وجبة واحدة في اليوم.
وخلال الاسابيع الماضية، زادت تكلفة اسعار عدد من المواد الغذائية الضرورية اليومية بشكل حاد، مما خلق حالة من الغضب والخوف.
ويقول أحمد جمال، وهو موظف في الشركة العامة للإلكترونيات في عدن، "نحن غير قادرين على تحمل كلفة شراء السكر والأرز المستورد من مختلف البلدان ولا سيما في هذا العام".
وأضاف "هناك اسباب غير معروفة وراء الارتفاع الهائل في اسعار المواد الغذائية في عدن هذه الايام".
بدوره، قال مالك سوبر ماركت لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "السبب الرئيسي وراء ارتفاع الاسعار هو ارتفاع تكاليف الحصول على البضائع من الدول الخارجية".
وأضاف "الموردون رفعوا أسعارهم بحجة مواجهة انخفاض وتيرة التغيرات في العملة (الريال) اليمنية".
وتابع قائلا "مستوردو السلع المهمة مثل الأرز والسكر يجبرون على الحصول على الدولار الأمريكي من السوق السوداء باسعار مرتفعة بسبب النقص في العملات الأجنبية باليمن".
وتدهور أخيرا سعر صرف الريال اليمني مقابل جميع العملات الاجنبية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الامريكي الواحد حاجز الــ500 ريال، بعد ان كان مستقرا، عند سعر 215 قبل بدأ الحرب في البلاد.
واتهم مواطنون الحكومة في عدن بضعف الرقابة والاشراف على التجار أو المستوردين الكبار.
يقول صالح صدام، وهو صاحب بقالة في حي المنصورة بعدن "أسعار المواد الغذائية ليست متشابهة في كل متجر في المدينة وهناك فرق كبير بين كل منها".
وأضاف "يمكنك شراء كيس من الأرز أو الدقيق بسعر محدد من هذا المتجر لكنك ستجده بسعر مختلف في مكان آخر في نفس الحي".
ويؤكد عبد الله علي، وهو متخصص في مجال التسويق، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "العوامل الكامنة وراء زيادة السلع الأساسية مرتبطة كلها بالوضع السياسي الأخير والحرب الدائرة في البلاد".
وأضاف "الوضع الاقتصادي يتدهور يومًا بعد يوم ومن الطبيعي أن تتضاعف أسعار كل شيء".
وإلى جانب ارتفاع اسعار المواد الاساسية، يشكو الآلاف من ركاب النقل العام في مدينة عدن من ارتفاع أسعار وسائل النقل، نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في المدينة.
وتحدث حمدي رضا، وهو سائق باص اجرة، في عدن، ان الحصول على 20 لترا من مادة البنزين يتطلب الوقوف في طابور طويل لمدة قد تصل إلى نحو ثماني ساعات أمام محطة التزود بالوقود.
وأضاف "أحيانا ندخل في مشاجرات مع الركاب الذين يرفضون دفع أجور مرتفعة ونشعر بالعجز.. نحن جميعا ضحايا".
كما تخلى عدد من الطلاب عن الذهاب إلى المدارس، بينما ترك آخرون جامعاتهم بسبب ارتفاع أسعار وسائل النقل العام في عدن والمحافظات المجاورة لها.
وقال تميم شمسان، وهو طالب في كلية التربية بجامعة عدن، "الانتقال إلى الحرم الجامعي والعودة إلى منزلك أمر صعب في الوقت الحاضر".
وأضاف "بعض زملائي لا يحضرون المحاضرات لأن عائلاتهم لا تستطيع تحمل تكاليف التنقل".
وتابع "اضطر عدد من الطلاب إلى مغادرة الكلية للبحث عن عمل بدلاً من الدراسة".
وتشهد اليمن حربا للعام الثالث على التوالي بين القوات الحكومية مدعومة من تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية من جهة، وبين مسلحي جماعة الحوثي الشيعية - تتهمها الحكومة والتحالف بتلقي الدعم من ايران - من جهة أخرى.
وشن التحالف العربي عملياته العسكرية ضد الحوثيين بطلب من الحكومة الشرعية اليمنية في 26 مارس 2015، وتمكنت القوات الحكومية التي يدعمها التحالف من استعادة عدد من المحافظات من سيطرة مسلحي الحوثي بما في ذلك مدينة عدن التي اعلنها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة لليمن.
كما فرض التحالف اجراءات على جميع المنافذ اليمنية (جوية وبرية وبحرية) لمنع وصول الاسلحة إلى الحوثيين، واثر ذلك على حركة التجارة لليمن.
وما يزال الحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني ويخوضون حربا ضد القوات الحكومية في عدد من المحافظات.
وبحسب التقديرات فان الحرب المستمرة منذ نحو ثلاثة اعوام تسببت بنزوح نحو 3 ملايين يمني، ودخول نحو 21 مليون يمني (من أصل 25 مليون) مرحلة الحاجة للمساعدات الاساسية.
وحذرت منظمات دولية من ان نحو 7 ملايين يمني باتوا على حافة الجوع.